كنيسة المهد في بيت لحم تبكي غزة بعيد الميلاد

كنيسة المهد في بيت لحم تبكي غزة بعيد الميلاد

26 ديسمبر 2023
مغارة بيت لحم "تحت الأنقاض" بدلاً من شجرة الميلاد وسط الحرب على غزة (Getty)
+ الخط -

أجواء من الحزن والحداد تخيّم على مدينة بيت لحم جنوبي الضفة الغربية المحتلة، ولا سيّما كنيسة المهد حيث وُلد السيد المسيح، على خلفية استمرار الحرب الإسرائيلية المدمّرة على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

وقد حلّ عيد الميلاد حزيناً هذا العام، إذ اغتالت فرحته الأعمال العدائية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في حقّ قطاع غزة المحاصر وأهله الفلسطينيين، بحسب ما يؤكده مواطنوهم في الضفة الغربية المحتلة. وفي اليوم الثاني لعيد الميلاد الذي يحلّ فيه عيد تهنئة العذراء مريم، يدخل مصلّون معدودون ورجال دين إلى كنيسة المهد وسط حركة شبه مشلولة.

وفي ساحة كنيسة المهد، أُقيم نصب مغارة مهدّمة، في إشارة إلى الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وذلك في الموقع نفسه الذي كانت تُنصَب فيه شجرة الميلاد البهيّة الشامخة التي تُعَدّ واحدة من أجمل أشجار الميلاد في العالم.

يُذكر أنّ بلدية بيت لحم كانت قد اتّخذت قراراً بإلغاء احتفالات عيد الميلاد، بما في ذلك نصب شجرة الميلاد وإضاءتها، واقتصار العيد على الطقوس الدينية في خطوة تضامنية مع فلسطينيي قطاع غزة الذين يعانون من الحرب الإسرائيلية.

كنيسة المهد تبكي

بعد أداء صلاتها في كنيسة المهد، في ثاني أيام عيد الميلاد، تشير رويدا برهم (38 عاماً) لوكالة الأناضول إلى أنّ "الكنيسة كأنّها تبكي، وهذه المرّة الأولى التي نشعر فيها بهذا الأمر".

تضيف برهم أنّ "مشاعرنا كما بقية الشعب الفلسطيني. صلّينا في الكنيسة وزرنا مغارة الميلاد، لكنّ الكنيسة تبدو وكأنّها تبكي. للمرّة الأولى نرى الكنيسة تخلو من المصلّين والحجّاج، في حين تغيب أجواء العيد والفرح". وتؤكد: "كلّ شيء حزين، كلّ شيء في فلسطين يبكي غزة".

وتتابع المرأة الفلسطينية أنّ "أجدادنا عاشوا هذين الحزن والألم، ونحن اليوم نعيشهما كذلك من جرّاء الاحتلال. ونصلّي ليتمكّن أحفادنا من عيش أجواء الأمن والسلام من دون احتلال فيعرفوا الفرح". وتكمل برهم: "نقول للعالم: يكفي هذا القتل! نحن شعب يستحق عيش الفرح".

أصعب الأعياد في فلسطين

بدوره، يقول جاك جقمان (59 عاماً) إنّ "هذا العيد يمرّ علينا في أصعب السنوات"، مشيراً إلى أنّ القتل الذي يستهدف فلسطينيي قطاع غزة بطريقة غير مسبوقة "قتل فينا فرحة الميلاد".

يضيف جقمان لوكالة الأناضول: "الوضع في فلسطين صعب عموماً"، متحدّثاً عن "الحرب على غزة والاقتحامات في الضفة الغربية". ويتابع أنّ "في ليلة الميلاد قُتل أطفال واقتُحمت مدن".

ويعبّر الفلسطيني الخمسيني عن أمله بأن "يوفّر العالم الغذاء والدواء لغزة"، مشدّداً على أنّ "كلّ من يشاهد هذه الحرب ولا يأتي بأيّ فعل فهو شريك فيها".

أمّا سيف صبح (29 عاماً) فيؤكد بدوره أنّ "هذا العام يمرّ حزيناً على بيت لحم ومهد المسيح صاحب رسالة السلام، من جرّاء الحرب الإسرائيلية التي تستهدف الكلّ الفلسطيني، خصوصاً في قطاع غزة".

وكما حال الفلسطينيين الآخرين الذين التقتهم وكالة الأناضول، يشدّد صبح قائلاً: "نتمنى أن توقف الحرب ويعود السلام".

الصورة
مغارة بيت لحم تحت الأنقاض وسط الحرب على غزة ودعوة إلى وقف الإبادة الجماعية (إكس)
دعوة إلى وقف الإبادة الجماعية في حقّ فلسطينيي غزة من ساحة كنيسة المهد (إكس)

الحزن يلفّ كنيسة المهد

في الإطار نفسه، يقول الأب عيسى ثلجية، كاهن رعية الروم الأرثوذكس في بيت لحم، لوكالة الأناضول إنّ "أجواء بيت لحم حزينة". ويؤكد: "لم نرها قط حزينة كما اليوم؛ لا زينة ولا احتفالات ولا شجرة ميلاد ولا موسيقى ولا كشافة ولا أيّ مظهر يدلّ على البهجة والعيد".

يضيف ثلجية: "من قلب مدينة الميلاد، مدينة بيت لحم وكنيسة المهد بالذات، نبعث برسالة محبّة وسلام على الرغم من الألم والدمار والحرب".

وعلى الرغم من إقرار ثلجية "نحن في وضع صعب جداً"، فإنّه يشدّد "نحن صامدون". ويتابع: "نحن في مدينة بيت لحم نرفع أدعيتنا إلى ربّنا حتى يعطينا السلام، ويستطيع الناس العيش بحرية وسلام، وأن يتمكّن أطفال بيت لحم وقطاع غزة من العيش في حرية".

ويكمل كاهن رعية الروم الأرثوذكس في بيت لحم: "أبعث برسالة إلى قطاع غزة وكلّ العالم، خصوصاً إلى هؤلاء الذين يعيشون وضعاً صعباً، نحن نصلّي لكم من داخل كنيسة المهد، ونحن معكم قلباً وقالباً في ظلّ الظروف التي تعيشونها". ويوضح: "رسالتنا إلى أهل الصمود أهل العِزّة في غزة: نحن معكم دائماً وأبداً".

تجدر الإشارة إلى أنّ الضفة الغربية المحتلة تشهد تصاعداً في عمليات قوات الاحتلال الإسرائيلي، بالتزامن مع الحرب المستمرة على قطاع غزة، وقد قتل الاحتلال 305 فلسطينيين منذ السابع من أكتوبر الماضي. أمّا في قطاع غزة، فقد خلّفت الحرب الإسرائيلية الشرسة والمتواصلة لليوم الحادي والثمانين، 20 ألفاً و915 شهيداً إلى جانب 54 ألفاً و918 جريحاً، معظمهم أطفال ونساء، بحسب بيانات وزارة الصحة في غزة الصادرة أمس الاثنين، بالإضافة إلى دمار هائل في البنية التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة وفقاً للسلطات الفلسطينية في القطاع المحاصر والمستهدف وكذلك الأمم المتحدة.

(الأناضول، العربي الجديد)

المساهمون