قصص معاناة أقارب أيزيديين خطفهم "داعش"

قصص معاناة أقارب أيزيديين خطفهم "داعش"

25 ابريل 2023
يضمّ مخيم الهول أكثر من خمسين ألف شخص (دليل سليمان/فرانس برس)
+ الخط -

في أغسطس/ آب 2014، اجتاح تنظيم "داعش" جبل سنجار في شمال العراق، حيث تعيش غالبية من الأقلية الأيزيدية الناطقة بالكردية التي تعرضت للقتل والاضطهاد على يد التنظيم خلال سيطرته على المنطقة بين عامي 2014 و2017. وقتل مقاتلو التنظيم آلافاً من أفراد هذه الأقلية، وسبوا نساءها وجنّدوا أطفالها. وخطف التنظيم 19 فرداً من أقارب خالد تعلو (49 عاماً)، هم أخوه وأخته وأزواجهم وأطفالهم وأحفادهم.

ويقول الكاتب والإعلامي المقيم في ناحية شاريا بمحافظة دهوك في كردستان العراق منذ هربه من سنجار: "اقترضنا المال قدر استطاعتنا من هنا ومن هناك، دين قرض زكاة من أجل إخراجهم". في مقابل فدية، تمكّن خالد في غضون سبع سنوات من إطلاق سراح عشرة أشخاص، آخرهم حفيدة شقيقه في فبراير/ شباط 2022 التي عثر عليها في مخيم الهول في سورية.

ويضمّ مخيم الهول الذي تديره "قوات سوريا الديمقراطية"، وعمادها المقاتلون الأكراد الذين شكلوا رأس حربة في محاربة التنظيم المتطرف، أكثر من خمسين ألف شخص، بينهم أفراد عائلات مقاتلين في صفوف التنظيم. وغالباً ما يشهد حوادث أمنية واغتيالات وعمليات تهريب من كل نوع، ويجد المقاتلون الأكراد صعوبة في ضمان الأمن فيه، على الرغم من العمليات الدورية التي يُعثر خلالها على مخابئ أسلحة وغيرها من السلع المهربة.

ويوضح تعلو أنه فاوض على عمليات الإفراج بأسعار متفاوتة ومرتفعة "عبر شبكات من المهربين في داخل العراق ولهم شبكات في سورية متخصصة في هذه القضية". في المجموع، يقول إنه دفع ما يقرب من 100 ألف دولار.

وقُتل اثنان من أقاربه بينما كانا في الخطف في قصف جوي في سورية، فيما لا يزال خمسة آخرون في عداد المفقودين. ويقول تعلو: "ما زلنا نبحث، نحن لم نفقد الأمل".

عيوننا على الطريق

بعد هجمات تنظيم "داعش" عام 2014 واحتلاله مناطق شاسعة في سورية والعراق بثلاث سنوات، أعلن العراق عام 2017 الانتصار على التنظيم الذي فقد آخر معاقله في سورية عام 2019. وحتى اليوم، تُستخرَج جثث من مقابر جماعية في سنجار. ولا يزال أكثر من 2700 شخص في عداد المفقودين، وفقاً للمنظمة الدولية للهجرة (IOM). وتقول: "البعض لا يزالون محتجزين لدى تنظيم "داعش". وآخرون مكان وجودهم غير معروف". بين هؤلاء جاسم عنتر، زوج بهار إلياس، وابنها أحمد الذي لم يكن قد أتمّ التاسعة عشرة عندما خطفت الأسرة في أغسطس/ آب 2014 من سنجار، وفُصل الأب والابن عن المجموعة.

وبعدما دفع أقاربها 22 ألف دولار فدية للوسطاء، أُطلق سراح بهار إلياس مع أبنائها الثلاثة الصغار. وحتى اليوم، تترقّب بهار إلياس عودة زوجها وابنها المفقودين. وتقول: "منذ ثماني سنوات ونحن نقيم في مخيم وعيوننا تراقب الطريق علّهما يعودان". وتضيف بهار التي تقيم منذ عودتها من الأسر في مخيم شاريا للنازحين في محافظة دهوك بكردستان العراق، بينما تحمل صور زوجها وابنها: "نأمل من كل دول العالم أن تساعدنا في معرفة مصير أسرانا إن كانوا لا يزالون على قيد الحياة أو أمواتاً كي نرتاح من هذا الألم".

تتابع بصوت خافت حزين: "أصبحنا كالمجانين، روينا قصصنا لمائة قناة تلفزيونية، لكن لم يتغير أي شيء بوضعنا، ولا نعرف ماذا نفعل وأين نذهب ولمن نلجأ".

لم يعد هناك شيء

ويقول مدير مكتب "إنقاذ المختطفين" الحكومي في أربيل حسين قائيدي: "بحسب الإحصاءات الرسمية المتوافرة لدينا، خطف تنظيم داعش في أثناء غزوه سنجار 6417 أيزيدياً من كلا الجنسين. حتى الآن، حُرِّر 3562 منهم من مناطق مختلفة من العراق وسورية وتركيا، فيما لا يزال مصير 2855 منهم مجهولاً". يضيف: "لدينا فريق خاص بمتابعة وجمع المعلومات المتوافرة يعمل من أجل تأمين تحرير بقية المختطفين وحتى آخر مختطف والعودة إلى أهاليهم".

في ناحية شاريا، أعادت هيام صبري (26 عاماً) بناء حياتها وتزوجت مروان، شقيق ليلى الأيزيدية التي التقتها في أحد سجون تنظيم "داعش" في سورية، وبات لهما طفلان. طلبا اللجوء الى أستراليا حيث تنتظرهم عائلة هيام. ولا تزال الشابة تتذكر يوم الثالث من أغسطس/ آب 2014 عندما خطفها عناصر تنظيم الدولة مع والديها وشقيقاتها الخمس وشقيقيها. بالنسبة إلى الفتاة التي كانت تبلغ من العمر 17 عاماً آنذاك، بدأت محنة طويلة عبر أراضي الخلافة في تلعفر وبادوش وأخيراً الرقة في سورية في مايو/ أيار 2015. بيعت هيام وليلى لسوري وعراقي من التنظيم في مدينة الرقة السورية.

بعد أربعة أشهر، تنازل السوري عن هيام لرجل داغستاني من التنظيم. وفي محاولتها الثانية، تمكنت من الهرب لتنهي عاماً ونصف عام من الأسر. نجحت عبر مهربين أخيراً في الوصول إلى كردستان العراق. وتقول هيام من منزل متواضع في شاريا غير بعيد عن المخيم: "لا شيء ينتظرنا في سنجار. إذا عدت، فأصدقائي لن يكونوا هناك، ولا الأشخاص الذين أعرفهم، قُتل بعضهم، ولا يزال آخرون أسرى لدى تنظيم الدولة الإسلامية، فيما هاجر آخرون. لقد تغير كل شيء". على معصمها، وبينما تداعب رأسي طفليها دانييل (3 أعوام) ودانييلا (4 أعوام)، يظهر واضحاً وشم بكلمة "الحرية". 

(فرانس برس)

المساهمون