غزة تغرق في الظلام... بعد الدماء

غزة تغرق في الظلام... بعد الدماء

11 أكتوبر 2023
ألحق القصف أيضاً أضراراً كبيرة بشبكات الكهرباء (محمود الهمص/ فرانس برس)
+ الخط -

لم يكفِ إغراق الاحتلال الإسرائيلي قطاع غزة ببحر دماء عبر قتله أكثر من ألف فلسطيني وجرحه الآلاف في قصف جوي وبري لم يتوقف، إذ زاد آلام الفلسطينيين من خلال قطعه التيار الكهربائي بعدما أوقف إدخال الوقود اللازم لتشغيل محطة توليد الكهرباء الوحيدة في القطاع، ما يعني فقدانهم كل مصادر الطاقة.
وفيما أعلن رئيس سلطة الطاقة في غزة، جلال إسماعيل، أن محطة توليد الكهرباء ستتوقف عن العمل بالكامل عند الساعة الثانية من ظهر اليوم بسبب نفاد كميات وقود تشغيلها، تجوّل نور خفاجة، بالتزامن مع قصف جوي يتواصل من دون أي إنذار وتحذير، في أحد شوارع مدينة خان يونس جنوبي غزة بحثاً عن محل تجاري لمصادر الطاقة البديلة رغم الخطر الكبير الذي يتهدد حياته.

ويقول خفاجة لـ"العربي الجديد: "لم تصل الكهرباء إلا لـ4 ساعات يومياً، والآن لن نحصل عليها بالكامل، لذا نبحث عن بدائل لإضاءة ليالي أطفالنا، خصوصاً حين يحصل قصف أو انفجارات في محيط المنزل، كي لا يواجهوا القصف والظلام في الوقت ذاته".
يُضيف: "لدي بطاريات كهربائية تحتاج إلى طاقة لشحنها، أما الآن فقد لا تنفعنا بشيء، وأنا مضطر إلى شراء أي مصدر إضاءة بديل لاستخدامه في حالات الطوارئ خلال ساعات الليل. يجب كرب أسرة أن أخفي خوفي وفزعي، وأحاول طمأنة من حولي إلى أن الوضع سيكون على ما يرام، وهذه مهمة كبيرة جداً لا أنجح فيها دائماً".
من جهته، يضطر الصحافي أحمد عليان إلى المبيت عند مدخل مستشفى يومياً لمحاولة الحصول على مصدر للكهرباء يسمح بتشغيله جهاز الكمبيوتر الخاص به، وبالتالي إرسال مواده الصحافية إلى مؤسسته. ويقول لـ"العربي الجديد": "تركت عائلتي في هذه الظروف، ولجأت إلى المستشفى الذي لا تزال الكهرباء تتواجد فيه نتيجة توفر احتياطي وقود قد يكفي مولدات الكهرباء أياماً عدة، لكن حتى كهرباء المستشفى ستتوقف في نهاية المطاف، وسننقطع عن العالم بالكامل خلال أيام".

الصورة
تعود مشاكل كهرباء غزة إلى ما قبل الحرب الحالية (علي جاد الله/ الأناضول)
تعود مشاكل كهرباء غزة إلى ما قبل الحرب الحالية (علي جاد الله/ الأناضول)

أما الحاجة نورة الشاعر فأجبرت على المخاطرة بنفسها عبر إشعال أعواد حطب في فناء منزلها لطهي الطعام وإعداد الخبز، في ظل عدم وصول موزعي الغاز لأخذ أنابيب فارغة لتعبئتها، في حين لا توجد كهرباء لتشغيل أفران الخبر الكهربائية اليدوية في المنازل. وتقول لـ"العربي الجديد": "وصلنا إلى العصر الحجري بسبب حصار الاحتلال. ما ذنبنا أن تنقطع عنا الكهرباء والماء والغاز وكل شيء. أصبحت كل حياتنا على النار، وأخشى أن يفكر الاحتلال الإسرائيلي أن دخان النار الذي أطهي عليه انبعاث صاروخ فيقصفني. وفي كل حال نحن أموات بالقصف أو بالجوع".
وقال المكتب الإعلامي الحكومي، اليوم الأربعاء: "سيواجه قطاع غزة كارثة إنسانية مؤكدة مع توقف محطة توليد الكهرباء بالكامل خلال ساعات جراء نفاد الوقود". وذكر أن "توقف محطة الكهرباء عن العمل بالكامل ينذر بغرق القطاع في ظلام دامس، واستحالة استمرار تقديم كل الخدمات الحياتية الأساسية التي تعتمد كلها على الكهرباء، والتي لن يتسنى تشغيلها جزئياً أيضاً باستخدام مولدات بسبب منع إمدادات الوقود من بوابة رفح".
وأكد أن "الوضع الكارثي يخلّف أزمة إنسانية لجميع سكان قطاع غزة، والتي يزيد تفاقمها مواصلة عدوان الاحتلال، وتدميره أحياءً سكنية كاملة بمئات الأطنان من المتفجرات، وقصفه منازل المواطنين فوق رؤوسهم، وهو ما يمكن وصفه بأنه جريمة العقاب الجماعي الاكثر قذارة ضد المدنيين العزل التي عرفها التاريخ الحديث".

وأطلق المكتب نداء استغاثة عاجلا جداً إلى المجتمع الدولي ومنظماته الإنسانية والإغاثية، لمطالبته بالتحرك السريع لإيقاف الجريمة ضد الإنسانية والقتل الجماعي متعدد الأشكال، وتداعيات منع دخول الإمدادات، وعدم ترك سكان غزة رهينة أدوات القتل التي يستخدمها الاحتلال.
ويبلغ متوسط احتياجات قطاع غزة من الكهرباء 550 ميغاواط، بينما كان يتوفر منها حتى يوم الجمعة الماضي، نحو 205 ميغاواط. وتلجأ شركة الكهرباء في القطاع منذ 2010 إلى نظام المداورة في إمدادات الطاقة، عبر تشغيلها في أماكن وفصلها عن أماكن أخرى، لتلبية احتياجات السكان. وتتوزع مصادر الطاقة في غزة بواقع 65 ميغاواط من شركة توليد الكهرباء، و120 ميغاواط من إسرائيل، إلى جانب 20 ميغاواط من مصادر الطاقة الشمسية. وكان خط للكهرباء من مصر يمد غزة بكمية 30 ميغاواط، لكنّه متوقف عن العمل منذ عام 2018.

المساهمون