عودة أول دفعة من الطلبة المغاربة في أوكرانيا

03 مارس 2022
تسبّبت الحرب الدائرة في أوكرانيا بمعاناة قاسية لمئات الطلاب المغاربة (أرشيف/Getty)
+ الخط -

عاد العشرات من الطلبة المغاربة، الذين كانوا يتابعون دراستهم في أوكرانيا، ليل الأربعاء، إلى البلاد، بعد رحلة طويلة من المعاناة هربا من جحيم الحرب، في حين لا تزال عشرات العائلات تترقب مصير أبنائها وذويها في ظل وضع ينحو نحو المزيد من التصعيد والتوتر.

وتمكنت السلطات المغربية من إجلاء الدفعة الأولى المكونة من 480 شخصا، غالبيتهم من الطلاب، بعد أسبوع على الاجتياح الروسي لأوكرانيا، عبر 3 رحلات جوية لشركة الخطوط الجوية الملكية المغربية انطلقت على التوالي من مطار وارسو ببولندا ومطار بوخارست برومانيا، ومطار بودابست هنغاريا، في خطوة أولى يؤمل أن تنهي معاناة المئات من المغاربة الذين وجدوا أنفسهم عالقين في جحيم الحرب.

وعاش مطار محمد الخامس بمدينة الدار البيضاء، ليل الأربعاء، لحظات إنسانية مؤثرة امتزجت فيها الابتسامات بالدموع والفرح بالحزن، بعد أيام عصيبة ألقت بظلالها السوداء على المئات من الأسر المغربية التي عانت الأمرين جراء الأخطار التي هددت فلذات أكبادها جراء اندلاع القتال في أوكرانيا.

ولم تستطع السيدة أحلام إخفاء دموع الفرح بنجاة ابنها وعودته أخيرا إلى المغرب، وقالت  لـ"العربي الجديد ": "بوسعكم أن تتخيلوا مدى الخوف الذي انتابني طيلة الأيام الماضية على مصير ابني، لكني اليوم، بفضل الله وجهود السلطات، أعتبر نفسي أسعد إنسانة في العالم بعودته سالما من الديار الأوكرانية"، مضيفة:" أرجو من الله سبحانه وتعالى أن يوفق باقي الطلاب العالقين في العودة إلى أسرهم سالمين. الأهم اليوم هو سلامتهم وبعد ذلك يأتي الحديث عن مستقبلهم الدراسي".

وفيما لا تخفي عائلات الطلاب المغاربة سعادتها بنجاتهم، فإن شهادات عدد من العائدين تكشف عن صنوف من المعاناة التي ذاقوها خلال الأيام الماضية خلال رحلة الفرار من أهوال الحرب.

وتقول الطالبة إيمان  لـ"العربي الجديد ": "كنا بين المطرقة والسندان، وعشنا وضعا مرعبا لم نشهده من قبل. إلى حد الساعة، لا أصدق أني نجوت ونجحت في العودة إلى الوطن. أتمنى من الطلبة الذين لا يزالون هناك أن يسارعوا للمغادرة لأن الأمور على الأرض لا تبشر بالخير".

وتتابع: لقد كانت تجربة قاسية لنا كطلاب ولأسرنا مع صفارات الإنذار والقصف، وفي الحدود مع رومانيا، حيث قضينا 3 أيام بدون نوم ولا أكل وفي أوضاع لاإنسانية، واضطررنا للسير ساعات طويلة على الأقدام، كما كنا عرضة للأخطار في كل حين قبل أن نفلح في الدخول إلى الأراضي الرومانية".

من جهتها، نقلت طالبة أخرى، في حديث لـ"العربي الجديد"، صورة من صور أهوال الحرب الجارية في أوكرانيا وما يتبعها من مآسٍ إنسانية، مشيرة إلى أن أصعب موقف عاشته في رحلة الفرار نحو الحدود الأوكرانية الرومانية تمثل في لحظة مرور حشود من اللاجئين من فوق جثة فتاة، مضيفة: "كان مشهدا مرعبا لا يمكن أن أنساه ما حييت بعدما وجدت نفسي أمرّ على بطن تلك القناة".

وإلى حدود الساعة 17:45 من مساء أمس الأربعاء بالتوقيت المحلي، وصل عدد المغاربة الذين غادروا أوكرانيا عبر المراكز الحدودية، إلى 5 آلاف و303 أشخاص، وفق وزارة الخارجية المغربية، في حين يُنتظر أن تتواصل خلال الساعات القادمة نقل الرعايا المغاربة من دول جوار أوكرانيا على متن رحلات إضافية برمجتها الخطوط الملكية المغربية، وذلك في أكبر عملية إجلاء يعرفها المغرب.

وتسبّبت الحرب الدائرة في أوكرانيا منذ الأسبوع الماضي في معاناة قاسية لمئات الطلاب المغاربة، الذين وجدوا أنفسهم في مواجهة مباشرة مع الموت في أي لحظة والمجهول أثناء بحثهم عن سبل للنجاة بحياتهم.

وبحسب الجمعية المغربية لخريجي الجامعات والمعاهد السوفييتية سابقا، فإن الطلبة المغاربة العالقين بأوكرانيا، يواجهون مشاكل عدة؛ من أبرزها انعدام التواصل بينهم وبين ممثلي السفارات المغربية بالدول الحدودية لأوكرانيا، إضافة لقلة الرحلات التي خصصتها السلطات المغربية لإجلاء العالقين.

ووفق المعطيات التي كشفت عنها الجمعية، خلال ندوة صحافية عقدتها أول من أمس الثلاثاء بالرباط، فإن عدد الطلبة المغاربة بأوكرانيا يصل لحوالي 14 ألف شخص، مشيرة إلى أن هذه الأرقام تبقى تقديرية في ظل غياب معطيات رسمية من وزارتي الخارجية ووزارة التعليم العالي.

ولفتت الجمعية إلى أن الطلبة يتعرضون عند الحدود لـ"التمييز العنصري" من قبل الجنود، كما أن "بعض الطلبة طُردوا من منازلهم وتوجهوا للملاجئ وواجهوا البرد والخوف"، كما أن "بعض الجنود الأوكرانيين كانوا يطالبون الطلبة من مختلف الجنسيات، بما فيهم المغاربة، بالانضمام إلى الجيش الأوكراني للدفاع عنها".

المساهمون