طلاب غزة في المغرب محاصرون بالخوف على ذويهم

طلاب غزة في المغرب محاصرون بالخوف على ذويهم

04 ديسمبر 2023
يشارك الطلاب الغزيون في تظاهرات التضامن المغربية (فرانس برس)
+ الخط -

يلقي العدوان الصهيوني المستمر على قطاع غزة بظلاله على الطلاب الفلسطينيين الذين يتابعون دراستهم الجامعية في المغرب، والذين يتابعون بألم وقلق ما يعيشه سكان القطاع من إبادة جماعية، ويقضي هؤلاء الطلاب أيامهم ولياليهم في انتظار اتصال أو رسالة هاتفية تشكل لهم جرعة سكينة على مصير أهلهم.
وصلت الفلسطينية فاطمة أبو عمشة (23 سنة) إلى المغرب في 2019، وهي تدرس التشريع وعمل المؤسسات الدستورية في جامعة محمد الخامس بالرباط، وتقول لـ"العربي الجديد"، إنها لا تستطيع مواصلة حياتها بشكل طبيعي، وباتت غير قادرة على متابعة الدراسة التي غادرت غزة من أجلها، في ظل ما يعيشه أهلها وجيرانها وأصدقاؤها من أوضاع مأساوية من جراء آلة الحرب الصهيونية التي لا تميز بين الأطفال والمدنيين. وتضيف: "نعيش كطلاب فلسطينيين قلقاً دائماً، وحالتنا المعنوية والنفسية سيئة بسبب انشغالنا على مصير عائلاتنا، وانقطاع التواصل معهم لفترات طويلة. ما يقع في غزة مأساة، ونشعر بعجز يصعب وصفه".

لم تكن هذه المرة الأولى التي تختبر فيها فاطمة مشاعر القلق على حياة أهلها وجيرانها وأصدقائها، إذ عرفتها في حروب سابقة، لكن هذه المرة مختلفة بسبب وجودها خارج البلاد. تقول: "فقدت الكثير من أصدقائي وجيراني، وصديقتي كانت شاهدة على استشهاد والدتها وشقيقتها وشقيقها إثر قصف جيش الاحتلال بيتهم، فيما ظلت هي مدة أسبوع في العناية المكثفة بعد أن ألقت بها شدة الانفجار من النافذة إلى خارج البيت، وقد تماثلت للشفاء، لكنها تتمنى لو أنها استشهدت مع عائلتها". 
وكانت أصعب اللحظات التي عاشتها فاطمة خلال العدوان الإسرائيلي حين قُصف بيت أسرتها. تقول: "عشت ساعات صعبة، إذ كان من الصعوبة معرفة ما الذي حل بهم. نجحت في اليوم التالي للقصف في الاتصال بهم والاطمئنان عليهم. ما يجري في غزة حالياً هو تطهير عرقي وإبادة جماعية للشعب الفلسطيني، وانتهاكات متواصلة للقانون الدولي الإنساني ولحقوق الإنسان التي تتغنى بها الدول الغربية".
ويقول باحث الدكتوراه في جامعة الحسن الثاني بمدينة المحمدية مؤمن سمور لـ"العربي الجديد": "يعاني أفراد الجاليات الفلسطينية في الخارج من عدم القدرة على التواصل مع أهاليهم في قطاع غزة بسبب قطع الاحتلال الكهرباء والإنترنت عن القطاع، خصوصاً الطلاب الذين يستكملون دراساتهم في الدول العربية والغربية. غزة تعاني من وضع إنساني صعب بسبب الحصار الطويل المفروض على القطاع منذ عام 2007، والمجزرة التي بدأت في 7 أكتوبر".
ويضيف: "من الصعب تجاوز المعاناة في غزة، وتلك المشاهد التي نراها يومياً ستبقى راسخة في ذاكرتنا وفي قلوبنا وضمائرنا. الشهداء عند الله ونحن الأموات. على المجتمع الدولي وقف الإبادة التي ترتكب بحق المواطنين الفلسطينيين، وإيجاد حلول جذرية لتوفير الأمن والاستقرار في قطاع غزة، وتحسين الظروف المعيشية للسكان، ومحاسبة الكيان الصهيوني أمام المحكمة الجنائية الدولية على الجرائم المرتكبة بحق المدنيين". 

الصورة
التضامن المغربي مع قطاع غزة كبير (فاضل سنا/فرانس برس)
التضامن المغربي مع قطاع غزة كبير (فاضل سنا/فرانس برس)

ويقول باحث الدكتوراه الفلسطيني عدي موسى إن "مجرد التواصل عبر رسالة مع أحد أفراد عائلتي يطمئنني أنهم ما زالوا على قيد الحياة، وقد أصبح هذا بمثابة هاجس يومي"، مضيفاً لـ"العربي الجديد": "منذ بداية الحرب على غزة، تواصلت مع أهلي مرتين فقط، وفي كل مرة كنت أودعهم. الأخبار الواردة من هناك تكون عادة أخبار استشهاد قريب أو صديق أو أحد الجيران أو المعارف. بعد أكثر من خمسين يوماً على بداية هذه الإبادة الجماعية، نتساءل: كم من فلسطيني يجب أن يقتل ليقف هذا العالم في وجه الاحتلال الغاشم وحقده الأسود، ومتى يمكننا أن نطمئن على عائلاتنا؟".
بالنسبة للطالب الفلسطيني حمدان محمد عودة، فإن "الاتصال بالنسبة لطالب بعيد عن أهله هو وجبة أساسية يحتاجها أثناء غربته، وفقدان الاتصال يعني فقدان مكون رئيسي للحياة". ويشرح لـ"العربي الجديد": "أتابع القنوات التي تعرض حجم الدمار والقتل، وأكرر الاتصال، لعل وعسى أستطيع الوصول إلى خبر يشفي شوقي لأهلي؛ لكن معيقات الاتصال كثيرة. حين أتمكن من التواصل، تصلني أخبار تزيد قهري، فالعديد من جيراني وأطفال مخيمي باتوا في عداد الشهداء. غربة أي طالب موجعة، لكن غربة الطالب الفلسطيني أشد وجعاً".

الفلسطيني سليم أبو عجوة هو باحث ماجستير في القانون بالمغرب، ويقول لـ"العربي الجديد": "نزح أكثر من 80 فرداً من أسرتي من حي الرمال في وسط مدينة غزة جنوباً إلى مدينة خانيونس. أكبر إنجازات الطالب المغترب اليوم هي القدرة على التواصل للاطمئنان على أهله في ظل افتقار قطاع غزة إلى أبسط مقومات الحياة". 

المساهمون