ضحايا زلزال المغرب يأملون مغادرة الخيام

ضحايا زلزال المغرب يأملون مغادرة الخيام

13 ابريل 2024
حلّ عيد الفطر قاسياً على المتضررين من زلزال المغرب (سيد الشريف/الأناضول)
+ الخط -
اظهر الملخص
- عيد الفطر جاء قاسيًا على المتضررين من زلزال المغرب، حيث عبر العديد عن معاناتهم الشديدة والتغييرات الصعبة في حياتهم، مع أمل في تحسن الأوضاع.
- الظروف المعيشية في الخيام والمنازل المتنقلة صعبة بسبب الظروف الجوية القاسية وفقدان الاحتياجات الأساسية، مع تحديات في توفير ملابس العيد والهدايا للأطفال.
- الحكومة المغربية استجابت بإطلاق برنامج طوارئ ومساعدات مالية، لكن المتضررين والناشطين يؤكدون على استمرار الصعوبات اليومية والحاجة لتحسين الظروف المعيشية وإعادة بناء المجتمعات.

حلّ عيد الفطر قاسياً على المتضررين من زلزال المغرب، هم الذين لا يزالون في الخيام والبيوت الجاهزة، وسط فقدان احتياجات كثيرة وأساسية.

"رمضان هذا العام كان الأقسى بالنسبة إليّ. كل يوم يمر أشعر فيه بالحزن والفقدان. الأجواء الرمضانية لم تكن كما اعتدنا. نأمل أن يكون عيد الفطر فأل خير علينا وتنتهي معاناتنا"، هذا ما يقوله محمد بوتمارت (60 عاماً)، وهو من منطقة أمزميز (وسط المغرب)، مشيراً إلى المعاناة والجراح الناتجة عن زلزال الثامن من سبتمبر/ أيلول الماضي. وأدى الزلزال إلى تضرر الآلاف، وقد عاشوا أجواء عيد الفطر بعدما قضوا شهر رمضان في العراء بعيداً عن منازلهم التي دمرت أو تعرضت لأضرار كبيرة.
يقول بوتمارت لـ "العربي الجديد": "رمضان هذا العام كان مختلفاً عن سابقه وقد تغيّرت أشياء كثيرة. كان من الصعب أن نمارس العادات القديمة. الحياة في الخيام صعبة، وخصوصاً أننا لم نعتد الأمر، ويزيد من صعوبتها ارتفاع درجة الحرارة نهاراً وانخفاضها ليلاً، فضلاً عن التساقطات المطرية والرياح القوية التي عصفت بالخيام وأحالت حياة كثيرين إلى جحيم. أملنا أن تنتهي هذه المعاناة قريباً".
استقبل آلاف المتضررين من زلزال إقليم الحوز عيد الفطر هذا العام في خيام ومنازل متنقلة تغيب فيها العديد من المقومات، عدا عن الأوضاع النفسية الصعبة. وكان لزلزال الحوز تأثير على حياة المتضرّرين خلال شهر رمضان، واضطرهم إلى التخلي عن عاداتهم. ويأمل الحسين واعطوش من سكان ثلاث نيعقوب بإقليم الحوز في تحسن الأوضاع، وأن يحيي العيد المقبل في بيته الجديد وبين ما تبقى من أهله، وأن تنتهي المعاناة التي تؤرق الكثير من المتضررين بسبب عيشهم في الخيام منذ ستة أشهر.
ويقول واعطوش لـ"العربي الجديد" إنه حرص على دعوة أفراد من عائلته للاجتماع على مائدة إفطار العيد وتشارك الأوقات، مضيفاً أنه "على الرغم من قسوة الأوضاع، كانت هناك إرادة لدى الكثير من المتضررين لإدخال البهجة والفرحة إلى قلوب الأطفال، ولو بالقليل من الملابس وهدايا العيد". ويلفت إلى أنه في الوقت الذي غيبت فيه الكارثة الزيارات والولائم خلال رمضان، وجعلت الناس يتكيفون مع الواقع الجديد، فإن عيد الفطر كان مناسبة للقاء واجتماع الأهل والأصدقاء، وتذكر من فقدوا ليلة الثامن من سبتمبر/ أيلول الماضي والترحم عليهم.

قضايا وناس
التحديثات الحية

في المقابل، يلفت عبد الله العثماني، من إقليم تارودانت، إلى أنه رغم محاولته التحامل على الآلام الناتجة عن فقدانه لوالديه لإيصال قليل من البهجة إلى أطفاله، فإنه لم يتمكن من توفير ملابس جديدة لهم هذا العام جراء أوضاعه الصعبة، بعدما فقد في الزلزال رؤوس الماشية التي كان يملكها. يضيف في حديثه لـ"العربي الجديد": "العيد كان بلا طعم له ولن يحلو إلا بالعودة إلى منزلي، ونهاية رحلة المعاناة والألم المستمرة منذ أكثر من ستة أشهر في الخيام".
وفي وقت يستمر آلاف المتضررين في اختبار تجربة الحياة الجديدة في الخيام، يقول رئيس جمعية "تلوتيمت للتنمية الشاملة" في إقليم شيشاوة مصطفى أوريك، لـ"العربي الجديد": "حتى الساعة، هناك العديد من معارفي الذين لا يزالون يسكنون في الخيام ويعيشون معاناة كبيرة جراء أحوال الجو الباردة والأمطار، فيما زاد من سوء أوضاعهم ما يرافق عملية هدم المنازل لإعادة بنائها من معاناة جراء عدم كفاية ما حصلوا عليه من دعم يبلغ 80 ألف درهم (7700 دولار)".

2.8 ملايين مواطن تضرروا من الزلزال (فاضل سنا/ فرانس برس)
2.8 ملايين مواطن تضرروا من الزلزال (فاضل سنا/ فرانس برس)

وتقدر الحكومة المغربية بأن 2.8 ملايين مواطن تضرروا من الزلزال الذي دمّر أكثر من 59 ألف منزل، منها 20 ألفاً بالكامل. ووضعت برنامج طوارئ لإعادة إيواء المنكوبين بالزلزال، والتكفل بالأسر الأكثر تضرراً عبر منح كل منها مساعدات مالية طارئة بقيمة 30 ألف درهم مغربي (3000 دولار)، و140 ألف درهم (13.500 دولار) كتعويض للمساكن التي انهارت بالكامل، و80 ألف درهم (7700 دولار) لتغطية أعمال إعادة تأهيل المساكن التي انهارت جزئياً.
كما أعلنت الحكومة إطلاق ورش ضخمة لإعادة إعمار القرى التي دمرها الزلزال بميزانية مقدارها 120 مليار درهم (11.7 مليار دولار) على مدى خمس سنوات، والتي تستهدف 4.2 ملايين شخص.

ولم تكن ليلة الجمعة الثامن من سبتمبر/ أيلول الماضي عادية في المغرب، بعدما ضرب زلزال وصف بأنه الأقوى في تاريخ البلاد منذ قرن خمسة أقاليم (الحوز ومراكش وورزازات وشيشاوة وأزيلال) ليشهد من بقي على قيد الحياة على الدمار الكبير الذي غير حياة الآلاف إلى الأبد.
ويقول الناشط المدني والصحافي المتحدر من مدينة تارودانت مولاي المهدي غرايبة، لـ "العربي الجديد": "كان لزلزال الحوز مخلفات واضحة وقوية على السكان مادياً واجتماعياً ونفسياً، وخصوصاً خلال شهر رمضان. يعيش نصف السكان في الخيام، ما أثر بشكل مباشر على عاداتهم وتقاليدهم في هذا الشهر، وكان العبء الأكبر على النساء والأطفال والشيوخ". ويوضح: "أول حاجة يمكن الحديث عنها هي توفر مقومات النظافة من مراحيض مياه وغيرها. كما وجدت المرأة القروية في رمضان صعوبات جمة في تحضير الطعام في الخيام علماً أننا في فصول السنة الباردة في جبال الأطلس الكبير. كما عانى المتضررون بسبب تهدم المساجد، ما أثر على أداء صلاة التراويح الجماعية. كنا أمام مجموعة من الإشكاليات التي زعزعت نمط عيش السكان".

المساهمون