شهادات مرعبة لتنكيل الاحتلال بأسرى فلسطينيين: ضرب وتكسير عظام وتعرية

شهادات مرعبة لتنكيل الاحتلال بأسرى فلسطينيين: ضرب وتكسير عظام وتعرية

15 نوفمبر 2023
عذّبت إسرائيل أسرى فلسطينيين في أسابيع ما بعد الحرب (وسام هشلامون/ الأناضول)
+ الخط -

خمسة عشرة يوماً عاشها الأسير المحرر محمد حسن (اسم مستعار) من الريف الجنوبي لمدينة نابلس بالضفة الغربية المحتلة في "جهنم مجدو"، وهو السجن الذي ينقل إليه الأسرى الفلسطينيون كافة الذين يتم اعتقالهم من مناطق شمال الضفة الغربية المحتلة، ويلاقون هناك أصنافاً مختلفة من العذاب على أيدي وحدات القمع الإسرائيلية.
خرج محمد حسن (34 عاماً) من سجن مجدو الإسرائيلي، وقد كُسرت ثلاث من أضلع قفصه الصدري، وهو ما يعتبر أنه لا يقارن بالأذى الذي لحق بأسرى آخرين شاهدوا الموت بعيونهم جراء التعذيب الفظيع الذي تعرضوا له منذ اللحظة الأولى لاعتقالهم من بيوتهم، ثم نقلهم إلى معسكرات التوقيف وصولاً إلى سجون الاحتلال، خاصة سجن مجدو. ويُخبر أن سلطات السجن تقول للأسير باللغتين العربية والعبرية "أهلاً بك في جهنم مجدو"، ثم يواجه جولات من الإذلال والإهانة التي تهدف إلى الانتقام من الهزيمة العسكرية في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

يقول لـ"العربي الجديد": "اعتقلت مرات سابقاً لفترات أطول بكثير من دون أتعرّض إلى نسبة واحد في المائة من الممارسات التي واجهتها في هذه المدة القصيرة التي بلغت أسبوعين فقط. بدأ الجندي بضربي بشكل جنوني منذ لحظة اقتحام بيتي منتصف الليل أمام زوجتي وأطفالي وتقييدي وجري على الأرض. وفي المسافة القصيرة التي فصلت بين بيتي وموقع ركن الآلية العسكرية التي ينقل المعتقلون إليها، تعرضت للكمات وركل وضرب بأعقاب البنادق في أنحاء جسمي، خاصة الرأس والوجه، ولم أستطع الدفاع عن نفسي، لأن يديي كانتا مقيدتين إلى الخلف".
ويؤكد أن "سجن مجدو هو المحطة الأصعب، لأنني رأيت فيه الموت بعيني لدى عبوري مقيد اليدين والعينين بين طابور جنود اصطفوا على الجانبين، وانهالوا عليّ جميعهم بالضرب بهراوات وبأعقاب البنادق وبالأقدام. ضربوني بشكل جنوني فقاومت للوقوف، لكنهم استمروا في ضربي وسط الشتائم والألفاظ البذيئة. مرت هذه الدقائق كأنها سنوات من شدة الألم والأوجاع والصراخ، ثم وجدت نفسي معلقاً على جدار عليه علم إسرائيل الذي أمرت بتقبيله وترديد عبارات تسيء إلى الشعب الفلسطيني والمقاومة. وحين رفضت فعل ذلك فُتِحت عليّ أبواب جهنم مجدداً، إذ تجمع حولي نحو عشرة جنود وبدأوا يضربونني بشكل جنوني، فسقطت مغشياً عليّ من شدة الألم، ولم أستيقظ إلا وأنا في ساحة السجن، لكنني وجدت صعوبة بالغة في التنفس، ثم تبينت إصابة 3 من ضلوعي بكسور، ووجود رضوض في أنحاء جسدي". 
ويُخبر أيضاً أنه استطاع بعد يومين الوقوف على قدميه بمساعدة الأسرى، وأنه سار ببطء إلى غرفة ضمت 12 معتقلاً آخرين، في حين لا تتسع أصلاً إلا لنصفهم فقط، ما يعني أن ستة منهم تناوبوا على النوم على الأرض.

الصورة
جولات أكبر من الإذلال والاهانة في السجون الإسرائيلية (أحمد غربلي/ فرانس برس)
جولات أكبر من الإذلال والإهانة في السجون الإسرائيلية (أحمد غربلي/ فرانس برس)

واللافت أن ما عاشه محمد حسن كان لا يُقارن بما حصل مع الأسير أمجد جبعاوي المتحدّر من بلدة تقع جنوب مدينة جنين شمالي الضفة الغربية، وهو تعرض لكسر في رجله اليمنى بعدما ضربه خمسة جنود أكثر من عشر دقائق في سجن مجدو نفسه.
ويقول جبعاوي لـ"العربي الجديد": "لا أجد كلمات تصف ما يحصل في سجون الاحتلال من ضرب حتى على أجزاء حساسة من الجسم، وتكسير عظام وتعرية بالكامل، وربط الأيدي إلى الخلف، أو حتى إهانات تمسّ بالكرامة، ما يؤكد استغلال قوات الاحتلال ما يجري من فظائع في غزة للاستفراد بالأسرى".
ويعلّق على انتشار مقطع فيديو لأسرى فلسطينيين نُقلوا عراة تماماً على متن عربة نقل (بوسطة). يقول: "عشت هذه الحالة حين لم أعلم أين أنا، ثم أُجبرت على خلع كل ملابسي قبل الخروج مع آخرين إلى ساحة وسط الليل، ومنها إلى حافلة تحركت بسرعة جنونية، ما جعلني أقع على الأرض فارتطم رأسي بحافة الكرسي الحديدي، لكنني مُنعت من الصراخ من الألم، بعدما اجتمع الجنود مثل الوحوش من حولي".
وحتى الأسيرات لم يسلمن من الأذى والضرب وانتزاع أبسط الأجهزة من غرفهن، وهو ما تؤكده مصادر لـ"العربي الجديد"، مشيرة إلى تعرّض الأسيرات للضرب، وعيشهن في ظروف سيئة داخل السجن، علماً أن عددهن وصل إلى 80.

وتشير مؤسسات للأسرى إلى أن الأسرى داخل سجون الاحتلال يتعرضون منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي إلى سلسلة إجراءات تعسفية، بينها قطع الكهرباء والماء، وممارسة سياسة التجويع بتقليص الوجبات وكمياتها، وإغلاق الكانتينا (بقالة السجن)، إضافة إلى حرمانهم من العلاج وسحب الأجهزة الكهربائية والكتب منهم، وإتلاف جميع المقتنيات، وعزلهم عن العالم الخارجي ومنع محاميهم وعائلاتهم من زيارتهم.

المساهمون