سورية: تعدد السلطات يعزز الفلتان الأمني في مناطق الإدارة الذاتية

سورية: تعدد السلطات يعزز الفلتان الأمني في مناطق الإدارة الذاتية

22 نوفمبر 2023
القامشلي السورية (سلام حسن/العربي الجديد)
+ الخط -

تسهم الكثير من العوامل في الفلتان الأمني بمناطق سيطرة الإدارة الذاتية في سورية، حيث تحولت جرائم السرقة إلى ظاهرة يوميّة في مدن مثل الحسكة والقامشلي ومنبج وغيرها، مع تسجيل جرائم قتل أيضا بدافع السرقة، وسط غياب القوانين الرادعة بوجود سلطتي أمر واقع تحكمان المنطقة.

في 18 من نوفمبر/ تشرين الثاني، قتل مجموعة من اللصوص ريتاج أوسي، في منزلها بمدينة القامشلي في ريف محافظة الحسكة الشمالي الشرقي. حيث أوضح حسّان علي أحد جيرانها لـ"العربي الجديد" أن جريمة قتلها كانت بدافع السرقة، قائلا: "تزوجت ريتاج قبل أربعة أشهر من مقتلها، وزوجها كان عائدا من ألمانيا، وليلة مقتلها كان مع أصدقائه بدعوة منهم، ليفاجأ بعد عودته بأن زوجته مقتولة".

يوضح علي أن "ليس للزوج أية مشكلات مع الجيران ولا يوجد شكاوى عليه، وما عرفناه أن هدف من دخلوا منزله هو السرقة فقط، حيث سرقوا مصاغا ذهبيا، ومبلغا ماليا يقدر بنحو 20 ألف دولار، وهاتف الزوجة المحمول"، مردفا: "حتى الوقت الحالي لم تكشف أي تفاصيل عن الجناة، ما حصل كان صادما، لكن جرائم القتل بدافع السرقة تكررت في مدينة القامشلي خلال الأعوام الماضية".

وتنتشر في المدن والبلدات الخاضعة لسيطرة الإدارة الذاتية، سرقة المنازل، ما أجبر بعض الشبان خلال فترة الصيف على حماية منازلهم عن طريق المناوبات الليلة، بهدف منع جرائم السرقة.

وتعزي الحقوقية منتهى عبده، الفلتان الأمني في مناطق سيطرة الإدارة الذاتية للعديد من الأسباب، من بينها ازدواجية السلطة، كون المنطقة تخضع لسلطة النظام السوري وسلطة الإدارة الذاتية، يعززها أيضا غياب القوانين الرادعة التي قد تحول دون ارتكاب الجرائم.

تضيف عبده لـ"العربي الجديد" أن "الفقر وإساءة استخدام وسائل التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي، قد تكون ساهمت في الفلتان الأمني لكن هذا كله ليس سببا بقدر غياب القوانين الرادعة"، مشيرة إلى أن "المواطن مشتت بين سلطتين والحدود الإقليمية مفتوحة، وهذا يسهل الهروب وجهاز تحليل بصمات حتى غير موجود لدى النظام ومن طرف سلطة الأمر الواقع يعتمدون على كاميرات المراقبة، ولا أسباب لديهم لعدم محاسبة المجرمين بعد معرفتهم". موضحة أن فوضى السلاح أيضا من بين العوامل التي تساهم في رفع معدلات الجريمة والفلتان الأمني في المنطقة.

من جانبه، لفت الناشط الإعلامي مدين عليان إلى جريمة قتل سجلت في مدينة منبج يوم 18 نوفمبر/ تشرين الثاني، موضحا لـ"العربي الجديد" أن زوجين لم يمض على زواجهما حينها سوى 10 أيام، قتلا وأحرق منزلهما بحي العروبة في المدينة بريف حلب الشرقي، وهي تخضع لسيطرة الإدارة الذاتية، دون معرفة الأسباب وراء الجريمة.

ويرجع عليان الأسباب أيضا إلى: "عدم وجود أو تطبيق عقوبات رادعة بحق المخالفين للقانون، بالإضافة إلى تراجع التعليم وزيادة نسبة البطالة، والكثير من الأسباب التي ترفع معدلات الجريمة في المنطقة".

نساء يتعرضن للسرقة

كانت نسرين محمود العاملة في مكتب الحبوب تسير باطمئنان لتستقل سيارة أجرة من الشارع الرئيسي بعد انتهاء عملها الكائن في المجمع الحكومي، للنظام السوري، والذي يحوي مديرية المنطقة والكثير من عناصر وضباط الشرطة، التابعين للنظام السوري، إضافة إلى مراكز لقوى الأمن الداخلي "الأسايش" التابعة للإدارة الذاتية في نفس الحي.
تقول محمود لـ"العربي الجديد"، إنها كانت تسير على حافة الرصيف، في منتصف النهار والشارع كان مزدحما بالناس، عندما شعرت بأحدهم يشد حقيبتها النسائية، المعلقة على كتفها، ورغم صراخها في الشارع المزدحم بالمارة غير أن السارق استطاع الفرار عبر دراجته النارية.
يقول زوجها حسين أحمد لـ"العربي الجديد" إنه ذهب إلى مكتب الشكاوى التابع لقوى الأمن الداخلي "الأسايش" مع زوجته في منطقة الصناعة وفوجئ بالروتين. مضيفا: "لم يدخلوني إلى المكتب بحجة ارتداء بيجامة واستطعت الدخول بعد وساطات، وقمنا بتقديم شكوى علمنا أنها تحتاج إلى ثلاثة أيام لتصل إلى مكتب الجريمة المنظمة للمباشرة بالتحقيق"، مشيرا إلى أن القضية هي قضية رأي عام وليست قضية شخصية فحسب، فهذه السرقات تتكرر بشكل شبه يومي ولا يوجد جدوى من الشكوى، في ظل الفساد القائم وتقاعس الجهات المعنية عن ملاحقة المجرمين.
بينما تقول شاهيناز موسى لـ"العربي الجديد" إنها محظوظة رغم الخوف وحالة الهلع التي عاشتها قبل مدة، بينما كانت تسير في شارع الكورنيش بالقامشلي متجهة للسوق المركزي، لتشتري بعض لوازم منزلها وأثناء انتظارها لعبور الشارع إلى الجهة المقابلة، فوجئت بوقوف سائق دراجة نارية بالقرب منها، وظنت للوهلة الأولى أنه أراد منحها أولوية المرور، لكنها صدمت عندما حاول سحب حقيبتها من يدها، لكنها تمسكت بها وبدأت بالصراخ وطلب المساعدة، مما جعله يفر هاربا.

اللصوص يستبيحون كل شيء

حمود الجاسم من حي الطي أحد أحياء القامشلي المهمشة والفقيرة، يقول لـ"العربي الجديد": "أعمل في مطعم بعيد عن منزلي مسافة بعيدة تقارب 10 كيلومترات، أعود يوميا في ساعة متأخرة من الليل مما اضطرني لشراء دراجة نارية أستخدمها في الذهاب والعودة للعمل، كما أقضي حاجياتي المنزلية بها وأستخدمها للتنقل كونها توفر علي أجرة سيارات الأجرة العالية".

يتابع الجاسم قائلا: "قبل ثلاثة أيام وكعادتي أدخلت الدراجة إلى منزلي العربي وركنتها في ركن قريب من الباب الرئيسي، وفي صباح اليوم الثاني لم أجد الدراجة في مكانها المعتاد".

رغم تقديم شكوى لدى "الأسايش"، غير أن جاسم واصل البحث عن دراجته بصحبته ذويه ليجدها أمام سوبر ماركت في الحي نفسه، ولكن اللص كان قد أجرى عليها بعض التعديلات وغير بعض الأجزاء كالمقعد وبعض التفاصيل الصغيرة، لكنه لم يلحظ علامة مميزة تركها جاسم على هيكل دراجته.

في نهاية المطاف تمكن بمساعدة الجيران، من إلقاء القبض على اللص وأخذ الدراجة منه، ليكتشفوا أنه من الحي نفسه وله سوابق عديدة في السرقة وتعاطي المخدرات.

المساهمون