سرقات متكررة لمدارس في مناطق النظام السوري

30 يناير 2023
كلّ مقتنيات المدارس معرضة للسرقة في مناطق النظام السوري (عبد دوماني/ فرانس برس)
+ الخط -

تتكرر حوادث سرقة المدارس في مناطق سيطرة النظام السوري، وقد تحوّلت إلى حالة شائعة تسجلها أجهزة الأمن ضد مجهول، علماً أن بعض المدارس تعرضت للسرقة عدة مرات. وسُجلت في مدينة حمص وريفها أكثر من 200 عملية سرقة لمدافئ ووقود تدفئة وحتى ألواح للطاقة الشمسية وبطاريات مخصصة للإنارة تبرع سكان لشرائها.
يقول الناشط خضر العبيد، وهو من أبناء ريف حمص الشمالي ويقيم في شمال سورية، لـ"العربي الجديد": "باتت السرقة شائعة في المنطقة، ولا تقتصر على سرقة المدارس، بل تطاول مساجد ومنازل أيضاً، وأغلب منفذيها فتيان يعانون من عدم قدرة عائلاتهم على توفير ما يطلبونه من مصاريف. وهم يسرقون ألواح للطاقة الشمسية أو وقود للتدفئة تمهيداً لبيعها وتحقيق مكاسب مالية".

ويلفت إلى أنّ "عمليات السرقة لا تقتصر على فتيان طائشين، بل ينفذها أيضاً لصوص، ويجري تجاهل السرقات غالباً باعتبار أن منفذيها مقربون من أجهزة الأمن، أو يعملون ضمن مليشيات النظام، ما يمنع الأهالي من الشكوى ضدهم، لتقيّد السرقات غالباً ضد مجهولين. خلال ساعات النهار يحضر مسؤولون في المدارس لتفقد ما تحتويه، وتوفير الحماية للمقتنيات، لكنها تكون خالية من أية حماية ليلاً، ما يسمح للصوص بسرقتها". 
وينقل موقع "أثر برس" الموالي للنظام عن مدير هيئة التربية في حمص، وليد المرعي، قوله إن "3 مدارس تعرضت للسرقة منذ بداية العام الحالي، آخرها بريج البريج في حيّ الأرمن بمدينة حمص، حيث استولى لصوص على وقود للتدفئة بعدما نفذوا عمليات خلع وكسر مستغلين غياب الحارس الذي كان في إجازة". 
ويؤكد مرعي تسجيل 110 حالات سرقة لمدارس في مدينة حمص ومناطق ريفها خلال العام الماضي، ويشير إلى أن "الإجراءات المتبعة بعد تعرض المدارس للسرقة تشمل إبلاغ مديرية التربية بالحادث أو التخريب، ثم تنظيم قيادة الشرطة والأقسام التابعة لها محاضر ضبط لملاحقة الفاعلين بعد إجراء تحقيقات أولية، والادعاء عليهم أصولاً أمام القضاء. ولاحقاً تتولى دائرة المباني المدرسية إجراء عمليات الصيانة اللازمة، وتزويد المدارس مستلزمات بحسب الإمكانات المتوافرة".

الصورة
أجهزة التدفئة على قائمة السرقات (دليل سليمان/ فرانس برس)
أجهزة التدفئة على قائمة السرقات (دليل سليمان/ فرانس برس)

وفي حيّ الأرمن، سرق لصوص 8 أجهزة كومبيوتر في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، بعدما كسروا نافذة مكتبة في غياب الحراسة التي لا تتوافر في معظم المدارس، ما يسهّل من مهمات اللصوص، إلى جانب انقطاع الكهرباء لساعات طويلة في الليل.
واللافت أن بعض الأهالي يمتنعون عن الإبلاغ خوفاً من التعرض لمشاكل. يقول عاصم (55 سنة)، وهو من أبناء مدينة حمص، لـ"العربي الجديد": "أغلب المدارس لا تضم حراساً، وسبق أن تعرضت مدرسة في حيّنا لسرقة خلال وجود فصائل الجيش الحر في المدينة، فعرفت السلطات أفراد العصابة المنفذة خلال أقل من 24 ساعة، وأعادت المسروقات إلى المدرسة، علماً أن هذه الحوادث كانت نادرة جداً، حتى في الريف، حيث كان يوجد شبه حماية لهذه المدارس. أما في الوقت الحالي الذي يشهد غياب الأمن، فلا شيء محرّم على اللصوص، وقد غبت عدة أيام عن منزلي في الريف الشمالي، فعدت ولم أجد فيه شيئاً، إذ سرق اللصوص كل الأغراض داخله".
ويتابع: "تحتاج المدارس إلى حماية، وهو ما لن يفعله حارس يحتاج هو نفسه إلى حماية. في السابق، كانت مديرية التربية وأخرى في الدولة تتهم من تصفهم بأنهم أفراد في عصابات مسلحة بتنفيذ هذه السرقات، لكن هذه العصابات غير موجودة حالياً، فلماذا تحدث السرقات؟ أجهزة الأمن همها ابتزاز المواطنين، لا الحفاظ على الأمن وحماية المدارس".

الجريمة والعقاب
التحديثات الحية

ومع امتداد عمليات سرقة المدارس إلى أغلب محافظات سورية، ومنها السويداء (جنوب)، يبلغ مصدر مطلع في هذه المدينة "العربي الجديد" أن سبب الظاهرة عدم وجود حراس في أغلب هذه المدارس. ويوضح أن الأهالي يتهمون مستخدمين بالوقوف خلف عمليات السرقة، لكونهم موظفين من الدرجة الخامسة، ولا تتجاوز أجورهم 100 ألف ليرة سورية (15 دولاراً)، ما يدفعهم إلى السرقة، كذلك يحقق بعض اللصوص منافع من هذه العمليات.

يضيف: "لا يمكن أن يحرس الأهالي المدارس، ولا يمكن أن تضع مديرية التربية حراساً فيها، رغم أنها أصدرت بيانات عدة لتعيين حراس. في السابق، كان هناك حراس في كل مدرسة، لكن معظمهم تركوا الحراسة بسبب قلة الرواتب، وبقي قليلون جداً".
ولا بدّ من الإشارة إلى أن التأثير الاجتماعي لأي نوع من السرقات في مناطق النظام السوري يعني فقدان الأمان المجتمعي، علماً أنّ العصابات لا تعمل فقط داخل المدن، بل أيضاً بين البلدات، وهي تنعكس سلباً على الوضع الاقتصادي، خصوصاً في محافظتي درعا والسويداء، وخلال العام الماضي، احتلت سورية المرتبة العاشرة عالمياً في مؤشر معدل الجريمة.

المساهمون