سجون مصر... استخفاف متواصل بكورونا وبحياة المحتجزين

سجون مصر... استخفاف متواصل بكورونا وبحياة المحتجزين

25 يوليو 2022
أوضاع الاحتجاز تتسبب بمشاكل صحية كبيرة لسجناء مصر (محمد الشاهد/ فرانس برس)
+ الخط -

أعلن حذيفة أبو الفتوح، نجل السياسي المصري البارز المعتقل عبد المنعم أبو الفتوح الذي يرأس حزب مصر القوية والمرشح السابق للرئاسة، أن والده تعرض لأزمة صحية أخيراً نتجت من إصابته بالتهاب في الشعب الهوائية. وأوضح أنه رغم تلقيه خطاباً عن بدء والده تناول علاج يشمل مضادات حيوية، وأن حالته الصحية بدأت تتحسن، لكن الأسرة تتخوف من تعرضه لمضاعفات الإصابة بمتحور فيروس كورونا الجديد، خاصة بعدما انتشر في عدد من السجون.
وسبق أن تعرض أبو الفتوح لأزمات صحية ونوبات قلبية خلال زجّه لفترة طويلة في سجن انفرادي بمعتقل طرة، جنوبي القاهرة. وتفيد معلومات بأن استجابة الأطباء في السجن لأزماته الصحية انحصرت دائماً في تزويده بأقراص نيترات تحت اللسان، علماً أنه مصاب بأمراض مزمنة عدة، مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري، وتعرض لانزلاق غضروفي في عموده الفقري أثناء وجوده في السجن، كما شخّص أطباء حاجته إلى الخضوع لجراحة من أجل استئصال البروستاتا التي تتسبب له بالتهابات في المسالك البولية، وبمغص بولي مؤلم للغاية مع عدم القدرة على التحكم في التبول، وأيضاً حصوات في الكلى والمثانة، علماً ان عائلته اقترحت مرات تغطية كل نفقات أي خدمة طبية مطلوبة، لكنها لم تحصل على رد حتى الآن. 
وكشف حذيفة أنه نقل إلى والده في السجن البروتوكول الخاص بالعلاج من فيروس كورونا وفقاً لآخر تحديث نشرته وزارة الصحة، وأدوية وجهازاً لقياس كميات الأكسجين في الدم، وجهازاً يستخدم في الأساس لعلاج انقطاع التنفس أثناء النوم، وهو ما يعاني منه أيضاً. وأبدى حذيفة خشيته من احتمال إصابة والده بأعراض فيروس كورونا الجديد، في ظل ورود أخبار عن إصابة الصحافي هشام فؤاد وآخرين بالفيروس التاجي في سجن طرة ذاته. وقبل أيام، نددت أسرة الصحافي هشام فؤاد بالأوضاع الصحية في السجون، ووجود عدد كبير من المعتقلين فيها، وإهمال أسباب وجود فيروس كورونا وتفشيه، وتدهور الأوضاع الصحية للسجناء.

مطالب غير مستجابة
وبالتزامن مع تزايد الإصابات بفيروس كورونا في السجون ومقار الاحتجاز الرسمية في مصر، زادت المطالب بتحسين تدابير التهوية وتوفير المطهرات، وإعطاء جرعات تطعيم منشطة للسجناء والحراس وجميع موظفي المعتقلات، وتوفير متابعة يومية للسجناء، واتخاذ الإجراءات الصحية المناسبة لوضع أي سجين يشتبه في إصابته بأعراض فيروس كورونا وعزله في المستشفى الخاص بالسجن وتقديم العلاج اللازم له، مع الحرص على نقل الحالات الأكثر خطورة إلى مستشفيات تتمتع بالجاهزية المطلوبة للتعامل معها. كما تواصلت المطالبة بالإفراج عن السجناء الكبار في السن وأصحاب الأمراض المزمنة لأسباب صحية، باعتبار أن تداعيات المرض تكون أشد ضراوة وأكثر خطورة عليهم، مع تأكيد أهمية مراعاة أوضاع إدانتهم بجرائم غير مصنفة بدرجات عنف كبيرة ضد المجتمع. وخلال الأسابيع القليلة الماضية، زادت الإصابات بنوع جديد من متحوّر "أوميكرون"، ما اضطر السلطات المصرية إلى إعادة رفع حالة التأهب الوبائي، وتحويل 3 مستشفيات حكومية إلى مستشفيات عزل، وإعادة فرض ارتداء الكمامات في المرافق العامة، مثل مترو الأنفاق وغيره. وأطلق اسم "بي إي 5" على المتحوّر الجديد المتفرع من متحوّر "أوميكرون" الشديد العدوى.

يفتقد المحتجزون حق الرعاية الصحية (محمد الشاهد/ فرانس برس)
يفتقد المحتجزون حق الرعاية الصحية (محمد الشاهد/ فرانس برس)

ويرتفع احتمال الإصابة بمتحوّر "بي إي 5" مقارنة بالمتحوّرات الأخرى، وقد يصيب أي شخص أكان أخذ اللقاح أو جرعة معززة، أو حتى تعافى أخيراً من الإصابة بكورونا، بحسب ما تورده تقارير أصدرتها منظمة الصحة العالمية، التي حذر مديرها العام تيدروس أدهانوم غيبرييسوس من أن موجات جديدة من الإصابات بكوفيد- 19 "تظهر أن الوباء لم يقترب حتى من نهايته". ورغم أن السلطات المصرية باشرت تطعيم السجناء في مصر بلقاحات فيروس كورونا، إلا أنها لم تحدد بدقة عدد الذين حصلوا على اللقاح في السجون. 

الوضع سيئ خلف القضبان رغم إيحاءات السلطات (خالد دسوقي / فرانس برس)
الوضع سيئ خلف القضبان رغم إيحاءات السلطات (خالد دسوقي / فرانس برس)

عجز كامل
ووصف تقرير أصدرته الجبهة المصرية لحقوق الإنسان في مطلع يناير/ كانون الثاني الماضي، أوضاع أماكن الاحتجاز في السجون بأنها "غير إنسانية وفقيرة لدرجة تجعلها عاجزة عن التعامل مع أي أزمة صحية، كما أن أوضاع الاحتجاز ذاتها تتسبب في مشاكل صحية طويلة الأمد للمحتجزين". وتحدثت الجبهة المصرية لحقوق الإنسان عن أنه "بين الإجراءات التي اتخذتها وزارة الداخلية من أجل التصدي للفيروس، منع المحتجزين التام أو شبه التام من التواصل مع أهاليهم ومحاميهم بحجة حمايتهم من الوباء، وحرمانهم من الزيارات طوال شهور، ومع عدم توفير إمكان تواصلهم هاتفياً مع أهلهم، وممارسة تضييق شديد على بعثهم رسائل وتلقيها، وصولاً إلى منعها بالكامل أحياناً أو السماح بحصولها مرة أو مرات قليلة. كما لم تسمح إدارات السجون بزيارة المحامين المحتجزين، ما أدى إلى شبه انقطاع تام بين المحتجزين ومحاميهم منذ مارس/ آذار 2020، وذلك بعد تعليق جلسات النيابة كإجراء احترازي ضد انتشار كورونا، وتجميد حضور غالبية المحتجزين جلسات غرفة المشورة بحجج أمنية، ووضع الحاضرين القليلين في أقفاص زجاجية لا تسمح لهم بالتحدث أو التواصل مع المحامين. 

ووجد التقرير أن نظام السجون المصرية "عاجز عن توفير الحق في الرعاية الصحية للمحتجزين، إذ لا يوجد نظام متماسك قادر على الاستجابة لاحتياجاتهم الطبية خلال وقت معقول، ولا تضم السجون تخصصات طبية كثيرة، كما أن لا أطباء مقيمين في كل الاختصاصات، وليس أطباء السجون من المدنيين، ويتبعون لوزارة الداخلية ويتمتعون بخبرات محدودة، ومعظمهم غير قادرين على توفير تشخيص صحيح ودقيق. والسجون عموماً عاجزة بشكل شبه تام عن الاستجابة لحالات الطوارئ بسبب عدم وجود أطباء طوارئ بالسجون ولتعقيد إجراءات النقل لمستشفى خارجي، كما تفتقر إلى أدوية كافية، فيما يخضع إدخال أدوية خلال الزيارات إلى إجراءات مشددة".

المساهمون