رحلات هجرة غير نظامية تنشط من الساحل السوري إلى قبرص

رحلات هجرة غير نظامية تنشط من الساحل السوري إلى قبرص

21 يوليو 2023
مهاجرون سوريون في أحد التجمّعات السكنية في قبرص (كريستينا عاصي/ فرانس برس)
+ الخط -

تنشط رحلات هجرة غير نظامية في الآونة الأخيرة من ساحل محافظة طرطوس، الواقعة تحت سيطرة النظام السوري غربي سورية، إلى جزيرة قبرص، وذلك عبر قوارب صيد، هرباً من الواقع الاقتصادي المتردّي في البلاد.

وقد أفادت السلطات القبرصية بأنّ ثمّة ارتفاعاً في أعداد المهاجرين السوريين الذين يصلون إلى الجزيرة على متن قوارب مجتازين البحر الأبيض المتوسط، مع زيادة بنسبة 60 في المائة في الأشهر الخمسة الأولى من عام 2023 الجاري مقارنة بعام 2022 الماضي.

وكشف تقرير صادر عن وزارة الداخلية القبرصية أنّه ابتداءً من التاسع من مايو/ أيار الماضي وحتى 14 يوليو/ تموز الجاري، وصل 19 قارباً إلى قبرص مع 452 مهاجراً سورياً.

ورصدت الشرطة القبرصية أخيراً وصول 16 مهاجراً سورياً على متن قارب مصنوع من الألياف الزجاجية، يصل طوله إلى سبعة أمتار، وقد بدأ رحلته من ساحل طرطوس.

وبحسب وحدة الأجانب والهجرة في قبرص، فإنّ المهاجرين غير النظاميين الذين يصلون عن طريق البحر يأتون بمعظمهم على متن قوارب من طرطوس، ويقصدون كاب غريكو جنوب شرقي الجزيرة.

وقد دفع ذلك السلطات القبرصية، قبل أكثر من عام، إلى إعلان حالة طوارئ، في حين صرّح وزير الداخلية القبرصي المنتهية ولايته نيكوس نوريس بأنّ بلاده تشهد موجة يومية من المهاجرين الواصلين إليها بحراً من ميناء طرطوس السوري.

وعلى الرغم من الاجراءات الأمنية المشدّدة في الموانئ السورية منذ أعوام طويلة، فإنّ أعداد المهاجرين السوريين من منطقة الساحل في ازدياد، الأمر الذي يشير إلى تغاضي أجهزة النظام الأمنية عن مثل هذه الرحلات، بحسب ما قال الناشط الإعلامي في اللاذقية أبو يوسف جبلاوي.

أضاف جبلاوي لـ"العربي الجديد" أنّ "هذه الرحلات ليست جديدة وهي معروفة محلياً ومعروف من يديرها، وتجري بموافقة جهاز الأمن العسكري المسؤول عن مراقبة السواحل في مقابل رشاوى ومبالغ مادية تُدفَع للضباط المسؤولين".

وأوضح جبلاوي أنّ القوارب بمعظمها، وهي خشبية صغيرة معدّة للصيد، تخرج من منطقة تقع ما بين مدينتَي طرطوس وبانياس، في مقابل تسديد الفرد مبالغ مادية تتراوح ما بين ثلاثة آلاف وأربعة آلاف دولار أميركي، علماً أنّ تلك القوارب تحمل أحياناً أطفالاً ونساء وتنشط صيفاً بصورة كبيرة لانخفاض مخاطر الإبحار.

وتفرض أجهزة النظام الأمنية منذ عام 2011 إجراءات أمنية مشدّدة في موانئها على الصيادين، من قبيل كشف الذهاب والإياب، وتحديد مساحات للصيد، وإذن أمني يسمح للصياد بالعمل، بالإضافة إلى تحديد كميات المحروقات المسموح استخدامها في رحلة الصيد الواحدة.

في سياق متصل، قال نزار، شاب عشريني من مدينة بانياس الواقعة إلى جنوب طرطوس، إنّ "هذه الرحلات تُنسَّق عبر سماسرة مكاتب يرتبطون بأفرع أمنية تؤمّن لهم الحماية وعدم الملاحقة في مقابل مبالغ مادية". أضاف أنّ "المهاجرين يأتون من مختلف المحافظات السورية ويُجمّعون في فنادق بالمدينة، إلى حين تحديد موعد الرحلة مع اكتمال التجهيزات في قوارب يشتريها صيادون من أجل ذلك".

وتتراوح أعداد المهاجرين في كلّ قارب ما بين 25 و50 مهاجراً، بحسب سعته، ويقوده في الغالب أحد المهاجرين من أبناء المنطقة البحرية الذين لديهم اطلاع بالصيد، من خلال استخدام نظام تحديد المواقع (جي بي إس)، علماً أنّ قائد القارب يُعفى من تكاليف الرحلة.

وتابع نزار، الذي فضّل عدم كشف اسمه كاملاً لدواع أمنية، أنّ ثمّة أصدقاءً له هاجروا بالفعل على متن هذه القوارب، وهو بدوره يفكّر حالياً بخوض هذه التجربة. ولفت إلى أنّ "المهرّبين يشترطون دفع المبلغ المحدد كاملاً قبل خوض الرحلة، وذلك من دون أيّ ضمانات".

وتبلغ المسافة ما بين طرطوس وقبرص 225 كيلومتراً، وتستغرق الرحلة البحرية ما بين ستّ ساعات وثماني، بحسب حالة الطقس.

ولم تُسجَّل في الآونة الأخيرة حوادث غرق بين القوارب المتوجّهة من طرطوس إلى قبرص، في حين أعلنت السلطات القبرصية عن إنقاذ قوارب عديدة قبالة شواطئها.

ويعزو الناشط في الساحل السوري أحمد اللاذقاني زيادة رحلات الهجرة من مناطق سيطرة النظام على الرغم من مخاطرها إلى "حالة اليأس التي وصل إليها السوريون من جرّاء الأوضاع الاقتصادية وانهيار الليرة السورية، وصعوبة تأمين عمل يعود بمرود مادي جيد".

أضاف اللاذقاني لـ"العربي الجديد" أنّ "الهجرة صارت حديث الجميع في سورية، حتى الأطباء. فالشباب في حالة يأس إزاء تأمين مستقبلهم، ويتوجّه بعض منهم إلى دول الخليج ومصر، في حين يخوض آخرون رحلات موت في اتّجاه أوروبا، على أمل تحقيق مستقبل أفضل".

المساهمون