درجة حرارة سطح المحيطات تصل إلى مستوى قياسي

درجة حرارة سطح المحيطات تصل إلى مستوى قياسي

09 ابريل 2023
درجة حرارة المحيطات تؤثر في الأسماك (جيان ماركو بينيديتو/ الأناضول)
+ الخط -

حطّمت درجة حرارة سطح المحيطات جميع الأرقام السابقة، لتصل إلى 21.1 درجة مئوية منذ بداية إبريل/ نيسان الجاري، بحسب بيانات أولية صادرة عن الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA)، وهو أعلى مستوى لها على الإطلاق. وتجاوزت أعلى مستوى سابق، وهو 21 درجة مئوية، وقد سُجل عام 2016، الأمر الذي أدى إلى زيادة موجات الحر البحرية.

ويقول عالم المناخ في جامعة "نيو ساوث ويلز" البروفيسور ماثيو إنغلاند، إن المسار الحالي يشير إلى أن درجات الحرارة في المحيطات تخطت كل الأرقام المسجلة كانعكاس لتغير المناخ، لافتاً إلى أن ثلاث سنوات من ظاهرة "لا نينا" في المحيط الهادئ الاستوائي ساعدت في خفض درجات الحرارة، ما أدى إلى الحد من تأثير انبعاث غازات الاحتباس الحراري

من جهته، يوضح الأستاذ المساعد في مركز أبحاث تغير المناخ في جامعة "نيو ساوث ويلز" أليكس سين جوبتا، أن الأقمار الصناعية أظهرت أن ارتفاع درجات الحرارة على سطح المحيط كان "الأكبر والأخطر" منذ ثمانينيات القرن الماضي.

ويقول: "المثير للدهشة أن السنوات الثلاث الماضية كانت دافئة حقاً، وكانت هناك موجات حارة بحرية معتدلة إلى قوية في مناطق عدة، بما في ذلك جنوب المحيط الهندي وجنوب المحيط الأطلسي قبالة شمال غرب أفريقيا، وحول نيوزيلندا، وقبالة شمال شرق أستراليا وغرب أميركا الوسطى". ويضيف أنه "ليس معتاداً رؤية الكثير من موجات الحر البحرية الشديدة في الوقت نفسه".

النينيا والنينيو

تُعرّف الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي الأميركية ظاهرتي النينيا والنينيو، بأنهما نمطان مناخيان متعارضان في المحيط الهادئ يؤثران بالطقس في جميع أنحاء العالم.

وتشير ظاهرة النينيا إلى انخفاض درجات حرارة سطح المحيطات على نطاق واسع في وسط وشرق المحيط الهادئ الاستوائي، إلى جانب تغيرات في دوران الغلاف الجوي المداري، مثل الرياح والضغط وتساقط الأمطار. وعادة ما تكون لها آثار عكسية على الطقس والمناخ، على غرار ظاهرة النينيو، وهي المرحلة الدافئة لما يُسمى ظاهرة النينيو - التذبذب الجنوبي (ENSO).

وتحدث ظاهرة النينيو والنينيا كل سنتين إلى سبع سنوات في المتوسط، لكنها لا تحدث وفقاً لجدول زمني منتظم. بشكل عام، تحدث ظاهرة النينيو بشكل متكرر أكثر من ظاهرة النينيا.

والنينيو هو الطفل الصغير باللغة الإسبانية، ويعود تاريخ استخدام الكلمة إلى القرن السابع عشر، إذ لاحظ الصيادون في أميركا الجنوبية لأول مرة فترات من الماء الدافئ غير المعتاد في المحيط الهادئ، وأطلقوا على ذلك اسم El Niño de Navidad، إذ إن ظاهرة النينيو عادة ما تبلغ ذروتها في شهر ديسمبر/ كانون الأول.

من هنا، يمكن أن تؤثر ظاهرة النينيو في الطقس بشكل كبير. إذ تسبب المياه الأكثر دفئاً تحرك تيار نفاث في المحيط الهادئ، لتصبح مناطق شماليّ الولايات المتحدة وكندا أكثر جفافاً ودفئاً من المعتاد. لكن في ساحل الخليج والجنوب الشرقي للولايات المتحدة، تكون هذه الفترات أكثر رطوبة من المعتاد، وتزيد من حدوث فيضانات.

وبحسب بيانات الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي، فإن ظاهرة النينو التي حدثت من 2014 وحتى 2016، تزامنت مع ثاني أعلى متوسط درجات حرارة للمحيطات على مستوى العالم.

ماذا حدث في المحيطات؟

خلال السنوات الثلاث الماضية، ساهمت ظاهرة النينيا في ارتفاع درجات الحرارة. ويرى الخبراء أن استمرار ارتفاع درجات الحرارة قد يشير إلى احتمال حدوث ظاهرة النينيو في المحيط الهادئ الاستوائي في وقت لاحق من هذا العام، والتي يمكن أن تزيد من مخاطر الظروف الجوية القاسية وتتجاوز سجلات الحرارة العالمية.

ويعترف كبير علماء الأبحاث في الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي مايك مكفادين، بأن ارتفاع درجات حرارة المحيطات ما هي إلا إشارة إلى تغير المناخ.

الحياة البحرية

وبحسب صحيفة "ذا غارديان" البريطانية، يتوقع أن يسبب ذوبان الجليد في القطب الجنوبي حدوث تباطؤ سريع في تيار أعماق المحيطات بحلول عام 2050، وقد يشير ذلك إلى حصول تغيرات إضافية بشأن درجة حرارة المحيطات. ويقول عالم المناخ والباحث في المركز الوطني الأميركي لأبحاث الغلاف الجوي كيفين ترينبيرث، إن الملاحظات أظهرت أن الحرارة في المحيط الهادئ الاستوائي تمتد إلى أكثر من 100 متر. بالتالي، فإن الحرارة سيكون لها تأثيرات غير مباشرة في الغلاف الجوي، ما يؤدي إلى المزيد من الارتفاع في الحرارة.  

من جهة أخرى، وبسبب ارتفاع درجة حرارة المحيطات، وجدت الدراسة تراجع أكثر من 500 نوع من الحياة البحرية على الشعاب المرجانية الأسترالية. ومن غير المستبعد أن يكون لموجات الحرارة البحرية آثار مدمرة على الحياة البرية البحرية.

بدوره، يؤكد عالم المناخ ومصمم النماذج في جامعة "موناش"، البروفيسور ديتمار دومينجيت، أن "إشارة الاحتباس الحراري التي يسببها الإنسان كانت أكثر وضوحاً في المحيطات، ومن الواضح أننا في مناخ سريع الاحترار، وسنرى أرقاماً قياسية جديدة طوال الوقت".

ويتوقع دومينجيت تسجيل ارتفاع في درجات الحرارة في الفترة المقبلة، ليس فقط في المحيط، ولكن على اليابسة.

المساهمون