خريج غزي يفتتح مشروع "كأس منسف"

خريج غزي يفتتح مشروع "كأس منسف"

29 يناير 2023
يقدم أبو الخير المنسف بطريقة سريعة (محمد الحجار)
+ الخط -

وسط حي الرمال غربي مدينة غزة يشتري أشخاص من مطعم صغير يملكه الشاب عمر أبو الخير وجبة المنسف الشعبية التي تشتهر في الأردن وفلسطين، موضوعة داخل كأس من كرتون، في ابتكار يخالف التقاليد المعروفة لتناول المنسف على موائد وفي أطباق، لكن كل المكونات الأساسية للوجبة تتوفر في هذه الكأس التي تعكي نجاح أبو الخير في تطبيق فكرته التي نقلها من الأردن الى قلب مدينة غزة.
 نفذ أبو الخير (26 عاماً) قبل شهر فكرة إنشاء مطعمه الصغير الذي يقدم فيه كأس المنسف وسندويشات سريعة، وهو يخصص ثلاثة أيام في الأسبوع لإعداد وجبة المنسف في كأس من كرتون. ولاقى المشروع منذ البداية إقبالاً جيداً بعدما نجح أبو الخير في الترويج له عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

جذب أبو الخير الشبان والشابات وحتى السيدات الكبار من مناطق مختلفة في قطاع غزة من أجل تذوق كأس المنسف، وهو قضى فعلياً وقتاً طويلاً في تنفيذ فكرته بعد أشهر طويلة من البطالة تلت تخرجه من قسم المحاسبة في جامعة الأزهر بغزة.
وكانت فكرة كأس المنسف راودت أبو الخير حين زار شقيقه في الأردن قبل سنتين، وتعلم في هذا البلد الطريقة الأصلية لتحضير وجبة المنسف على أيدي أفراد من عائلات فلسطينية وأردنية، كما شاهد فكرة وضع المنسف في كأس كبيرة من كرتون في مدينة نابلس بالضفة الغربية، وعلِم أيضاً أن الفكرة تواجه انتقادات في مجتمع الضفة الغربية والأردن.

الصورة
تتواجد أفكار كثيرة في مجتمع قطاع غزة (محمد الحجار)
تتواجد أفكار كثيرة في مجتمع قطاع غزة (محمد الحجار)

يقول لـ"العربي الجديد": "أحب كثيراً أكلة المنسف، كما يميل كثيرون من سكان غزة لتناول الأكلات الدسمة مثلها، واستخدام كأس من كرتون في تقديمها فكرة لافتة، خصوصاً أنها تحتوي على نفس كمية الطبق، والأمر يتعلق بترسيخ الفكرة التسويقية. في غزة الناس منفتحون على التطور رغم أنهم يعيشون في بيئة مغلقة وصغيرة. وأنا أقدم فكرة تقديم أكلة المنسف بطريقة سريعة في وقت تدرجها مطاعم كثيرة ضمن قائمة المأكولات الشرقية، وذلك بتكلفة مرتفعة تتجاوز غالباً قدرة المواطنين. كما أعد سندويشات سريعة في محيط مكتظ بالمكاتب والشركات والمحلات التجارية".

الصورة
تحتوي كأس الكرتون على كافة مكونات أكلة المنسف (محمد الحجار)
تحتوي كأس الكرتون على كافة مكونات أكلة المنسف (محمد الحجار)

ويتحدث عن فترة مظلمة في حياته امتدت نحو عام وشعر فيها بإحباط كبير من إغلاق فرص عمل كثيرة أمامه، حتى ولو كانت فرصا مؤقتة، ويشير إلى أنه فكر مثل كثيرين من شباب غزة في السفر للبحث عن فرصة عمل، في وقت يخوض عدد من شباب قطاع غزة تجارب رحلات الهجرة الشرعية والسرّية عبر المنافذ المتاحة، بينها سواحل ليبيا وتونس وتركيا.

الصورة
أطلق أبو الخير فكرته بعدما قضى شهوراً بلا عمل  (محمد الحجار)
أطلق أبو الخير فكرته بعدما قضى شهوراً بلا عمل (محمد الحجار)

ويقول: "لست ضد فكرة السفر والهجرة للعمل في الخارج، وكنت مستعداً في أحد الأيام لمواجهة مصاعب السفر خارج القطاع، لكنني شخص يحب قطاع غزة والبقاء فيه، واعتبر نفسي محظوظاً لأنني وجدت إمكانات لتنفيذ هذا المشروع".
يضيف: "هناك الكثير من الأفكار في مجتمع قطاع غزة، لكن الإمكانات تخلق عوائق، وكذلك قيمة الإيجارات المرتفعة في أماكن مناسبة مثل الأسواق، كما أن الأوضاع المرتبطة بالاحتلال الإسرائيلي والحصار والاقتصاد الضعيف والرواتب الضئيلة وارتفاع نسبة بطالة وغيرها تجعل مصير مشاريع كثيرة الإغلاق والفشل".

الصورة
في غزة الناس منفتحون على التطور (محمد الحجار)
في غزة الناس منفتحون على التطور (محمد الحجار)

ويزور مطعم أبو الخير عدد من الغزيين الذين كانوا يعيشون في الأردن، ويبدون إعجابهم بمذاق كأس المنسف التي  يقدمها خصوصاً بسبب تضمنها نكهة الجميد الأردني الأصلي، وأحدهم أدهم الطيبي الذي عاش 10 سنوات في الأردن وعاد إلى غزة أخيراً، والذي يقول لـ"العربي الجديد": "يحب مجتمع غزة الأكل ويعده بطريقة شهية، فينسى أهله همومهم في إبداعات الأكل والاطباق التي تساهم في تغيير المزاج، وأنا من أنصار الفكرة".
في المقابل يعارض معين زايد الفكرة، إذ يعتبر أن بقاء الموائد التقليدية في المجتمع الفلسطيني والأردني يُحافظ على التراث بين الشعبين، ويقول لـ "العربي الجديد": "نحن مع التطور لتسهيل حياة الناس، لكن الحفاظ على ما اعتدنا عليه في موائدنا وطعامنا الذي يجمعنا على مائدة واحدة يحافظ على تراثنا في المأكولات، لذا أعتبر وجود الكأس في الأطباق شيئاً مستفزاً".

قضايا وناس
التحديثات الحية

وبحسب المركز الفلسطيني للإحصاء، بلغ عدد العاطلين من العمل أكثر من 15 سنة 372 ألف شخص عام 2021 توزعوا على 230 ألفاً في قطاع غزة و142 ألفاً في الضفة الغربية. 
وبلغ معدل البطالة بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 19 و29 عاماً من الخريجين الذين يحملون شهادة الدبلوم المتوسط أكثر من 53 في المائة يشكلون نسبة 27 في المائة من إجمالي العاطلين من العمل. 
وعلى مستوى المنطقة بلغ معدل البطالة للشباب الخريجين في الضفة الغربية 36 في المائة مقابل 74 في المائة في قطاع غزة.


 

المساهمون