حملات أمنية لمكافحة شبكات المخدرات في الشرق الليبي

حملات أمنية لمكافحة شبكات المخدرات في الشرق الليبي

14 فبراير 2024
تكثيف الحملات الأمنية ضد المخدرات في ليبيا (عبد الله دوما/فرانس برس)
+ الخط -

أعلن جهاز مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية الليبي (حكومي) مؤخراً اكتشاف أول مصنع للمخدرات في تاريخ البلاد في مدينة طبرق الحدودية مع مصر، ضمن حملة موسعة استهدفت أوكاراً للخمور والمؤثرات العقلية.
ووفقاً لبيان إعلامي أصدره الجهاز، فإن فرقه "تمكنت من ضبط عدد من العاملين داخل المصنع، وكمية كبيرة من المخدرات، وتم اكتشاف أن المصنع يحتوي على آلات خلط، ومكابس وقوالب لرسم قطع المخدرات، إضافة إلى آلات للتغليف قبل بدء التوزيع".
وفي الرابع من يناير/كانون الثاني الماضي، أعلن ذات الجهاز عن مداهمة فرقه مقراً لتصنيع الحبوب المهلوسة والأدوية المغشوشة في مدينة طبرق أيضاً، وفي الفترة اللاحقة، نفذ الجهاز بالتنسيق مع الفرق الأمنية أكثر من تسع عمليات لضبط تجار مخدرات في عدد من المناطق والمدن في شرقي البلاد، من بينها عملية في بنغازي في السابع والعشرين من يناير، تم خلالها ضبط 63 مطلوباً في قضايا مختلفة، أغلبها قضايا تجارة مخدرات.
وفي اليوم التالي، نفذت الشرطة النسائية بمديرية أمن بنغازي، بدعم من جهاز دعم المديريات في المنطقة الشرقية، عملية على أوكار الجريمة والمخدرات في حي الوحيشي، تم خلالها ضبط 23 امرأة يمتهن أنشطة غير قانونية، من بينها تجارة المخدرات، وجرى ضبط كميات منها، وفي ذات الفترة، أعلن جهاز مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية ضبط أكبر تاجر مخدرات في مدينة درنة، وكان برفقته كمية كبيرة من مخدر الحشيش.

حجم المخدرات المضبوطة في ليبيا يؤكد أنها ليست للاستهلاك المحلي

وتعمل سلطات شرقي ليبيا منذ سنوات على تفكيك شبكات الاتجار بالمخدرات، ففي فبراير/ شباط 2023 الماضي، أطلقت أجهزة أمن بنغازي رفقة قوى مسلحة، حملة واسعة دامت عدة أيام في حيي الوحيشي وأبو هديمة في المدينة، تخللها مواجهات مسلحة مع أفراد عصابات الاتجار بالمخدرات، وتم خلالها ضبط كميات كبيرة من المواد الممنوعة والمخدرات، وتوقيف العشرات من أفراد العصابات.

في شهر فبراير من العام الماضي، أعلنت الجمارك الليبية ضبط أكبر شحنة من مخدر الكوكايين، قدّر حجمها بـ 269 كيلوغراماً، في ميناء الخمس البحري (غرب)، موضحة أن "الكمية كانت مخبأة في حاوية على متن سفينة كانت محملة بشحنة من الدجاج المجمد، وكان مسارها الخط الملاحي البرازيل - إسبانيا - إيطاليا - الخمس".

الصورة
تنشط شبكات المخدرات في مناطق جنوب ليبيا (محمود تركية/فرانس برس)
تنشط شبكات المخدرات في مناطق جنوب ليبيا (محمود تركية/فرانس برس)

ويعتبر الناشط المدني علي المجبري أن تفشي المخدرات في مناطق شرق البلاد دليل على فشل "المقاربة العسكرية دون الأمنية"، إذ تسيطر على مناطق الشرق قوات عسكرية تركز بالأساس على واجبات لا يعد البعد الأمني من بينها، وبالتالي فإن هذه الأجهزة، ومن بينها جهاز مكافحة المؤثرات العقلية، لا يتولى قيادتها شخصيات أمنية متخصصة، مشيراً إلى أن "الانهيار الأمني في البلاد، واستمرار انفتاح الحدود في اتجاه الجنوب، جعلا من موانئ الشرق طريقا سهلاً للوصول إلى العمق الأفريقي، حيث الممرات الدولية والإقليمية لتهريب المخدرات".
يضيف المجبري لـ"العربي الجديد" أن "الكميات التي يتم ضبطها، وكذا المصانع المكتشفة، لا تركز في أعمالها على الاستهلاك المحلي، بل تحاول خلق تمركزات لتكون نقاط مرور عابرة للبلاد"، لكنه يستدرك بالقول: "هذا لا يعني أن كميات لا بأس بها من إنتاج هذه المصانع، وأيضاً الكميات القادمة من الخارج لا تستهدف شبابنا، والأخطر الذي يمكن أن يشكل ظاهرة جديدة في ليبيا هو دخول شريحة النساء في تصنيفات متعاطي الخمور والمخدرات، على خلاف ما هو معروف عن طبيعة المجتمع الليبي المائلة للمحافظة الشديدة في جانب المرأة".

ويتفق الباحث بكلية الدراسات العليا للعلوم الأمنية، وجدي عويدة، مع رأي المجبري في أن غالبية إنتاج المصانع والكميات القادمة من خارج البلاد لا تستهدف الداخل، بل تعبر ليبيا إلى أسواق أخرى أكثر استهلاكاً، ويقول لـ"العربي الجديد": "الكميات المضبوطة في كثير من الحملات والمداهمات كبيرة بالنسبة لنسب التعاطي في ليبيا، حتى ولو بشكل تقديري ما دمنا لا نملك إحصاءات دقيقة، لكن الخطر الحقيقي يتمثل في انتقال الوضع إلى بناء مصانع للمخدرات، وهو ما لم يسجل في السابق".
ويعلق عويده بالقول: "مثل هذا القدر من المخدرات لا يملك أن يكون مخصصاً للاستهلاك المحلي، فالتحقيقات وعمليات المداهمات أثبتت أن الأقراص المخدرة هي الأكثر شيوعاً في ليبيا، ويأتي بعدها مخدر الحشيش"، مؤكداً أن مؤشرات أخرى تنبه إلى ارتفاع مستوى المخاطر المتعلقة بظاهرة التصنيع المحلي للمخدرات، ومنها اكتشاف مزارع للحشيش في الجنوب الليبي.

المساهمون