تونس: منظمات تُحذّر من التداعيات البيئية لهدر الطعام في رمضان

27 فبراير 2024
في أحد أسواق تونس خلال شهر رمضان في 23 مارس 2023 (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -

دقّت منظمات بيئية وجمعيات حماية المستهلك ناقوس الخطر من تداعيات هدر الغذاء في تونس، تزامناً مع اقتراب شهر رمضان، مؤكدة استعدادها لإطلاق حملات توعية وخطط تهدف إلى تغيير السلوك الاستهلاكي للتونسيين بناء على المعطيات الاقتصادية والمناخية الجديدة.

ويكثر إهدار الطعام في تونس خلال شهر رمضان، إذ تذهب كميات كبيرة من الأكل إلى حاويات القمامة، وفقاً لرصد المنظمات المعنية، هو ما يزيد الضغط على الموارد الطبيعية التي باتت شحيحة مع تواصل تهديدات التغيرات المناخية.

وكشفت بيانات رسمية لمعهد الاستهلاك الحكومي في تونس صدرت عام 2023، أن تبذير المواطن التونسي في الأكلات المطبوخة يرتفع في شهر رمضان أكثر من الأيام العادية بنسبة 66.6 في المائة، وفي مادة الخبز بـ 46 في المائة، والغلال بـ31.7 في المائة، فيما يصل مستوى التبذير في الحلويات إلى 20.2 في المائة، واللحوم بنسبة 19.2 في المائة.

ويقول الناشط البيئي الذي يدير جمعية لتدوير الفضلات والنفايات، حسام حمدي، إنّ" ارتفاع هدر الغذاء يقابله زيادة في كميات النفايات التي تخرج يومياً من المنازل جراء استعمالات مفرطة لمواد تستخدم في طبخ وجبات الإفطار والسحور".

ويؤكد حمدي لـ"العربي الجديد"، أنّ "التغيرات المناخية القاسية التي تمر بها تونس وتراجع مخزونات المياه باتت تفرض نمطاً استهلاكياً جديداً يحدّ من الإسراف الغذائي وهدر موارد يتطلب إنتاجها موارد طبيعية كبيرة".

وتابع" خلال شهر الصيام يهدر التونسيون 46 في المائة من مادة الخبز، بينما عانت تونس العام الماضي أزمة إنتاج للحبوب بسبب الجفاف الذي أتلف المحاصيل".

واعتبر أن "الهدر الغذائي عملية مكلفة جداً وثقيلة على الطبيعة، إذ تشكّل الفضلات العضوية التي يفرزها صنع الغذاء 70 في المائة من سلة فضلات كل مواطن تونسي". وأشار المتحدث إلى أن" كبح هدر الغذاء يساوي توفيراً في الموارد الطبيعية وتعاملاً أحسن مع الفضاء البيئي".

وقدّر حمدي حجم الفضلات التي ينتجها كل مواطن تونسي سنوياً بنحو 300 كلغ، لافتاً إلى أن الإنتاج الفردي للفضلات يرتفع خلال شهر رمضان.

وحول تأثير الأزمة الاقتصادية على سلوك التونسيين الاستهلاكي، قال حسام حمدي إن "الجمعيات البيئية لم تسجل أي تراجع على مستوى كميات الفضلات المنتجة ما يؤكد تواصل النسق الاستهلاكي العادي للمواطنين".

وأضاف: "التونسيون تعوّدوا على الوفرة والخصب وأن الماء والخبز لا ينضبان، وحان الوقت ليعرفوا أن الماء ينضب بسبب التغيرات المناخية، والخبز ينضب بسبب الأزمات والحروب"، مطالباً بـ"مشاركة أوسع للمختصين في علم الاجتماع في دراسة السلوك الاستهلاكي للتونسيين وإيجاد حلول لترشيده".

في المقابل، أكد حمدي رصد تغيير على مستوى نوعيات الفضلات وذلك بالتحول أكثر فأكثر نحو المواد الغذائية المعلبة.

ويمثل هدر الغذاء في رمضان عادة متوارثة عن الأجيال السابقة التي كانت تستفيد من وفرة المنتجات الزراعية والسلع وضعف أسعارها، بما يسمح لكل الطبقات الاجتماعية بإعداد أطباق تفوق حاجياتهم الحقيقية في أغلب الحالات.

ويقول رئيس منظمة الدفاع عن المستهلك، عمار ضيّة، إن "هدر الغذاء سلوك قديم ومتأصل في المجتمع التونسي لا تؤثر فيها الأزمات الاجتماعية".

ويضيف لـ"العربي الجديد" أن "الإسراف الغذائي يبلغ مداه في شهر رمضان"، مشيراً إلى أن "التبذير يشمل كل الطبقات الاجتماعية، بمن في ذلك شريحة الفقراء".

ويشير في سياق متصل إلى أن "منظمة الدفاع عن المستهلك" أطلقت خطة تهدف إلى تغيير السلوك الاستهلاكي للتونسيين بناء على المعطيات الاقتصادية والمناخية الجديدة، غير أن هذه الحملة ستوجّه للناشئة بدرجة أولى".

ويوضح ضية أن "الحملات التوعوية للحد من هدر الغذاء وتوطين سلوك استهلاكي رشيد تتوجّه أساساً إلى الناشئة للمساهمة في صناعة جيل جيد يحسن التعامل مع الموارد المتاحة له".

ويرى رئيس منظمة الدفاع عن المستهلك، أن "السلوك الاستهلاكي غير الرشيد يسبب خسائر مضاعفة للأسر، وذلك بارتفاع فاتورة الإنفاق من جانب وإهدار الطعام من جانب آخر بسبب طبخ وجبات لا تُستهلك.

المساهمون