تصاعد جرائم القتل العائلية في العراق

تصاعد جرائم القتل العائلية في العراق

14 فبراير 2021
جرائم شبه يومية داخل العائلة الواحدة (علي يوسف/فرانس برس)
+ الخط -

 يتصاعد العنف المنزلي في العراق، على نحو متسارع، إذ أصبحت جرائم القتل العائلية تتكرّر أسبوعياً، حتى باتت مثار قلق حقيقي في المجتمع العراقي. وبينما يؤكّد مختصّون أنّ دوافع اقتصادية ونفسية تقف وراء تلك الجرائم، فإنهم حمّلوا الحكومة والجهات المختصّة مسؤولية إيجاد الحلول لتلك الأزمات، والبرلمان لتشريع قانون العنف الأسري المعلّق منذ سنوات.

وتسجّل المحافظات العراقية، بشكل عام، ولا سيما الجنوبية، جرائم شبه يومية، داخل العائلة الواحدة، إذ يمكن أن تتطوّر الخلافات البسيطة حول قضايا الإرث أو فسخ خطوبة أو انفصال بين زوج وزوجته مثلاً، إلى استعمال السلاح الناري أو غيره.

واليوم سجّلت محافظة واسط، جريمة مروعة، إذ أقدم شاب على قتل والده، ورمى جثته على قارعة طريق زراعية، وذكر بيان لشرطة المحافظة أنها "ألقت القبض على الشاب الجاني، وقد اعترف بارتكاب الجريمة".

وأوضح البيان أنّ "الشاب كان مديناً بمبلغ مالي لأحد أصدقائه، وحاول بيع عدد من مواشي أبيه لسداد الدين، لكنّه (الأب) رفض ذلك، ما دفع الابن إلى قتله ورمي جثته".

ولا توجد إحصائية رسمية لأعداد تلك الجرائم، إلّا أنّ مسؤولاً في جهاز الشرطة العراقي أكّد أنّ "تلك الجرائم تسجّل أسبوعياً، وأحياناً تدوَّن جريمة أو جريمتان في اليوم الواحد". وأضاف لـ"العربي الجديد"، أنّ "تلك الجرائم تصاعدت أخيراً، وفي أغلب الأحيان يُقبَض على منفذيها وتصدر أحكام قانونية بحقهم".

وأكّد أنّ "عمليات اعتقال المنفذين ليست صعبة، إذ يُقبَض على أغلبهم، لكون هؤلاء ليسوا محترفين ولا يتقنون التخفي والهرب، والكثير منهم يسلّمون أنفسهم للشرطة". وأضاف أنّ "أغلب تلك الجرائم تسجّل في المحافظات والمدن المتعبة اقتصادياً".

وعلّق خبراء في الشؤون المجتمعية، معتبرين أنّ خلف تلك الجرائم ظروفاً نفسية غير مستقرّة، وهي انعكاس للوضع الاقتصادي والأمني، والبطالة المتفشية بين الشباب. وقال المتخصّص في علم الاجتماع، عامر البياتي، إنّ "تصاعد تلك الجرائم اليومية بات أمراً مقلقاً للغاية. يجب الوقوف على أسبابها ودوافعها، وإيجاد حلول عاجلة لتأهيل الشباب للابتعاد عن هذه الجرائم،  والحكومة تتحمّل مسؤولية عن كل ذلك". وأكّد لـ"العربي الجديد" أنّ "تلك الجرائم لم تعد فردية، بل أصبحت ظاهرة يومية وخطيرة بالمجتمع".

وأضاف أنّ "خلف كل تلك الجرائم أسباباً وحالات نفسية يعيشها الشاب، بسبب الظرف الاقتصادي الصعب، والبطالة، والتأثر بالعنف المحيط به من كلّ مكان، سواء عنف الإرهاب اليومي، أو عنف المليشيات والجماعات المسلّحة".

وشدّد على أنه "يجب أن تعمل الحكومة بالتعاون مع المراكز البحثية ومنظمات المجتمع المدني والمؤسسات الإعلامية، على تأهيل الشباب، والسعي لإشغالهم بما فيه منفعتهم، ومحاولة توفير فرص عمل بحسب إمكاناتهم، لإنهاء هذه الظاهرة الخطيرة".

واعتبر عامر البياتي أنّ "عدم إقرار قانون العنف الأسري لغاية الآن، رغم مرور عدة سنوات عليه، فاقم المشكلة وسبّب وفيات جرّاء غياب الرادع".

من جهته، عدّ عضو مفوضية حقوق الإنسان العراقية، علي البياتي، أنّ غياب الدولة عن رعاية الأسر، هو السبب الحقيقي وراء تلك المشاكل الخطيرة، وقال في تغريدة له: "ما يحدث من تعنيف أسري هو انفجار حقيقي لمشاكل اقتصادية واجتماعية وغياب دور الدولة في رعاية الأسرة وحمايتها".

أما الباحث شاهو القرداغي، فبدا ممتعضاً مما وصل إليه المجتمع، وكيف أصبح قرار القتل بسيطاً، وقال في تغريدة له: "هذه الأحداث اليومية المؤلمة توضح أنّ قرار القتل أصبح أسهل وأبسط قرار، ويُلجأ إليه لأتفه الأسباب!".

المساهمون