تجدد التحذيرات من زلزال إسطنبول المدمر

تجدد التحذيرات من زلزال إسطنبول المدمر

08 اغسطس 2023
ألحق زلزال 6 فبراير الماضي دماراً كبيراً بإحدى عشرة ولاية تركية (أرشيف/Getty)
+ الخط -

يثير سماع كلمة زلزال، الرعب لدى الأتراك، بعد الدمار الهائل الذي أحدثه زلزال 6 فبراير/شباط الماضي، وأسفر عن مقتل نحو 50 ألفاً، وألحق دماراً كبيراً بإحدى عشرة ولاية تركية، سميت بالمنكوبة جراء ما يصفه الأتراك حتى اليوم، بكارثة القرن.

لذا، زاد تحذير الخبير الجيولوجي التركي، ناجي غورور من زلزال مدمر سيطاول إسطنبول، من رعب نيف وعشرين مليوناً يسكنون المدينة التركية الأكبر، وأعاد تنبيه البلديات، لزيادة التدريب وهدم المباني المهددة.

يقول غورور إن ما يقارب من 2.5 مليون شخص يعيشون في إسطنبول يمكن أن يواجهوا خطر الموت جراء الزلزال المتوقع، الذي قدّر شدته خلال حديث تلفزيوني نقلته محطة "خبر تورك"، أمس الاثنين، بين 7.2 و7.6 درجات. ما سيسبب بحسب غورور أضرارًا أكبر من تلك التي نجمت عن زلزال 6 فبراير"لن تكون قادرًا على تقديم مساعدة أو إنقاذ أي شخص".

الصورة
زلزال تركيا في عام 1999 - مجتمع - 26/11/2017
زلزال تركيا في عام 1999 (أرشيف/Getty)

وعن المباني القديمة التي تمتاز بها المدينة الأثرية، خاصة بمنطقة الفاتح، يشير الجيولوجي التركي إلى أن نحو 600 ألف منزل في خطر، قائلاً "تخيل أربعة أشخاص في كل منزل وبالتالي، قد يواجه ما يقرب من 2.5 مليون شخص خطر الموت"، محذراً أن حصيلة الوفيات لا تُصدق، مضيفاً "لا تليق هذه الكارثة بجمهورية تركيا، لا يليق أن يموت بها عدد كبير من الأشخاص في زلزال".

ولم يحصر غورور، الزلزال في إسطنبول فقط، كاشفاً عن تأثر منطقة مرمرة برمتها "من المتوقع أن يحدث الزلزال في بحر مرمرة. وعرض المنطقة المتأثرة يتفاوت وفقًا لشدة الزلزال وطبيعة التربة وبنية المباني". مشيراً إلى التقصير الحكومي بتجهيز إسطنبول لمواجهة خطر كهذا "آت لا محالة" حتى وإن كان يصعب تحديد توقيته بدقة.


 

وأضاف "كان من الممكن تجهيز إسطنبول للتصدي للزلزال في غضون 24 عامًا منذ وقوع زلزال بقوة 7.4 درجات في عام 1999 أودى بحياة أكثر من 17 ألف شخص في منطقة مرمرة. لكن إسطنبول في حالتها الحالية غير مستعدة لمواجهة زلزال مدمر".

وطالب غورور بالإسراع في جعل كل البنية التحتية في إسطنبول مقاومة للزلازل، وهو ما يشمل تجهيز الطرق والجسور والممرات المعلقة وأعمال الصرف الصحي وشبكات المياه الصالحة للشرب. متمنياً الأخذ بكلامه وتحذيراته".

تحديد المباني غير المقاومة للزلال في إسطنبول

يرى الباحث بجامعة استينيا، ايكين بايدور، في حديث مع "العربي الجديد"، أن كلام الخبير غورور"مهم وينطلق من العلم" لكنه برأيه، يغالي بعدد المباني وربما يثير المخاوف، لأن بلديات إسطنبول حددت المباني غير المقاومة للزلازل ومعظمها بحالات تدعيم أو هدم وإعادة بناء.

وبضيف أن "التحليلات الجيولوجية والجيوديسية والزلزالية التي أجريت في قاع بحر مرمرة تظهر أن خط الصدع في كومبور غاز لم يتشقق منذ فترة طويلة كما أنه مازال مسدودا، لذا، لا أحد يستطيع التنبؤ بالزلازل، لا هيئة المسح الجيولوجي الأميركية ولا أي علماء آخرين تمكنوا من توقع الزلازل الكبيرة، يمكن فقط حساب احتمال حدوث زلزال كبير في منطقة معينة، مشيراً إلى تعديل تصاميمها بعد زلزال 1999، ورفع قدرة التحمل فيها بشكل كبير".

يرى الأكاديمي ايراي أياشلي إن إسطنبول مهددة بزلزال مدمر بالفعل، لأنها تقع بالشمال قليلاً من فالق شمال الأناضول

وكانت بلديات إسطنبول قد فرضت الكشف على الأبنية ومدى مقاومتها للزلازل، بعد أن كثفت هيئة الكوارث والطوارئ التركية "آفاد" من تمارين تأهيل عمال الإغاثة وتوعية السكان، التي يشارك فيها الآلاف من عمال الإغاثة والمتخصصين، ضمن تمارين التأهب للزلازل في إسطنبول.

كما أطلقت هيئة إدارة الكوارث والطوارئ التركية "آفاد" قبل زلزال جنوبي البلاد في فبراير الماضي، التمرين في 18 موقعًا مختلفًا في المدينة، بما في ذلك مطار إسطنبول، حيث تعمل منطقة كاتهانة على الجانب الأوروبي من المدينة كقاعدة للعمليات.

واستجابت أطقم إدارة الكوارث والطوارئ لسيناريو يضرب فيه زلزال بقوة 7.5 درجات أو أعلى، المدينة الكبرى من أجل تمرين "الإخلاء والإقامة والتخطيط" مركزين على المقاطعات الـ 39 في المدينة، التي نبهت دراسة البلدية لها.

ووصفت التمارين، بحسب بيان "آفاد" بأنها أول عملية إجلاء كبيرة، شاركت فيها، إلى جانب هيئة الكوارث، أطقم من البلديات والمنظمات غير الحكومية، وتم إدخال سكان "كاتهانة" بالتمرين من خلال إعطائهم أدوارًا في الإخلاء.

إسطنبول مهددة بزلزال مدمر

ويرى الأكاديمي ايراي أياشلي في حديث مع "العربي الجديد"، أن إسطنبول مهددة بزلزال مدمر بالفعل، لأنها تقع بالشمال قليلاً من فالق شمال الأناضول، وهو فالق زلزالي يقطع تركيا بشكل عرضي من شرقها إلى غربها، ويقسمها إلى كتلتين شمالية وجنوبية، ويعتبر هذا الفالق من أكثر الفوالق الزلزالية نشاطاً في العالم، لذا نسمع تحذيرات ونبوءات متكررة.

ويشير إلى أن تقسيم ولاية إسطنبول الكبرى مهم لتنبيه البلديات لتجهيز المباني وإزالة المباني غير المقاومة، وذلك ليس على حسب القرب من الفالق أو البعد عنه، كما نرى، بل ووفق مقاومة المباني وبنائها بعد زلزال 1999 المدمر الذي حدث في ولاية إزميت وصدرت بعده تعليمات الأبنية وشروط السلامة والمقاومة للزلازل.

الصورة
زلزال تركيا (الأناضول)
زلزال 6 فبراير الماضي أسفر عن مقتل نحو 50 ألفاً (الأناضول)

وكان العالم التركي جلال شنغور قد قسّم أحياء مدينة إسطنبول، بشطريها، الآسيوي والأوروبي، إلى متينة ومقاومة في" بايرام باشا، الفاتح، ساري يير، شيلا، بيكوز، جاتلجا، أتا شهير، بي أوغلو، بيشان تاشي وغبوة" وأخرى متينة نسبياً في "أرناؤوط كوي، باشاك شهير، تشكيم كوي، غازي عثمان باشا، بهشلي ايفلر، ايسينيورت"، مشيراً إلى ما وصفه بالمناطق الخطرة "زيتين بورنو، بيوك تشيكمجي، كوتشوك تشيكمجي، أيوب سلطان، كاغت هانة، بشتكاش، جاتلجا وأفجلار". وهي تقسيمات لم تبتعد عن تقسيمات بلدية إسطنبول الكبرى التي انطلقت منها، سابقاً، لتدعيم الأبنية وزيادة تدريب الأهالي على الإخلاء والتعامل لحظة وقوع الزلزال.

ويكشف الخبير التركي، باكير أتاجان لـ"العربي الجديد" أن حكومة بلاده "شددت أخيراً من الإجراءات الاحترازية" لكنها لا تعلن كل شيء في وسائل الإعلام، لئلا تزيد المخاوف لطالما لا يمكن تحديد زمن وقوع زلزال إسطنبول.

ويقول الخبير التركي، إن السلطات التركية بصدد بناء 350 ألف وحدة سكنية مضادة للكوارث و الزلازل، مبيناً أن الحكومة ستقدّم دعماً مالياً لأصحاب العقارات القديمة التي تحتاج إلى الصيانة والترميم، بعد تلقيها أكثر من ألفي طلب من أصحاب العقارات لترميم منازلهم القديمة" وهذا ليس سراً بل أعلنه وزير البيئة والتخطيط العمراني، محمد أوزهاسكي".

وحول ميزانية خاصة بأضرار زلزال إسطنبول، فيما لو حدث، لإسعاف المتضررين، يضيف الخبير أتاجان أن حكومة بلاده خصصت للطوارئ ومنها زلزال إسطنبول، ميزانيات خاصة إذ تقدم بين 10 آلاف و25 ألف دولار لكل مالك عقار يتضرر، بالإضافة إلى وجود خطط أخرى للاستيعاب.

ولكن يختم أتاجان بأن الأهم هي تدابير ما قبل حدوث الزلزال، وهو ما نراه بالتوازي اليوم، تجهيز المباني غير المقاومة وتأهيل السكان واستعداد فرق الإغاثة لأي طارئ لا سمح الله.

المساهمون