بعد أمطار طوفانية.. الأودية "النائمة" تهدد حياة التونسيين

بعد أمطار طوفانية.. الأودية "النائمة" تهدد حياة التونسيين

02 يونيو 2023
أمطار غزيرة وسيول في مناطق عدة بتونس (ياسين جيدي/ الأناضول)
+ الخط -

ترفع السيول الناجمة عن الأمطار الطوفانية في تونس، أخيراً، مخاطر تحريك الأودية ومجاري المياه النائمة بعدما رُدم بضعها في إطار تهيئة مناطق عمرانية جديدة أو تحويلها إلى أراضٍ تُستغل في الزراعات في المناطق الريفية.

ومنذ أسابيع تعرف مناطق تونسية هطول كميات كبيرة من الأمطار خلّفت سيولاً، ما تسبب بارتفاع منسوب الأودية، بما في ذلك التي تعرف جفافاً منذ سنوات، وتسمى نائمة، مخلّفة بذلك ما لا يقل عن 4 وفيات، بينهم أطفال.

وبحسب بيانات رسمية لصفحة الحماية الوطنية، تدخلت أجهزة الدفاع المدني خلال الأيام الأربعة الماضية في أكثر من 36 مناسبة من أجل إنقاذ أشخاص حاصرتهم المياه داخل عرباتهم كما جرت إزاحة 13 وسيلة نقل علقت بالطرق العامة ومجاري الأودية.

وأشارت في السياق إلى انتشال جثث لأشخاص جرفتهم السيول في محيط أودية في كل من مدن مجاز الباب وسيدي إسماعيل من محافظة باجة والشبيكة بمحافظة القيروان.

تحذيرات متواترة

وأصدرت مصالح الدفاع المدني تحذيرات متواترة نبهت من مخاطر للاقتراب من الأودية ومجاري المياه بعد عودة الأمطار عقب فترة جفاف استمرت ما لا يقل عن ثلاثة أشهر.

وعادة ما يعرف شهر مايو/ أيار في تونس استقراراً في العوامل الجوية وغياب الأمطار مقابل تسجيل تهاطلات خلال أشهر الصيف، غير أن التحولات المناخية أفضت إلى أمطار غزيرة أجى إلى أمطار طوفانية في مختلف مدن البلاد، بما في ذلك الجنوبية التي تتسم بالجفاف.

تحولات مناخية

وقال الباحث المختص في التنمية والمياه حسين الرحيلي إن "تونس في قلب تداعيات التحولات المناخية التي ظهرت بوادرها منذ نهاية التسعينيات، ما يجعل مخاطر عودة السيول في المجاري الطبيعية للأودية الأحفورية النائمة أمراً متوقعاً".

ونبّه الرحيلي في تصريح، لـ"العربي الجديد"، أن "الأودية تعود إلى مساراتها الطبيعية حتى بعد سنوات طويلة من جفافها ما يشكل مخاطر عالية في المناطق التي استغلّت فيها هذه المجاري ضمن التهيئة العمرانية الجديدة أو لأغراض زراعية".

وذكر الخبير في التنمية والمياه في ذات السياق أن "تونس عرفت عام 2009 في منطقة الرديف بمحافظة قفصة جنوب غرب البلاد كارثة بوفاة 37 شخصاً عقب أمطار طوفانية أدت إلى إحياء مجاري أودية أحفورية نائمة جرى استغلال مجاريها ضمن المثال العمراني للمدينة".

وأشار المتحدث إلى "ضرورة الانتباه إلى مخاطر عودة الأودية النائمة والتقليص من مخاطرها عبر إحداث شبكات واسعة لاستيعاب مياه الأمطار التي تتساقط بكثافة وفي وقت وجيز، ما يؤدي إلى سيول جارفة".

واستطرد بالقول إن "من أبرز مخاطر التحولات المناخية أنها تخلف أمطاراً طوفانية خارج المواسم التقليدية للأمطار"، مؤكداً أن "إحصائيات منظمة الأمم المتحدة أكدت أن خسائر السيول حول العالم بلغت خلال السنوات الثلاث الماضية ما يزيد عن 160 مليار دولار".

وإذ قال الرحيلي إن "استغلال مجاري الأودية الأحفورية النائمة يشكل خطراً كبيراً على سكان المناطق الحضرية والمدن"، أوضح أن "سكان الأرياف أكثر دراية بالتعامل مع الطبيعة وأكثر حذراً من مخاطر الأودية".

وفسّر وقوع ضحايا من الأطفال والشباب بسبب الغرق في الأودية، بـ"قلة درايتهم بالتعامل مع مجاري الأودية والمنشآت المائية التي تتحول إلى مصدر خطر كبير مع تساقط الأمطار بكثافة".

وساهمت الأمطار الأخيرة في تحسين منسوب الماء المخزن بالسدود الذي ارتفع إلى أكثر من 32 بالمائة بعدما نزل إلى حدود 20 بالمائة في الفترة الماضية، ما أدى إلى إعلان السلطات حالة الطوارئ المائي والتقسيط في توزيع مياه الشرب.
 

المساهمون