بريطانيا لتعويض ضحايا "الدم الملوث": تفاصيل فضيحة قتلت 2400 مريض

الحكومة البريطانية لتعويض ضحايا "الدم الملوث": تفاصيل فضيحة هزّت المملكة وقتلت 2400 مريض

08 اغسطس 2022
بلازما الدم جاءت من خلال تبرع عدد من الفئات المصنفة خطيرة (روبرت سولسونا/ Getty)
+ الخط -

تسعى الحكومة البريطانية الحالية إلى إسدال الستار على أكبر فضيحة صحيّة عصفت بتاريخ المملكة المتحدة، إثر حقن العديد من المرضى بدم ملوّث، ما أدّى إلى وفاة أكثر من 2400 مريض.

بحسب ما نقلته صحيفة "ذا غارديان" البريطانية، يتسابق الوزراء في الوقت الحالي لمساعدة المتضررين من تلك الفضيحة، إذ من المقرر أن يتم تسليمهم دفعات مالية، لا تقل عن 100 ألف جنيه إسترليني ( نحو 121 ألف دولار).

ووفق الصحيفة، سيتم تأكيد برنامج تسليم الدفعات في الأيام المقبلة، بمجرد تسوية المسؤولين للقضايا، لضمان عدم فرض ضرائب على هذه التعويضات. يُعتقد أن الوزراء سيقبلون التوصيات الأخيرة التي تنص على أن الأشخاص المصابين وذويهم يجب أن يحصلوا على الدفعات المالية كاملة.

أفادت السير بريان لانجستاف، رئيسة لجنة التحقيق العام بشأن الدم الملوث، في نهاية الشهر الماضي، بأنّ نحو 4000 ناج من ضحايا الدم الملوث سيحصلون على تعويضات مالية.

يحصل الضحايا والأسر على دعم مالي سنوي ولكن لم يتم تعويضهم عن خسارة الدخل وتكاليف الرعاية وغيرها من الخسائر مدى الحياة

في الوقت الحالي، يحصل الضحايا والأسر على دعم مالي سنوي ولكن لم يتم تعويضهم عن خسارة الدخل وتكاليف الرعاية وغيرها من الخسائر مدى الحياة.

ورحّبت المجموعات التي تمثل الضحايا بهذه التوصية الصادرة عن لجنة التحقيق، واعتبرتها خطوة كبيرة إلى الأمام نحو الاعتراف الرسمي بالمسؤولية الطبية. إذ قالت كيت بيرت، من جمعية الهيموفيليا: "توصيات اليوم لا تترك مجالًا للشك، إذ إن العديد من المصابين أو الثكالى مرضى ويموتون ويحتاجون إلى تعويضات مالية".

ما هي تفاصيل الفضيحة؟

ما بين عامي 1974 و1987، ومع انتشار مرض الهيموفيليا (اضطراب وراثي نادر)، عرضت خدمة الصحة الوطنية في بريطانيا على عدد من المرضى، ومن ضمنهم أطفال (تقريباً 120 طفلاً)، العلاج في كلية اللورد مايور تريلور، وهي عبارة عن مدرسة خاصة للأطفال ذوي الإعاقات الجسدية تقع في مقاطعة هامبشاير، جنوبي إنكلترا، وحينها، كان يتمثل العلاج الذي أشرف عليه حينها طاقم طبي مختص في حقن المصابين بعقار كان قد صنع من بلازما الدم البشري، استورد من الولايات المتحدة الأميركية.

ووفقاً للصحف البريطانية، فإن بلازما الدم التي تم نقلها من الولايات المتحدة جاءت من خلال تبرع عدد من الفئات المصنفة خطرة بالدماء، مثل السجناء، وتبين أن عددا من هؤلاء المتبرعين نقلوا فيروسات مثل التهاب الكبد أو نقص المناعة، ما أدى إلى إصابة العديد من المرضى في المملكة المتحدة.

بحسب ما نقلته شبكة "بي بي سي" عن شهادات لعدد من المصابين، أفاد ريتشارد وارويك الذي أصيب بفيروس نقص المناعة البشرية وبشكلين من أشكال التهاب الكبد، بأن التعويض الذي تقترحه الحكومة جاء متأخراً جداً. أصيب وارويك عندما كان طفلاً في عام 1978 بهذه الالتهابات بعدما تلقى علاجاً ملوثاً، وأفاد بأن أكثر من 73 طفلاً لقوا حتفهم حينها بسبب التلوث.

على مر السنين، وضعت الحكومة عدداً من المخططات التي تقدم للضحايا الدعم المالي دون أي اعتراف بالمسؤولية، إذ كانت الخطط تقوم على أساس تمويل الفواتير الصحية، واحتياجات الرعاية، إلا أن تلك المخططات لم تكن كافية من وجهة نظر المرضى.

إضافة إلى الأطفال الذين تم حقنهم بالدم الملوث والبلازما، فقد تم أيضاً استخدام العلاج لعدد آخر من المصابين. وبحسب التقارير، توفي ما لا يقل عن 2400 شخص بعد الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية أو التهاب الكبد، فيما أصيب ما يصل إلى 30000 شخص بأمراض شديدة، وصفت حينها الفضيحة بأنها أسوأ كارثة علاجية في تاريخ خدمة الصحة الوطنية البريطانية.

معايير أخلاقية

وكانت دراسة مستقلة بتكليف من الحكومة قد بدأت في العام 2021 نُشرت الشهر الماضي، طلبت فيها حكومة المملكة المتحدة من السير روبرت فرانسيس إجراء دراسة تحدد إطاراً محتملاً لتعويض المتضررين من فضيحة الدم الملوث.

خلص السير روبرت فرانسيس، بحسب ما نقلته مجلة The lancet الطبية، حيث تم نشر الدراسة، إلى أن هناك "حالة أخلاقية قوية تجبر القطاع العام على تعويض كل من المصابين والمتضررين من الدم المصاب أو منتجات الدم المصابة". وأوصى السير روبرت فرانسيس بأن الأطراف المؤهلة يجب أن تتلقى دفعات مؤقتة فورية واقترح أن يمثل كل منها 100000 جنيه إسترليني حداً أدنى معقولاً.

قبل سنوات، تم إنشاء لجنة خاصة للاستقصاء حول قضية الدم الملوث، حيث رأسها السير بريان لانجستاف وبحث في الظروف التي أدت إلى إصابة الآلاف من الأشخاص بالفيروسات.

المساهمون