باكستان: مخاوف من ارتفاع وتيرة العنف المسلح

باكستان: مخاوف من ارتفاع وتيرة العنف المسلح

11 ديسمبر 2023
أعمال العنف تتكرر في أنحاء باكستان (حسين علي/الأناضول)
+ الخط -

تسود حالة من القلق والتوتر في أوساط الباكستانيين، بعد موجة من أعمال العنف التي طاولت مناطق مختلفة في البلاد، ومن بينها المدن الرئيسية، وكان آخرها الهجوم على حافلة مدنية في إقليم جلجت بلتستان الشمالي في الثالث من ديسمبر/ كانون الأول، والذي أدى إلى مقتل تسعة أشخاص وإصابة 25 آخرين. لم تتبن أي جهة المسؤولية عن الهجوم الدامي، في حين أكد عدد من المسؤولين الحكوميين أنه "هجوم إرهابي"، وأن الحكومة تسعى إلى القضاء على مظاهر التسلح، وتفشي جرائم العنف في أنحاء البلاد. 
وقال حاكم إقليم جلجت بلتستان، حاجي غول برخان، في تصريح صحافي عقب الهجوم، إن "مسلحين مجهولين هاجموا الحافلة خلال سيرها على ممر قراقرم، ما أدى إلى اشتعال النار فيها، واصطدامها بشاحنة أخرى، ونجم عن الهجوم مقتل تسعة أشخاص تم تعيين هوية خمسة منهم، ومن بينهم اثنان من عناصر الجيش، كما أسفر الهجوم عن إصابة 25 شخصاً، بعضهم في حالات صعبة بسبب حجم الإصابات والحروق". وأوضح غول برخان أن "جل القتلى والجرحى من المواطنين العزل، وبينهم نساء وأطفال. جلجت بلتستان إقليم آمن، لكن الجماعات المسلحة تسعى لإرباك الأمن فيه، غير أن أجهزة الأمن تتعامل معهم بكل حزم، وسنتخذ خطوات للتصدي للمسلحين الذين يعبثون بالأمن ويريقون دماء المواطنين الأبرياء". 
من جانبه، يقول عبد الأكبر خان، وهو أحد سكان الإقليم، لـ"العربي الجديد": "لدى إقليمنا نمط حياة خاص، ونعيش بطريقة خاصة باعتبار أن مناطقنا سياحية، وهي بعيدة عن أعمال العنف والتوتر كوننا نعيش بين الجبال، لكن مع الأسف طاولنا العنف، ما أثار حالة من الذعر في أوساط السكان. الأواصر الاجتماعية قوية في الإقليم، وإذا ضاقت علينا الأرض في بلادنا فلن نستطيع ترك مناطقنا لنعيش في مناطق أخرى، لكن مع تكرار حوادث العنف تصبح مواصلة العيش مهمة صعبة". 
ويذكر خان أن الهجوم الأخير على الحافلة كان هدفه إثارة الخوف، إذ كان الهدف هو عامة الناس، وكان من بين القتلى والجرحى نساء وأطفال، ويطرح هذا تساؤلات حول سبب اختيار المسلحين هذه المنطقة لشن الهجمات، بينما لا يعرف من أبنائها من يحبون مظاهر التسلح، ثم يجيب: أعتقد أن هناك مخططاً خطيراً في الطريق، لأن المنطقة تقع إلى جوار الحدود مع الصين، وهي منطقة استراتيجية للغاية، ما يجعل جرائم العنف فيها خطيرة". 

الصورة
تؤكد الشرطة الباكستانية جاهزيتها لمكافحة العنف (حسين علي/الأناضول)
تؤكد الشرطة الباكستانية جاهزيتها لمكافحة العنف (حسين علي/الأناضول)

وليست جرائم العنف مقصورة على إقليم جلجت بلتستان الشمالي، بل تطاول أيضاً مناطق أخرى في باكستان، وتحديداً المناطق المجاورة للحدود مع أفغانستان في إقليم خيبربختونوا (شمال غرب)، وإقليم بلوشستان في الجنوب الغربي. 
يقول زين الدين خان، وهو أحد سكان إقليم بلوشستان لـ"العربي الجديد"، إن "الأوضاع العامة في باكستان تزداد سوءاً، فإلى جانب تأثيرات الوضع الأمني على الوضع السياسي، ثمة تأثيرات كبيرة لما يجري على الساحة الأمنية على الوضع النفسي للباكستانيين. أبلغ من العمر 65 سنة، ولم أعش أياماً سيئة تماثل هذه الأيام، فنحن لم نعد نعرف من الذي يقتلنا، ولماذا يقتلنا، كما لا نعرف ماذا نفعل لتفادي ذلك، أو من نناشد للتدخل. الحكومة وأجهزة أمن الدولة فاشلة تماماً في التصدي لما يحدث في البلاد، والسياسات الفاشلة طوال العقود الماضية هي السبب في ما تواجهه بلادنا في الوقت الحالي. كنا ندعم حركة طالبان، ولما انهارت الحكومة في أفغانستان، وحكمت طالبان انقلبت ضدنا، ونخشى حالياً من تفجر قتال معها، وبسبب تلك السياسات الفاشلة غرقت البلاد في الأزمات، والمواطن المسكين هو من يدفع الثمن".

ويقول برات خان، وهو أحد سكان منطقة باجور إلى الشمال الغربي من باكستان، إن المنطقة تشهد أعمال عنف تستهدف المواطنين بشكل متكرر، خاصة نشطاء الأحزاب السياسية والدينية، ويوضح لـ"العربي الجديد"، أن "منطقة باجور كانت من بين أجمل المناطق السياحية في شمال غربي البلاد، لكن في الفترة الأخيرة باتت الحياة فيها صعبة للغاية، وبدأ الأثرياء ومن لديهم الأموال يغادرون المنطقة، ويفضلون الإقامة في المدن الرئيسية كإسلام أباد وكراتشي ولاهور، لكنهم شريحة صغيرة للغاية، أما الباقون فيعيشون أشد أنواع المعاناة بسبب ما يجري على الساحة الأمنية، والمعضلة الأساسية أن الحكومة والجيش فشلا في التصدي للمسلحين، والذين يعبرون الحدود الأفغانية الباكستانية بسهولة، لكنها تعتقل عامة المواطنين من سكان باجور بذرائع مختلقة، وتلك الممارسات سئم منها المواطنون".