انتقدت المفوضية المصرية للحقوق والحريات "عمليات الإخلاء القسري لسكان ضاحية الجميل غرب بورسعيد، مما يشكل تهديدًا خطيرًا للمواطنين، ويعتبر استمرارًا لسياسات التهميش والإهمال التي يعيشها المجتمع، وتأكد أن ما يحدث حاليا هو انتهاك لحق أصيل من حقوق الإنسان في مسكن آمن وملائم، ونتيجته تشريد مئات الأسر دون توفير بديل، ومخالفة صريحة لمعاهدات مصر الدولية".
وينص العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والتعليق العام رقم 7 للجنة الأمم المتحدة الخاصة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على المادة 11-1 من العهد (الخاصة بالحق في مستوى معيشي كاف بما في ذلك الحق في السكن الملائم) والتي تحظر عمليات الإخلاء القسري.
وأكدت المفوضية، أن عقود حقوق الانتفاع ماهي إلا تقنين مؤقت لحياة السكان يفتقد إلى عوامل أمان الحيازة الذي نص عليه التعليق العام رقم 4 من المادة والعهد المشار إليه.
الإخلاء القسري يضاعف معاناة سكان الجميل
وعبرت المفوضية المصرية للحقوق والحريات، عن تضامنها الكامل مع سكان ضاحية الجميل غرب بورسعيد، وأكدت على حقهم في منطقتهم بعد عرضهم لشراء الأراضي وتجاهل الحكومة تلك الطلبات، وتجاهلها عرض بدائل مناسبة.
كما أكدت المفوضية، أن ما يحدث الآن مع سكان ضاحية الجميل ما هو إلا استمرار لنهج الدولة المجحف في التعامل مع المناطق غير المخططة ومناطق إعادة التخطيط، وإعادة تجسيد لما حدث سابقا مع سكان جزيرة الوراق واقتحام منازلهم بالقوة ووفاة أحد الأهالي الرافضين للإخلاء وتلفيق القضايا للعديد منهم للتنازل عن أرضهم.
وأوصت المفوضية المصرية للحقوق والحريات، بالوقف الفوري لأعمال الإخلاءات القسرية لسكان ضاحية الجميل، وعدم انفراد الحكومة المصرية بصناعة القرار دون إشراك الأهالي في حق تقرير مصيرهم، وتوصي باحترام مبادئ حقوق الإنسان والمعاهدات والمواثيق الدولية التي تلتزم مصر بها، ولم نر من الحكومة إلا الانتهاك المستمر لهذه المعاهدات والقبض على كل معارض يطالب بهذا الالتزام.
كما أوصت المفوضية، صناع قرار السياسات العامة بإعادة النظر في السياسات السكنية الحالية، حيث يجب على الحكومة الالتفات إلى حقوق المواطنين وتوفير بدائل ملائمة قبل اتخاذ أي إجراء يؤثر على استقرارهم وحياتهم المعيشية، وتفهم أعمق للتحديات التي يواجهها المواطنون في مجال الإسكان، وعلى الحكومة أن تتخذ إجراءات فعّالة وشفافة للتصدي لهذه التحديات بدلاً من تجاهلها والاستمرار في سياسات تهميش المواطنين.
وكانت منظمات حقوقية رصدت تعرض سكان ضاحية الجميل غرب محافظة بورسعيد للطرد بالقوة من مساكنهم، والتعامل الحاد والمفرط من وزارة الداخلية لقمع أي محاولات من السكان للتمسك بمنازلهم.
وقالت المفوضية: "بدأت الحكومة المصرية عمليات الإخلاء القسري هذا الأسبوع متجاهلة تماما الحلول التي قدمها الأهالي لتطوير منطقتهم، وعلى الرغم من إصدار رئيس الجمهورية توجيهات لوزارة الإسكان ممثلة عن الهيئة العامة للتخطيط العمراني بالتشاور مع الأهالي وعرض عليهم الحلول البديلة، إلا أن يظل هذا التوجيه هو أحد التوجيهات الإعلامية والسياسية للرئيس والتي يتم تنفيذ عكسها في اليوم التالي، متلاعبين بحقوق الشعب المصري في حياة آمنة".
ويقطن سكان ضاحية الجميل على بعد 5 كلم من محافظة بورسعيد، وهي منطقة سياحية تتميز بموقع جغرافي على البحر الأبيض المتوسط، ويحتفظ أهالي المنطقة بعقود حق انتفاع طويلة الأمد تجدد سنويا.
وطبقا للعقد، يحق لأحد الطرفين "المحافظة – الأهالي" فسخ التعاقد، وهو ما يحدث حاليا، أن المحافظة ترفض تجديد العقد، وأرسلت إنذارات للأهالي بإخلاء المساكن دون التشاور معهم، وقدم أحد نواب محافظة بورسعيد طلبا بوقف قرار المحافظة بالإخلاء دون التشاور مع الأهالي وعرض مقترح السكان بشراء المنطقة.
إلا أن رد هيئة التخطيط العمراني "الذي كلفها الرئيس بعرض البدائل" كان سلبيا ومنحازا لقرار المحافظة، مما يدل على التخبط في القرارات الحكومية والتلاعب بمصلحة المواطنين وإهمال دورهم في الحياة.