النظام السوري يؤخر صرف رواتب موظفي التربية في درعا

النظام السوري يؤخر صرف رواتب موظفي التربية في درعا

09 مايو 2024
تلاميذ في أحد مدارس درعا (محمد أبو زيد/فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- موظفو التربية في درعا يواجهون تأخيراً مستمراً في تسليم الرواتب للشهر الثاني، مما يدفع المعلمين للبحث عن أعمال إضافية لتلبية احتياجاتهم.
- القطاع التعليمي في درعا يعاني من نقص حاد في الكوادر والبنى التحتية المتهالكة، بالإضافة إلى تخلي الحكومة عن مسؤولياتها تجاه التعليم.
- المعلمون مثل عبد الرحمن يواجهون تحديات أمنية ولوجستية، بما في ذلك النقل القسري والمخاطر الأمنية، مما يؤثر على استقرارهم المهني والشخصي.

تأخر للشهر الثاني على التوالي تسليم رواتب موظفي قطاع التربية في محافظة درعا جنوبي سورية. يقول أحمد أحد مدرسي ثانوية الجيزة في ريف درعا لـ"العربي الجديد": "لم أتسلم راتبي المستحق منذ 21 مارس/ آذار الماضي. وعند مراجعتي معتمد الرواتب في مديرية التربية بدرعا أخبرني أنه لم يصل إلا مبلغ يكفي نسبة 20 في المائة من الموظفين، وطلب مني العودة بعد عشرة أيام حتى يصل الاعتماد من العاصمة". 
يضيف: "راجعت المعتمد في إبريل/ نيسان الماضي، وتكرر الرد ذاته، علماً أنه سبق أن تسلمنا في مارس علاوة تقادم سنوات الخدمة التي كانت استحقت في تاريخ 12 يناير/ كانون الثاني الماضي، أي بتأخير أربعة أشهر".
ولا يتجاوز راتب المدرّس أحمد الذي أمضى نحو 25 عاماً في سلك التعليم، وتنقل بين عدة محافظات، 30 دولاراً، بعد آخر زيادة، في وقت تحتاج عائلته التي تضم خمسة أفراد أكثر من 300 دولار شهرياً للعيش في ظروف مقبولة. وقد أرغمه هذا الوضع على ممارسة عمل إضافي لمدة ثماني ساعات يومياً في متجر بعد انتهاء الدوام الرسمي مقابل مليون ليرة (65 دولاراً).
من جهته، يُخبر عبد الرحمن (44 سنة)، وهو مدرس فيزياء من درعا، "العربي الجديد"، أنه تخرّج من كلية الفيزياء عام 2003، ثم جرى تعيينه بعدما تقدم لمسابقة أجريت عام 2009، للعمل في محافظة الرقة لمدة خمس سنوات. وفي عام 2014، نقلت حكومة النظام بعد سيطرة تنظيم "داعش" على الرقة مديرية تربية الرقة إلى محافظة حماة، وأصبح ملزماً بالذهاب إلى حماة لتسلم راتبه، وإثبات أنه لا يزال على رأس عمله، ما شكل له ولزملائه مأساة حقيقية نتيجة صعوبة التنقل بين منطقتين تخضعان لسيطرة قوتين مختلفتين، وأيضاً بسبب قصف التحالف الدولي الرقة، ما جعل التنقل إليها خطيراً جداً. أيضاً لم تكن العودة إلى درعا أقل خطورة، لأنها كانت تقصف من قبل النظام وحلفائه، وتشهد اعتقالات تعسفية.
ويقول عبد الرحمن: "أجبرت على البقاء في الرقة حتى سيطر التحالف الدولي عليها، وكنت مرغماً على إطلاق لحيتي في عهد سيطرة التنظيم، لكنني اكتشفت بعد عودتي إلى درعا عام 2017 أنني مفصول ومطلوب من قبل أجهزة الأمن التابعة للنظام، وأنه صدر حكم بسجني ثلاث سنوات بذريعة التغيّب عن الوظيفة من دون مبرر، لأنني لم أكن أذهب لتسلم راتبي من حماة".
يتابع بسخرية: "عدت مواطناً صالحاً عام 2018 بعدما أجريت وساطة ودفعت رشاوى، ثم أصبحت مدرساً متشرداً أتنقل من منزل إلى آخر ومن قرية إلى أخرى لإعطاء دروس خصوصية للطلاب".

الصورة
تسرّب طلاب كثيرون من التعليم (محمد أبو زيد/ فرانس برس)
تسرّب طلاب كثيرون من التعليم (محمد أبو زيد/فرانس برس)

وعموماً تشهد درعا، مثل غالبية محافظات سورية، أوضاعاً كارثية على صعيد عدد الكوادر التعليمية، وحال البنى التحتية المتهالكة للمدارس، وانعدام وسائل التوضيح، ومعاناة التعليم من مشاكل كثيرة بسبب تخلي الحكومة عن مسؤولياتها.
ويقول مصدر في منطقة نوى التعليمية لـ"العربي الجديد": "مديرية التربية في المحافظة غائبة منذ سنوات وسط انهيار القطاع، فلا ترميم كلياً أو جزئياً للمدارس التي تعاني من نقص حاد في مستلزمات التعليم الأساسية من كتب ومقاعد وأدوات لوجستية، وأيضاً في الكوادر التعليمية والإدارية".
ويحذر بالتالي من أن "جيلاً كاملاً من الطلاب في خطر، فالظروف المعيشية والاقتصادية والمادية والأمنية ساهمت بتسرّب عدد كبير منهم، وأبعدتهم عن مقاعد الدراسة".
ويُشيد المصدر بالجهود التي بذلها المجتمع المحلي لدعم العملية التعليمية في المحافظة، والمساهمة في ترميم المدارس. ويلفت إلى أن "المنظمات الدولية أنجزت نحو 10 في المائة من المنشآت التعليمية، في حين يجب ترميم كل المدارس وإنشاء أخرى جديدة لتخفيف زحمة الطلاب في الصف الواحد، والذين قد يتجاوز عددهم 45 طالباً وطالبة رغم أن بعض المدارس الابتدائية تنظم دوامين، صباحياً ومسائياً".

وتقول هند، المعلمة في منطقة اللجاة التي تقطنها عشائر بدو لـ"العربي الجديد": "هناك نقص حاد في عدد المدرسين والاختصاصات، منها اللغة الفرنسية والرياضيات واللغة الإنكليزية، ما يضطر المدارس إلى التعاقد مع مدرسين وكلاء يحملون الشهادة الثانوية فقط".
وتعزو هند الأوضاع إلى "الحالة الاقتصادية السيئة لأبناء المنطقة وغياب الاستقرار وتزعزع الوضع الأمني، ما يدفع غالبية المدرسين خارجها إلى رفض التعليم فيها، كما أن تكاليف النقل مرتفعة، وتفتقر المدارس إلى التجهيزات اللازمة للعملية التعليمية، علماً أن المنطقة لم يزرها أي مسؤول تربوي منذ عام 2012".
وتشير معلومات حصلت عليها "العربي الجديد"، من مصدر في مديرية التربية بدرعا، إلى أن عدد الكادر التدريسي في المحافظة 16000 معلم ومعلمة يتوزعون على 710 مدارس. وواجه أكثر من 2000 منهم مشكلات أمنية، وتسرّب بعضهم من العمل أو هاجروا، فيما اعتقل النظام والجهات المسيطرة عدداً منهم.

المساهمون