المغرب: مطالبات بمكافحة الاستيلاء على ممتلكات المغتربين

09 ديسمبر 2022
تزوير الوثائق أحد وسائل الاستيلاء على ممتلكات المغتربين (فاضل سنا/فرانس برس)
+ الخط -

عادت ظاهرة الاستيلاء على عقارات المغتربين إلى الواجهة في المغرب بعدما طالب الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية بمجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان)، الخميس الماضي، بحماية تلك الممتلكات من عمليات استيلاء تتعرض لها.
وقالت البرلمانية عن الفريق المشارك في الائتلاف الحكومي مليكة لحياني، في سؤال كتابي وجهته إلى وزير العدل عبد اللطيف وهبي، إن "قضية السطو على أراضي ومنازل وممتلكات مغتربين مغاربة أصبحت مقلقة للغاية بالنسبة لهؤلاء الموجودين في ديار المهجر، ولا تتوفر لهم الظروف للحضور بشكل مستمر إلى وطنهم الأم"، وتساءلت عن الإجراءات والتدابير العملية التي ستتخذها وزارة العدل لحماية ممتلكات المغتربين والحفاظ عليها من أي تلاعب أو سطو.
ويأتي ذلك في وقت تتواتر فيه قضايا الاستيلاء على ممتلكات المغتربين المغاربة خلال الآونة الأخيرة، لا سيما الذين لا يحضرون بشكل مستمر إلى بلدهم الأم، إذ يتم الاستيلاء على عقارات وأراض وغيرها من الممتلكات عبر تزوير وثائقها، خصوصاً من طرف "مافيات" العقار.

وتُظهر الشكاوى، التي وصلت إلى المحاكم المغربية خلال الأعوام الأخيرة، أن ثمة أشخاصاً يعملون بشكل منظم من أجل الاستيلاء على عقارات الغير، ولم يسلم من ذلك مغتربون وأجانب، ويؤكد المشتكون أن الاعتداء على ملكيتهم يجرى عبر تزوير وثائق الملكية، أو وثائق الهوية، أو الوكالات.
وحسب رئيس مرصد التواصل والهجرة في أمستردام الهولندية جمال الدين ريان، فإن "آلاف المغتربين من كل مناطق المغرب كانوا ضحايا مافيا العقار عن طريق تزويرها عقود ملكية أحد العقارات، سواء كانت شقة أو منزلاً أو أرضاً، ليتم بيعه إلى شخص آخر من دون أن يعلم أن العقار في ملكية شخص آخر، وتتم الأمور بشكل قانوني بفضل بعض الخارجين عن القانون الذين يقومون بتزوير الوثائق وإظهارها كما لو أنها سليمة".
وبالرغم من أن الشخص قد يشتري العقار بعقد مزور إلا أنه لا يعتبر الضحية الرسمية في القضية، إذ ينص قانون مدونة الحقوق العينية على أنه إذا اشترى شخص عقاراً بحسن النية، بالرغم من أن عقد العقار الذي تم شراؤه يعتبر مزوراً، وإن لم يعلم صاحب العقار الأصلي أنه قد تم بيع عقاره خلال فترة أربع سنوات، لن يستطيع استرجاع ملكه إذا لم يقم برفع دعوى إبطال في الفترة المنصوص عليها.

الأمن العقاري المغربي مهدد بسبب التقاعس عن تعديل القانون

ويقول ريان، في حديث مع "العربي الجديد"، إنه "يتعين على المؤسسة التشريعية أن تطلب من رئاسة النيابة العامة التعجيل بتنفيذ الأحكام، والضرب على يد كل من يقوم بالاستيلاء على عقارات المغتربين، كما يتعين على المسؤولين الجلوس مع الضحايا من أجل إيجاد حل عاجل يؤدي إلى استرجاع ممتلكاتهم، ومن بين ذلك ضرورة تعديل المادة الثانية من قانون 39.08 في مدونة الحقوق العينية، والتي تنص بشكل صريح على تقادم عمليات التزوير في عمليات التحفيظ بعد مرور 4 سنوات، وذلك لوضع حد لقانونية الاستيلاء على عقارات الآخرين باستعمال هذه المادة".
ويتابع: "إذا استمر تفعيل المادة المذكورة، والتقاعس عن مناقشتها وتعديلها بما يتماشى مع الدستور، وطابع الحرمة والقدسية التي أضفاها على حق الملكية، فإن الأمن العقاري سيُصبِح مهدداً، وتنتفي العدالة الجيدة في مجال العقارات، وكل ما يتعلق به من منازعات، خصوصاً أن المحاكم تزخر بكثير من القضايا المتعلقة بالتزوير والنصب والاحتيال والتدليس من طرف شبكات مختصة في هذا المجال، كما أن هناك من يتصيد الفرص لمراقبة كل من غاب عن الوطن، أو تهاون عن مراقبة سلامة رسمه العقاري لمدة أربع سنوات، ليعمد إلى السطو على العقار بواسطة التدليس، أو تزوير العقود والوكالات".

ورغم أن جهات رسمية تقلل من حجم الظاهرة، إلا أن استفحالها تطلب تدخلاً ملكياً للتعجيل بالتصدي لها، من خلال رسالة إلى وزير العدل قبل خمسة أعوام، دعت إلى وضع خطة للتصدي للظاهرة، ولمن يتورطون في الاستيلاء على الأراضي والأملاك.
وعلى أثر تلك الرسالة، تم إحداث لجنة متعددة القطاعات من أجل تتبع ظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير، اشتغلت في عدة اتجاهات، وتمت على الصعيد التشريعي مراجعة المقتضيات الخاصة بالحقوق العينية والقانون الجنائي والمسطرة الجنائية وقانون الالتزامات والعقود.
وخلال السنوات الماضية، استنفرت الحكومة بعد تعدد قضايا الاستيلاء على عقارات الغير، غير أن البت فيها استغرق مدة طويلة، بينما يشتكي كثيرون من شيوع عمليات الاستيلاء في المدن الكبيرة، مثل الدار البيضاء، والرباط، وطنجة، والقنيطرة، ووجدة، وآسفي، والناظور.

المساهمون