المرضى ضحايا التوتر بين باكستان وأفغانستان

المرضى ضحايا التوتر بين باكستان وأفغانستان

27 يناير 2024
أغلقت باكستان معبر طورخم أمام المرضى الأفغان (وكيل كوشار/فرانس برس)
+ الخط -

تشهد العلاقات الباكستانية الأفغانية توترات كبيرة بعدما فشلت كل جهود ترميمها تمهيداً لإعادة الأمور إلى مجراها. وكان آخر هذه الجهود زيارة الملا فضل الرحمن، زعيم جمعية "علماء الإسلام" التي تدير معظم المدارس الدينية في باكستان، وتخرّج منها معظم قادة "حركة طالبان" الأفغانية، إلى كابول مطلع يناير/ كانون الثاني.
توقع كثيرون أن تسفر هذه الزيارة عن نتائج جيدة، لكن الملا فضل الرحمن أبدى غضبه من بعض مطالب زعيم "طالبان" الأفغانية الملا هيبت الله أخوند، وبينها الإصرار على ضرورة تكثيف إسلام آباد جهودها للقضاء على تنظيم "داعش" الذي تزعم كابول أنه يملك معاقل في باكستان، في حين تزعم إسلام آباد أن "طالبان باكستان" لها معاقل في أفغانستان.
وطالب الملا هيبت الله الزعيم الديني الباكستاني بالحفاظ على كرامة اللاجئين الأفغان في باكستان، ودعا إسلام آباد إلى السماح بعبور أفراد من قبائل البشتون التي تقطن على طرفي الحدود بلا تأشيرات وإلغاء الإجراءات الرسمية بين البلدين، وهو ما اعتبرته إسلام آباد أمراً مستحيلاً دفعها أيضاً إلى اتخاذ قرار إغلاق الحدود مع أفغانستان في وجه الشاحنات التجارية والمرضى المصابين بأمراض صعبة. 
وكانت إسلام آباد تسمح بعبور المصابين بأمراض صعبة، مثل السرطان والقلب والكبد، الحدود بعد الحصول على تصاريح خاصة تصدرها لجنة أطباء تعمل على مدار الساعة على الحدود، وأيضاً سائقي الشاحنات التجارية، في حين يجب أن يحصل الجميع حالياً على تأشيرات، ما يجعل المصابين بأمراض صعبة يعيشون في قلق دائم.
يقول الشاب الأفغاني محمد نعمان نجيب الذي يدأب على أخذ والده المصاب بالسرطان مرة كل شهرين لتلقي العلاج في باكستان، لـ"العربي الجديد": "كنت أستعد لأخذ أبي إلى باكستان في 20 يناير استناداً إلى تصريح حصلت عليه من لجنة الأطباء كي يجري الفحوص ويواصل العلاج في حضور الطبيب المختص الذي حدد موعداً لاستقبالنا في 22 يناير، لكن السلطات الباكستانية أغلقت معبر طورخم الحدودي أمام كل المرضى، وقررت ألا تسمح لهم بالدخول إلا باستخدام تأشيرات يعتبر الحصول عليها أمراً مستحيلاً لأن السفارة الباكستانية تقبل طلبات الحصول على تأشيرات على صفحتها الرسمية، وترد عليها خلال فترة تتراوح بين أربعة وستة أشهر، علماً أنها ترفض غالبيتها أيضاً".

الصورة
شاحنات على الحدود مع باكستان (شفيع الله كاكار/ فرانس برس)
شاحنات على الحدود مع باكستان (شفيع الله كاكار/فرانس برس)

يضيف: "تباع تأشيرات دخول باكستان وتشترى في السوق بأسعار باهظة، ويتراوح سعر الواحدة لمدة شهر بين 800 و1000 دولار، وهذا مبلغ كبير جداً بالنسبة لي علماً أنني أحتاج مع والدي إلى تأشيرتين إذ يجب أن أذهب معه. أيضاً ترفض إسلام آباد السماح بعبور المرضى الأفغان الحدود باستخدام التصريحات السابقة، ما يشكل معضلة كبيرة لاشخاص كثيرين في أوضاع صحية صعبة مماثلة".
وشهد الجانب الباكستاني من الحدود مع أفغانستان تظاهرة كبيرة شارك فيها مئات من أفراد قبائل البشتون وسائقي السيارات والشاحنات في 16 يناير. وطالب المتظاهرون الحكومة الباكستانية بحل قضية عبور الحدود مع أفغانستان بشكل دائم، لأن إغلاقها بهذه الطريقة لا يخدم مصالح البلدين والقبائل التي تسكن على طرفي الحدود.
وقال الزعيم القبلي عظيم الله خان لوسائل الإعلام خلال التظاهرة: "أوقفت السلطات الباكستانية نحو ألف شاحنة محمّلة بأنواع من الفواكه والخضار على الجانب الحدود حيث يوجد أيضاً عدد كبير من اللاجئين والمرضى. ويريد بعض المرضى الأفغان تحديداً العودة إلى بلدهم على أساس التصاريح التي تسمح بالانتقال مجدداً إلى باكستان، حيث يتعالجون من أمراض مزمنة ويحتاجون إلى متابعة، كما ينتظر مرضى على الجانب الأفغاني القدوم إلى باكستان، من هنا يجب أن يحل مسؤولو البلدين المعضلة القائمة في شكل عاجل.

ولم يعلّق الجانب الباكستاني على ما يحصل على الحدود في ظل منع الناس من العبور إلا بتأشيرات. واكتفت إدارة معبر طورخم بإصدار بيان في يوم إغلاق الحدود في 11 يناير، قالت فيه إن "حكومة باكستان سمحت بشكل مؤقت بعبور المرضى وأصحاب الشاحنات التجارية الحدود على أساس تصريحات خاصة، لكن السياسة الدائمة تتمثل في عبور الدولتين في شكل رسمي باستخدام تأشيرات وجوازات سفر".
أما مسؤول معبر طورخم في حكومة "طالبان" الأفغانية الملا عبد الجبار حكمت فقال لوسائل إعلام في 15 يناير: "ناقشنا مع باكستان موضوع فتح الحدود استناداً إلى الإجراءات السابقة التي تسمح بعبور المرضى وأصحاب الشاحنات التجارية من دون تأشيرات وباستخدام تصاريح خاصة، لكن باكستان لم تقبل ذلك، ونحن ندعو إلى أن تفكر بروية وتأخذ في الاعتبار مشاكل القبائل التي توجد في الطرفين".

المساهمون