الكويت: عنف منزلي متزايد ضد الأطفال

الكويت: عنف منزلي متزايد ضد الأطفال

26 مارس 2021
الحجر المنزلي زاد العنف ضد الأطفال بحسب خبراء (ياسر الزيات/ فرانس برس)
+ الخط -

 

تشغل قضية العنف ضدّ الأطفال داخل المنازل، حيزاً كبيراً من النقاش المجتمعي، وفي أوساط المنظمات المدنية، في الكويت، وسط مطالبات بتفعيل مواد القوانين التي تحمي الأطفال من تلك الاعتداءات البدنية في البلاد.

ترتبط وقائع الاعتداء الجسدي على الأطفال في الكويت بشكل وثيق، بالعنف المنزلي، إذ يقع الأطفال ضحية هذا النوع من العنف داخل المنازل، بواسطة الأهل أو الأقارب، في أكثر الحالات شيوعاً، وفق ما تقول الباحثة المتخصصة في علم النفس، في جامعة الكويت عبير الشطي، حول هذه الاعتداءات المتزايدة في الفترة الأخيرة في البلاد، والتي لا تضمّ الاعتداءات اللفظية والنفسية والجنسية.

تقول الشطي لـ"العربي الجديد" إنّ "عدد حالات الاعتداء البدني، أو الجسدي، على الأطفال داخل المنازل المرتبط بالوالدين والأقارب وصل إلى 600 عام 2019 وهو ما شكل رقماً مضاعفاً عمّا سجل في عامي 2015 و2016، بواقع نحو 300 حالة في كلّ منهما". وتعزو الشطي تضاعف عدد الحالات، أو حتى زيادتها عموماً، إلى زيادة الرقابة على قضية الاعتداء على الأطفال وزيادة عدد التبليغات، بفعل وعي كثير من الأطفال أو أقاربهم الذين يشهدون على حالات العنف المنزلي ويبلغون عنها بشكل سري، وهو ما يشكل تغيراً إيجابياً كبيراً في الوعي الشعبي الذي كان يرى ضرب الآباء أو الأقارب للأطفال أمراً محموداً وجزءاً من عادات المجتمع وتقاليده الأبوية التي تقوم على احترام الكبير ومحاولة ضبط الصغير بأيّ وسيلة ممكنة حتى إن كان الأمر متعلقاً بالضرب. وهو ما يعني أنّ الحالات لم تزد فعلياً بل باتت مكشوفة أكثر من ذي قبل.

في السنوات الأخيرة، مرر البرلمان الكويتي، بضغط من المنظمات الحقوقية، داخل البلاد، قانون حماية الطفل. ينصّ القانون رقم 21 لسنة 2015 في شأن حقوق الطفل، على معاقبة أفراد الأسرة المعتدين على الأطفال بالضرب، كما أعطى حق الضبطية القضائية لفرق من وزارة الشؤون الاجتماعية، بالإضافة إلى إنشاء مكتب حماية الطفل التابع لوزارة الصحة. ويتلقى مكتب حماية الطفل البلاغات المتعلقة بالاعتداء على الأطفال على الخط الساخن رقم 147، لكنّه يواجه انتقادات حادة بسبب عدم أخذ كثير من البلاغات بجدية كاملة، بالإضافة إلى تعطل الخط الساخن أكثر من مرة. من جهتهم، أجرى باحثون في جامعة "الكويت" دراسات وأبحاثاً إحصائية، حول استجابة المكتب التابع لوزارة الصحة للبلاغات المتعلقة بالاعتداء على الأطفال وخلصوا إلى أنّها استجابة "بطيئة وضعيفة".

الجريمة والعقاب
التحديثات الحية

تقول رئيسة جمعية حماية الطفل في الكويت (غير حكومية) سهام الفريح، لـ"العربي الجديد" إنّ النصوص القانونية المتعلقة بقانون حماية الطفل تعتبر نصوصاً متقدمة في القانون، لكنّ المشكلة الكبيرة هي عدم أخذ القانون بجدية كاملة وعدم تطبيقه بشكل جيد، بالإضافة إلى تشتت الجهود المتعلقة بالطفل، إذ هناك مكتب لحماية الطفل في وزارة الصحة، ومكاتب في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، وهناك لجنة وطنية عليا لحماية الطفل، وهناك إدارة الإنماء الاجتماعي التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، والتي كانت تابعة لمجلس الوزراء سابقاً.  تضيف الفريح: "هذه المنظمات واللجان تقوم بجهود باختلاف مستوياتها في الاجتهاد، لكنّ هذه الجهود تبدو مشتتة ما لم يصاحبها إنشاء مظلة تجمع هذه المنظمات، وتوزع الأدوار في ما بينها، وتحلّ الإشكالات القانونية والإدارية التي تترافق مع عمل هذه الإدارات". وترى الفريح أنّ حماية الطفل في الكويت لا تُؤخد بجدية كافية من الجميع بسبب نظرة المجتمع الكويتي المتسامحة مع سياسة تأديب الأطفال المجتمعية التقليدية.

أدى غياب التلاميذ عن مدارسهم في عامي 2020 و2021، بسبب قيود مكافحة كورونا، إلى تغييب المعلومات الكافية حول حجم الاعتداءات المنزلية، إذ كان المعلمون والمعلمات في وزارة التربية، يتولون دوراً كبيراً في الإبلاغ عن الاعتداءات التي يتعرض لها الأطفال داخل منازلهم، والإبلاغ عن آثار الضرب والكدمات التي تظهر لدى الأطفال بعد مجيئهم من المنازل.

في هذا الإطار، تقول الموجهة الفنية في وزارة التربية، هاجر المطيري، لـ"العربي الجديد": "كنا في السابق، نحيل كثيراً من حالات الاعتداء على الأطفال إلى الإدارات المتخصصة، لكنّنا اليوم لا نعرف ما يتعرض له الأطفال داخل بيوتهم، بسبب التعليم عن بعد، وهو ما يجعل كثيراً من التربويين يتخوفون من زيادة هذه الحالات، وارتفاع معدلات العنف المنزلي خصوصاً مع الحظر الكلي أو الجزئي، وهو أمر أثبتته دراسات عالمية". وترى المطيري أنّ الطريق ما زال طويلاً في الكويت، للوصول إلى حالة كاملة من الشفافية في ما يخص الاعتداء على الأطفال، فيما حملات التوعية المتعلقة بضرورة التوقف عن ضرب الأطفال في المنازل لا بدّ من أن تكون موجهة بالكامل من الحكومة الكويتية، بدلاً من كونها منطلقة من منظمات المجتمع المدني التي لا تملك الموارد الكافية لحملات ضخمة مثل هذه.

المساهمون