السيسي يصدق على قانون حماية المنشآت ومنظمات تنتقد "عسكرة الدولة"

السيسي يصدق على قانون حماية المنشآت ومنظمات تنتقد "عسكرة الدولة"

08 فبراير 2024
التعديل يعرض المدنيين لخطر المحاكمة أمام القضاء العسكري (فرانس برس)
+ الخط -

نشرت جريدة الوقائع الرسمية المصرية في عددها الصادر، اليوم الخميس، قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي بالتصديق على مشروع قانون تعديل بعض أحكام قانون القضاء العسكري المصري.

يأتي هذا التعديل في إطار يُعتبر مناهضاً للضمانات الدستورية التي منحت للمصريين في حقوقهم أثناء محاكمتهم أمام قاضيهم الطبيعي، حيث يُعطى الأفراد حق المحاكمة أمام القضاء العسكري الاستثنائي. ويهدف هذا التعديل الجديد إلى زيادة دور الجيش وتعزيز "عسكرة الدولة" وسيطرته على كافة مفاصل ومرافق الدولة، بما في ذلك المرافق العامة.

القانون الجديد الذي يحمل الرقم 3 لسنة 2024، قدم من قبل الحكومة لتأمين وحماية المنشآت والمرافق العامة والحيوية في الدولة بعد موافقة مجلس النواب.

وتنص المادة الأولى من مشروع القانون على أنه بموجبه "مع عدم الاخلال بدور القوات المسلحة في حماية المقومات الأساسية للدولة وأمنها وسلامة أراضيها، ومكتسبات الشعب وحقوقه، تتولى القوات المسلحة معاونة أجهزة الشرطة والتنسيق الكامل معها في تأمين وحماية المنشآت والمرافق العامة والحيوية بما في ذلك محطات وشبكات أبراج الكهرباء وخطوط الغاز وحقول البترول وخطوط السكك الحديدية وشبكات الطرق والكباري وغيرها من المنشآت والمرافق العامة والحيوية والممتلكات العامة وما يدخل في حكمها".

وتضمنت المادة الثانية من المشروع النص التالي: "يتعاون مأمورو الضبط القضائي بالقوات المسلحة في جميع الإجراءات المقررة قانونًا لمأموري الضبط القضائي بالشرطة لمواجهة الأعمال أو التعديات التي قد تؤثر سلبًا على سير عمل المرافق العامة والحيوية في الدولة أو الخدمات التي تقدمها، وبخاصة الجرائم التي تؤثر على احتياجات المجتمع الأساسية من السلع والمنتجات التموينية، مع الحفاظ على المقومات الأساسية للدولة وحقوق المواطنين، وفقًا لما يصدر به قرار من الرئيس أو من يفوضه بناءً على استشارة مجلس الدفاع الوطني".

أما المادة الثالثة فأكدت على أن "وزير الدفاع يتحمل مسؤولية تحديد الضباط والأفراد في القوات المسلحة وتحديد مواقع ومهام عملهم داخل المنشآت والمرافق العامة والحيوية، بما يتوافق مع طبيعة العمل المطلوب منهم في هذه المنشآت والمرافق".

أما المادة الرابعة فأشارت إلى أن "الجرائم التي ترتكب على المنشآت والمرافق العامة والحيوية والخدمات، والتي ينطبق عليها أحكام هذا القانون، تُحال إلى اختصاص القضاء العسكري، ويتم تعيين ضباط القوات المسلحة وضباط الصف المُعيَّنين بموجب قرار وزير الدفاع، لمزاولة كل سلطات الضبط القضائي والصلاحيات المرتبطة بها، بما يتماشى مع أحكام قانون الإجراءات الجنائية في تنفيذ مهامهم الموكلة إليهم وفقًا لهذا القانون".

وأعربت مؤسسة دعم العدالة التابعة للمركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة، برئاسة المحامي الحقوقي المصري ناصر أمين، عن رفضها لهذه التعديلات، معتبرة أنها تتعارض مع الضمانات الدستورية المخولة للمواطنين في حقوقهم أمام القضاء الطبيعي وتتنافى مع المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي وقعتها مصر.

وأصدر البرلمان يوم الأحد الموافق 28 يناير/كانون الثاني 2024، تعديلات على قانون القضاء العسكري، حيث شملت هذه التعديلات دمج قانون حماية المنشآت العامة رقم 136 لسنة 2014، الذي صدر لتطبيقه لمدة عامين فقط، وذلك في ظل الظروف الاستثنائية.

وأضيف تعديل جديد (مادة 5 فقرة أولى – بند هـ)، ليشمل اختصاص القضاء العسكري (الجرائم التي ترتكب على المنشآت والمرافق العامة والحيوية والممتلكات العامة وما يدخل في نطاقها، والتي يتولى القوات المسلحة حمايتها).

ويفتح هذا التعديل الباب أمام محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية، وكانت هذه المادة قد أثارت جدلاً واسعاً عند صدور قانون 136 لسنة 2014، خاصة أن صياغتها غير دقيقة، مما يمكن أن يؤدي إلى توسع في محاكمة المدنيين عسكرياً وفقاً للظروف المتغيرة.

أكدت المؤسسة أن حماية المنشآت العامة تندرج ضمن اختصاص وزارة الداخلية وهي وزارة مدنية، حيث تعتبر المرافق العامة، بما في ذلك المنشآت والطرق وغيرها، جزءاً من حركة المدنيين ومجال حدوث الجرائم بها، ولقد وضع قانون العقوبات المصري تنظيمًا كافيًا لضمان محاكمة مرتكبي الجرائم أمام القضاء الطبيعي، دون تعريض المدنيين للمحاكمات العسكرية التي تعتبر استثنائية بالنسبة لهم، وتمثل خرقًا لولاية القضاء العادي في التعامل مع القضايا التي تندرج ضمن اختصاصه.

وأكدت المؤسسة أن هذا التعديل الذي يعرض المدنيين لخطر المحاكمة أمام القضاء العسكري يشكل انتهاكاً صارخاً وواضحًا لالتزامات مصر الدولية، خاصة وأنه يتناقض مع المادة 14/1 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الذي صادقت عليه مصر وأصبح جزءًا من التشريع الداخلي، حيث تؤكد هذه المادة على حق الفرد في محاكمة عادلة وعلنية أمام محكمة مستقلة ونزيهة. وهو أيضاً مخالف للبند 28 من إعلان بيروت للعدالة الذي ينص على أن القاضي الطبيعي يجب أن يكون هو المختص بفصل المنازعات ذات الطبيعة القضائية، وكذلك التوصية رقم 8 من إعلان القاهرة لاستقلال القضاء في المنطقة العربية، التي تحث على إلغاء التشريعات والمحاكم الاستثنائية المقيدة للحريات وحقوق الأفراد وحقهم في اللجوء إلى القضاء الطبيعي.

المساهمون