الجفاف يجتاح أهوار العراق.. انعدام تام للتنوع الإحيائي في "العودة"

الجفاف يجتاح أهوار العراق.. انعدام تام للتنوع الإحيائي في "العودة"

24 يونيو 2023
سجّل العام الحالي نزوح عدد من العائلات من مناطق الأهوار بسبب الجفاف (أرشيف/فرانس برس)
+ الخط -

سجَّلت مديرية بيئة محافظة ميسان، جنوبي العراق، جفاف "هور العودة" بنسبة 100 بالمائة، بسبب أزمة شح المياه التي يعاني منها البلد منذ عدة سنوات، ووسط تحذيرات من اتساع الجفاف ليشمل أهواراً أخرى، دعت المديرية الحكومة والجهات المسؤولة لإيجاد حلول ومعالجات عاجلة.

والأهوار العراقية التي تتفرّد بها طبيعة هذه البلاد هي مسطّحات مائية ضخمة تستمدّ مياهها من نهرَي دجلة والفرات بشكل رئيس، وتمتد في محافظات ذي قار وميسان والبصرة والمثنّى ومناطق حدودية مع إيران جنوبي وجنوب شرقي البلاد، أمّا أبرزها فأهوار الجبايش والحمّار والشيب والدجيلة، وتضمّ أنواعاً عديدة من الطيور والأسماك والنباتات المائية ونبات القصب والبردي، في حين تعيش حولها آلاف الأسر العراقية على الزراعة وصيد السمك وتربية المواشي.

ووفقاً لبيان لمدير شعبة الأهوار في المديرية، خضر عباس سلمان، صدر اليوم السبت، فإنه "خلال الجولة الميدانية في هور العودة التابع لقضاء الميمونة في المحافظة، سجلنا جفاف المسطح المائي بنسبة 100%، حيث هنالك انعدام تام للتنوع الأحيائي، عدا وجود القصب المصفرة وأفراد قليلة من أنواع الطيور"، موضحاً أن "الجفاف أثر سلباً على عودة التنوع الإحيائي في المسطح المائي".

وأكد أن "هور العودة يعاني من الجفاف للعام الثاني على التوالي، دون أي معالجة تذكر"، مشيراً إلى "ازدياد معاناة سكان الأهوار ومربي الجاموس خاصة في القرى المحاذية لهور العودة، نتيجة شح المياه في الأنهر الفرعية والرئيسية المغذية له"، داعياً الجهات المعنية إلى "توفير الحصة المائية المخصصة لإنعاش الأهوار بصورة عاجلة، للحفاظ على مكوناتها الأحيائية، وإيجاد الحلول المناسبة لمنع تكرار المشكلات البيئية الناتجة عن حدوث الجفاف".

وقد سجّل العام الحالي نزوح عدد غير قليل من العائلات من مناطق الأهوار بسبب الجفاف، إذ إنّها تعتمد على تربية الجواميس والمواشي وصيد السمك اللذين تأثّرا بالجفاف، فيما تأثّرت الزراعة بذلك أيضاً.

ورأى الناشط البيئي في محافظة ميسان، حسن الساعدي، أن "جفاف الهور بنسبة 100 بالمائة أمر متوقع بسبب عدم اتخاذ حلول من قبل حكومة بغداد لمعالجة أزمة الجفاف مع الدول المتشاطئة مع العراق"، مبيناً لـ"العربي الجديد" أن "الجفاف تسبب بتلوث بيئي على مساحة الهور، وهو ما بدأ يؤثر على صحة المواشي لدى العائلات القريبة منه، وأنواع الطيور، فضلاً عن صحة الإنسان".

وأكد "كنا قد حذرنا منذ سنوات عدة من هذا الواقع الذي سيمتد الى أهوار أخرى، وهو ما قد يتسبب بكارثة بيئية وإنسانية خطيرة"، مشيراً إلى أنه "لا حلول متوقعة، وأن مستقبل الأهوار هو الجفاف، خاصة أن الحكومة لا تتحرك نهائياً لحسم ملف المياه مع إيران وتركيا"، مشدداً على أن "أي معالجات عدا إعادة حصة العراق من المياه من الدول المجاورة لا تعيد الحياة لأهوار العراق".

وكانت الحكومة العراقية قد تحدثت في الأشهر الماضية عن وضع دراسات لإنشاء بحيرات اصطناعية لإعادة توطين النازحين من الأهوار جنوبي البلاد، والتي تعاني موجة جفاف غير مسبوقة تسبّبت في هجرات طاولت مئات العائلات، إلى جانب خسائر في المواشي والمزروعات، إلا أنها لم تطبق شيئاً على أرض الواقع.

ومنذ مطلع العام الجاري، يضرب الجفاف البلاد، وقد تسبّب فيه تراجع مستويات المياه الواصلة عبر نهرَي دجلة والفرات، نتيجة سياسات مائية لإيران وتركيا، من خلال بناء سدود وتحويل مجرى أنهار فرعية ومنع دخولها العراق.

واليوم تبدو أهوار العراق أمام تحدٍّ خطير من أجل البقاء، في ظلّ تفاقم أزمة الجفاف التي يصفها خبراء بأنّها الأكثر قسوة منذ عقود طويلة، إذ تراجعت مناسيب المياه في المسطّحات المائية التي تغطّي مساحات كبيرة من محافظات عدّة، وتُعَدّ مصدر حياة بيئية خصبة تكوّنت حولها تجمّعات سكنية كثيرة من قرى وقصبات مختلفة تضمّ عشرات آلاف العراقيين.

المساهمون