الأردن: دعوة لـ"كسر حاجز الصمت" حول جرائم التحرش الجنسي

جمعية حقوقية أردنية تطالب بـ"كسر حاجز الصمت" حول جرائم التحرش الجنسي

17 ديسمبر 2020
تصمت النساء عادة عن جرائم التحرش خوفا على سمعتهن (Getty)
+ الخط -

قالت جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن"، إنّ كسر حاجز الصمت ووقوف المجتمع إلى جانب الضحايا كفيلان بالحدّ من التحرش الجنسي، خاصة أن ثلاثة أرباع السيدات في الأردن تعرضن للتحرش. 

وأضافت الجمعية، في بيان، اليوم الخميس، أنّ "توفير معلومات دقيقة ومفصلة حول الشكاوى الواردة من ضحايا التحرش الجنسي وتحليلها ومتابعتها إلى جانب السير بإجراءاتها القانونية، من أهم خطوات تأسيس نظام الإنذار المبكر، لمواجهة التحرش، فبموجب هذه المعلومات يمكن بناء استراتيجيات فعالة، وتنفيذ برامج موجهة إلى الفئات الأكثر تأثراً بها سواء أكانوا ضحايا أم متهمين". 

ورحبت "تضامن"  بقرار قضائي في هذا الإطار، صدر في  6 ديسمبر/ كانون الأول الحالي حيث أيدت محكمة التمييز الأردنية بصفتها الجزائية القرار الصادر عن محكمة الجنايات الكبرى بإدانة شخص بجريمة هتك العرض، والحكم عليه بالأشغال لمدة أربع سنوات، ونظراً لكونه مكرراً قررت المحكمة تشديد العقوبة لتصبح خمس سنوات. 

وأشارت إلى أنّ وقائع القضية تتلخص في قيام المشتكى عليه بالتحرش جسدياً بالمشتكية في ممر أحد اقسام الطوارئ في مستشفى حكومي حيث كانت تنتظر مع ابنتها لمتابعة حالة ابنها الذي يعاني من مرض القلب ونزيف بالدماغ. وقررت تقديم شكوى مباشرة إلى مكتب الشرطة في المستشفى وعليه جرت الملاحقة والمحاكمة وإصدار الحكم. 

وأوضحت "تضامن" أن عدة عوامل ساهمت في ملاحقة المتحرش وتجريمه وفي مقدمتها عدم صمت الضحية وتقديمها الشكوى، إلى جانب وجود ابنتها الشاهدة على الواقعة، وكذلك ما ورد لمكتب الشرطة في المستشفى من أحد الموظفين بأن هنالك شخصاً يتحرش بالنساء، حيث تم إحضاره إلى المكتب بدلالة الموظف، وبعدها دخلت المشتكية إلى المكتب لتقديم شكوى ضده.

وذكر أحد أفراد مكتب الشرطة في شهادته أنه "ورد إخبار من أحد الموظفين داخل المستشفى وإلى زميلي، بأن هناك شخص يقوم بالتحرش بالفتيات داخل طوارئ المستشفى، وأنا طلبت من زميلي أن يذهب إلى الطوارئ من أجل إحضار ذلك الشخص، وذهب إلى قسم الطوارئ وضبط ذلك الشخص بدلالة الموظف الذي بلغنا بالمعلومات، وقام زميلي بإحضار ذلك الشخص، وأثناء وجوده عندنا حضرت المشتكية وأبلغتنا بأن المتهم تحرش بها".

واستقر اجتهاد القضاء الأردني على أنّ الفارق ما بين جريمة هتك العرض وجريمة الفعل المنافي للحياء، يكمن في جسامة الفعل المادي الذي يقع على المعتدى عليه، فإن استطال على مواضع يعتبرها المجتمع من العورات التي يحرص سائر الناس على سترها ولا يدخرون وسعاً في صونها، فالجريمة هتك عرض، وإن بقي الفعل بدرجة اللمس والمداعبة من غير المساس بالعورات فالجريمة هي فعل مناف للحياء. 

وتوضح "تضامن" أنّ الأفراد المعرضين للتحرش يربطون الأسباب العامة للتحرش باختلالات أصابت منظومة القيم والأخلاق في المجتمع، وهو ربط صحيح ويعبر عن معاناة النساء الناتجة عن سلوك مرتكبي التحرش في ظل حالة الإنكار لهذه الظاهرة، وتسامح المجتمع مع مرتكبيها، وتحميل النساء والفتيات المسؤولية كاملة عن ذلك والتي تدفع أغلبهن إلى تقضيل السكوت والصمت خوفاً على السمعة، وعدم التقدم بشكاوى رسمية والتبليغ عن حالات التحرش والتصدي لها بشكل يشكل رادعاً مدفوعاً بمجتمع داعم وقوي يقف في وجه كافة أشكال العنف ضد النساء والفتيات، ولا يقبل أبداً التسامح والتغاضي عن سلوكيات لأفراده مهما كانت مستوياتهم التعليمية أو الوظيفية، أو سلطاتهم الشرعية أو القانونية. 

وأظهرت دراسة "ظاهرة التحرش في الأردن 2017" والتي أعدتها اللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة أن ثلاثة أفراد من كل أربعة (75.9%) ضمن عينه الدراسة قد تعرضوا لمرة واحدة على الأقل لأحد أشكال التحرش الجنسي، فيما كانت نسبة انتشار التحرش الإيمائي (89%) والتحرش اللفظي (88%) والتحرش الجسدي (68%) والتحرش الإلكتروني 80%) والتحرش النفسي (52%). وكانت أكثر أفعال وسلوكيات التحرش الجسدي تكراراً بين أفراد العينة  "الالتصاق والاحتكاك بالجسد"، وكانت أكثر ردود فعل الضحايا على التحرش الجسدي في الأماكن العامة تكراراً هي الصمت وترك المكان". 

وترى "تضامن"  أنّ المعلومات والأرقام المتوفرة حول التحرش الجنسي ضعيفة ومتواضعة لأسباب متعددة، ومن أهمها ضعف التوعية القانونية للضحايا المحتملين من الجنسين، وتردد الضحايا في الإبلاغ وتقديم الشكاوى خوفاً على السمعة، وعدم وجود ضابطة عدلية من النساء لاستقبال الشكاوى، والإجراءات القضائية الطويلة والتي تتطلب حضور الضحايا وتكرار الأقوال أمام جهات قانونية وأمنية وقضائية مختلفة، وعدم تشجيع أفراد الأسرة لتقديم هكذا شكاوى، إضافة إلى التسامح المجتمعي مع مرتكبي التحرش الجنسي بشكل خاص.

المساهمون