اكتشاف مقبرة جماعية شمال غربي القدس

اكتشاف مقبرة جماعية شمال غربي القدس

12 يناير 2023
قرائن عديدة ترجح كون الرفات لجنود عثمانيين أو ألمان (العربي الجديد)
+ الخط -

لا تزال التكهنات تدور حول المقبرة الجماعية التي عُثر عليها قبل يومين، في بلدة بيت حنينا شمال غربي القدس المحتلة، وسط ترجيحات بأن تكون لرفات جنود عثمانيين أو ألمان.

ورجّح الباحث في التاريخ العسكري والمحاضر في جامعة بير زيت، خالد عودة الله، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن يكون الرفات الذي عثر عليه أول أمس الثلاثاء، في منطقة جبل من أراضي بيت حنينا شمال غربي القدس، لجنود عثمانيين أو ألمان من الحرب العالمية الأولى.

عودة الله وصل، أمس الأربعاء، إلى الموقع الذي عُثر فيه على الرفات لتفحصه ومحاولة التوصل إلى نتائج قبل أن تقوم قوات الاحتلال وضباط من الإدارة المدنية التابعة لتلك القوات بمنعه من مواصلة أعمال البحث.

وقال عودة الله: "بعد مشاركتي في مسح وحفر موقع المقبرة الجماعية العسكرية في منطقة الجبل من أراضي قرية بيت حنينا، وبالاستناد إلى ما وجدته في المقبرة وما حولها من آثار وقرائن، أرجح أن المقبرة تعود للحرب العالمية الأولى، وعلى الأغلب فإن الهياكل العظمية تعود لجنود عثمانيين أو ألمان، ولا يمكن استبعاد أن المقبرة تحوي أيضاً رفات جنود بريطانيين".

وذكر الباحث في التاريخ العسكري أن "عدد الهياكل العظمية المكتشفة حتى مساء أمس هو 14 هيكلا عظميا، قبل مجيء جنود جيش الاحتلال إلى الموقع ومنع استمرارنا في الحفر والمسح، ومن المرجح وجود هياكل عظمية أخرى لا زالت مدفونة تحت التراب".

الصورة
مقبرة جماعية (العربي الجديد)
أزرار لبدلة عسكرية ألمانية أو عثمانية  بثلاثة ثقوب (العربي الجديد)

ويتابع عودة الله: "أما القرائن الدالة على الهوية العثمانية/ الألمانية للجنود، فهي وجود مشط 5 طلقات لبندقية ماوزر بجانب الجثث، بالإضافة إلى أزرار لبدلة عسكرية ألمانية أو عثمانية بثلاثة ثقوب، إضافة إلى خراطيش من عيار 7.92X57 ماوزر الألمانية العثمانية صناعة العام 1915، وصاعق قنبلة القرص اليدوية الألمانية (السلحفاة)".

الصورة
مقبرة جماعية (العربي الجديد)
دلائل عديدة تدل على صحة فرضية الباحث (العربي الجديد)

أما القرائن الدالة على الهوية البريطانية للجنود، وفق عودة الله، فهي "أزرار بدلة عسكرية بأربعة ثقوب، بالإضافة إلى خراطيش إنكليزية ومشط من العيار 0.303 (7.7X56mm) للذخيرة البريطانية صناعة العام 1917، العلامة (II) لبندقية المشاة الرئيسية في الجيش البريطاني "لي-انفيلد"، وعثر في المقبرة على كرة رصاصية لقذيفة شاربنل عيار 7.7 سنتم مضادّة للأفراد لا يمكن تحديد هويتها".

يقول عودة الله: "بالطبع لا يمكن القطع بكون المقبرة تحوي رفات جنود إنكليز، لأنه في كثير من الحالات قام الجنود العثمانيون بارتداء زي جنود الإنكليز القتلى بعد اهتراء بدلاتهم العسكرية العثمانية".

ويتابع عودة الله: "أما التاريخ الدقيق لمقتل الجنود فأمامنا احتمالان؛ الأول بالقصف المدفعي خلال محاولة الإنكليز الأولى قطع طريق القدس - نابلس في منتصف شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 1917، والاحتمال الثاني خلال الهجوم المضاد العثماني الألماني في بداية ديسمبر/كانون الأول 1917، بعد احتلال القدس من قبل الإنكليز في 8 ديسمبر/ كانون الأول 1917 ".

الصورة
مقبرة جماعية (العربي الجديد)
تم اكتشاف المقبرة الجماعية قبل يومين (العربي الجديد)

ويشير الباحث ذاته إلى أن الكشف عن هذا الرفات "عزز المعروف بحسب العمليات العسكرية في الحرب العالمية الأولى في منطقة بيت حنينا، خاصة ما عرف بملحمة الجبل"، في إشارة إلى معارك جبل النبي صمويل في العام 1917، حيث كان القتال ما زال مستمرّاً على جبل النبي صمويل– كما هو متعارف عليه بين القرويين– وما حوله من المناطق، والتي شكّلت في مجموعها جبهة النبي صمويل.

وتربّع الجبل في قلب هذه الجبهة، وامتدّت باتجاه الشمال الشرقيّ إلى مدينة البيرة عبر بلدات الجيب وجبل الشيخ أبو زيتون غربيّ بيتونيا غرب رام الله، والشمال الغربيّ من بلدة بيت إجزا إلى العوريات (بيت عور الفوقا والتحتا)، وصولاً إلى قرية شلتا قضاء الرملة، وشرقاً وادي بيت حنينا والظهرة وتل الفول ورأس الطويل، وجنوباً عبر خربة البرج وبيت اكسا ولفتا ودير ياسين إلى عين كارم، وفق عودة الله.

ويوضح المتحدث أنه على الجبل وحوله، دارت منذ منتصف شهر نوفمبر/ تشرين الثاني حتّى نهاية ديسمبر/ كانون الأوّل عام 1917 أشرس معارك الحملة البريطانية على فلسطين في الحرب العالمية الأولى وأدماها؛ من القصف المدفعيّ ذي العيار الثقيل إلى الطعن بالحِراب (السنجات).

و"على الجبل وما حوله، سقط مئات الشهداء من الجيش العثماني، وقُتل المئات من الغزاة البريطانيين، وعلى صخر الجبل، انكسرت اندفاعة الجيش البريطاني الكبرى نحو القدس بعد سقوط الخطّ الدفاعيّ الحصين غزة – بئر السبع"، وفق ما خلص إليه بحث للباحث عودة الله، والذي اشتمل على تفاصيل هامة من تلك المرحلة.

المساهمون