ارتفاع إيجارات البيوت يقلق ملايين البريطانيين

ارتفاع إيجارات البيوت يقلق ملايين البريطانيين

06 مارس 2023
مطالبة بضبط الزيادة في بدلات الإيجار (رشيد نيكاتي أسليم/الأناضول)
+ الخط -

دعا رؤساء أكبر البلديات في بريطانيا إلى فرض تجميد فوري على زيادة الإيجارات وحظر عمليات الإخلاء، لدعم المستأجرين في التعامل مع الأزمة المعيشة. وكانت اسكتلندا قد أعلنت عن خطوة مماثلة في سبتمبر/ أيلول الماضي، بهدف حماية المستأجرين بموجب تدابير الطوارئ المصمّمة للحد من أضرار حالة الطوارئ الإنسانية.
وكتب ناشطون في 22 فبراير/ شباط الماضي رسالة مفتوحة إلى وزير الدولة لشؤون الإسكان والمجتمعات مايكل غوف، جاء فيها أنّ ملايين الأشخاص يكافحون لدفع نفقاتهم في ظلّ ارتفاع تكاليف الغذاء والطاقة، وأن تجميد الإيجارات من شأنه أن يخفف الضغط على المستأجرين الذين يعدّون من بين الأكثر تضرراً من الأزمة المعيشية. كما لفتوا إلى التأثير الاجتماعي المدمّر لأزمة الإخلاء، التي ستكلف المجالس المحلية والحكومة الملايين في حال لم توقف في أقرب وقت ممكن.
وتشير الأرقام الرسمية إلى أن المستأجرين من القطاع الخاص في جميع أنحاء البلاد أنفقوا أربعة أو خمسة أضعاف على تكاليف السكن مقارنة بالمالكين في السنة المالية المنتهية عام 2021. ويقول سام (48 عاماً) إنّ المالك طالبه منذ شهرين تقريباً بزيادة الإيجار 150 جنيهاً إسترلينياً، مبرّراً ذلك بارتفاع تكاليف الرهن العقاري. ويوضح أنّه يتفهّم أنّ الجميع يعاني من ضغوط معيشية، لذلك وافق على الزيادة لأنّه لن يجد شقة بإيجار أرخص، وليتجنّب المعايير المعقّدة التي تطلبها وكالات الإيجار قبل الموافقة على الطلب. يتابع: "وصل الإيجار الشهري لشقتي الموجودة في غرب لندن والمكونة من غرفتي نوم إلى 1400 جنيه إسترليني (نحو 1700 دولار)"، علماً أنّ راتبه الشهري بعد دفع الضرائب يبلغ 2400 جنيه إسترليني. بالتالي، فإن ما تبقى له بالكاد يكفي فواتير الطاقة والمواصلات والغذاء وغيرها من الضروريات لعائلته. 
من جهته، يقول توماس (45 سنة)، الذي يعمل سبّاكاً في إحدى الشركات في لندن، إن المالك رفع سعر بدل الإيجار 300 جنيه إسترليني دفعة واحدة منذ حوالي خمسة أشهر، ليصل بدل الإيجار إلى 2000 جنيه إسترليني. كما هدّدهم بالإخلاء في حال عدم الموافقة. يضيف: "حالياً، أقيم في المنزل مع ابنتي (10 سنوات) وابني (16 سنة) وزوجتي، بعدما غادرت ابنتايّ لندن، حيث تعيش الأولى في شفيلد شمالي البلاد، والثانية في بلدة سويندون (جنوب غرب) مع زوجها. في الواقع، حاولت ابنتي أن تقنعني بالسكن خارج لندن حيث بدلات الإيجار لا تزال مقبولة. لكنّني رفضت بسبب صعوبة العثور على عمل جديد. ولم يبق أمامي سوى خيار القبول وتقليص المصاريف إلى أقصى حدّ ممكن، علماً أن فواتير التدفئة والكهرباء الشهرية تزيد عن 300 جنيه إسترليني. الاستمرار على هذا النحو شبه مستحيل".

الصورة
مطالبة بضبط الزيادة في بدلات الإيجار (رشيد نيكاتي أسليم/ الأناضول)
يعاني البريطانيون لتأمين بدلات الإيجار (رشيد نيكاتي أسليم/الأناضول)

أمّا بيل (35 سنة)، فيقول إنّه استأجر منزلاً من ثلاث غرف نوم مع عائلته في شهر يونيو/ حزيران الماضي بـ2200 جنيه إسترليني شهرياً في ضواحي لندن. ويلفت إلى أنّ مهمّة العثور على سكن بحدّ ذاتها باتت مرهقة في لندن مع ارتفاع أعداد الباحثين عن سكن وقلّة المنازل المتوفرّة. يتابع: "كنت سعيداً في العثور على سكن في الوقت والمكان المناسبين بالقرب من مدرسة أطفالي وقبل موعد إجازتنا السنوية. أبلغني المالك أنّه سيزيد الإيجار 100 جنيه إسترليني مع انتهاء مدّة العقد في يونيو/ حزيران المقبل، ولم أمانع لأنني على ثقة بأنّني لن أحصل على سكن أفضل بهذا السعر".
ويظهر بحث أعدته "يوغوف" (شركة دولية على الإنترنت مختصة بأبحاث الأسواق ومقرها في المملكة المتحدة) أن ملايين المستأجرين من القطاع الخاص في بريطانيا يكافحون لدفع بدلات إيجارهم، مع ما يقرب من 2.5 مليون مستأجر إما متأخرين أو يعانون باستمرار لدفع بدل الإيجار، وهو رقم تقول إنه زاد بنسبة 45 في المائة منذ إبريل/ نيسان 2022.
وفي ما يتعلّق بفرض ضوابط على الإيجار، أعلنت حكومة بريطانيا رفضها الأمر، وقالت إنّ ضوابط بدلات الإيجار ستردع المالكين الجدد عن دخول السوق وتثني أولئك الموجودين بالفعل في القطاع، والذين يواجهون ارتفاع تكاليف الرهن العقاري والعقوبات الضريبية.

وخلال العام الماضي، كانت هناك زيادة في الدعوات لفرض ضوابط على بدلات الإيجار في القطاع الخاص، مع تأثّر ميزانيات الأسر بالأزمة المعيشية التي أدّت إلى الضغط على بدلات الإيجار. ويقول محلّلون إنّ الضوابط على الإيجارات قد تضر أكثر مما تفيد، لأنّ القطاع الخاص استوعب عدداً أكبر من المستأجرين في العقد الماضي مقارنة بالقطاع ميسور الكلفة الذي تموله الدولة مع وجود نقص في الدعم. على الرغم من ذلك، يتعرض القطاع الخاص لضغوط كبيرة. وغادر أصحاب العقارات الأصغر السوق تماماً مع انفجار الطلب من جرّاء وباء كورونا. 
ووفقاً لمسح أجراه Market Financial Solutions، يقول ثلاثة أرباع المستأجرين (77 في المائة) إنه يجب عمل المزيد للتحكم في أسعار الإيجارات في بريطانيا.
وارتفع متوسط الإيجار في بريطانيا نهاية العام الماضي إلى أكثر من 1200 جنيه إسترليني شهرياً، لأول مرة على الإطلاق، وفقاً لأرقام وكلاء العقارات في "هامبتونز" لشهر أكتوبر/تشرين الأول، وهو ارتفاع قدره 80 جنيها إسترلينياً في الشهر أو 7.1 في المائة أعلى مما كان عليه قبل عام. 

المساهمون