إيطاليا نحو ترحيل اللاجئين عبر المتوسط إلى معسكرات في ألبانيا

إيطاليا نحو ترحيل اللاجئين عبر المتوسط إلى معسكرات في ألبانيا: خطورة غير مسبوقة أوروبياً

13 ابريل 2024
قارب مكتظ بالمهاجرين في إيطاليا في 2017 (صموئيل ناجار/Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- إيطاليا تبدأ بنقل اللاجئين إلى مراكز لجوء في ألبانيا، في خطوة غير مسبوقة بأوروبا، تعكس سياسات الاتحاد الأوروبي الصارمة تجاه الهجرة وتوجه الحكومة اليمينية الإيطالية لتخفيف العبء عنها.
- تطوير مراكز اللجوء في ألبانيا بدعم إيطالي، مجهزة بمرافق صحية ونفسية، ولكن تُنظر إليها من قبل البعض كمعتقلات، مما يثير قلق منظمات حقوق الإنسان.
- الاتفاقية بين إيطاليا وألبانيا تواجه انتقادات قانونية وأخلاقية، مع تخوفات من عدم الالتزام بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان وتأثيرها السلبي على طالبي اللجوء.

ستصبح إيطاليا الدولة الأوروبية الأولى التي ستنقل اللاجئين على متن قوارب البحر الأبيض المتوسط من أراضيها نحو دولة أخرى. فمسعى الائتلاف اليميني في روما بقيادة رئيسة الحكومة جورجيا ميلوني لإبعاد اللاجئين عنها يبدو أنه في طريقه إلى التحقيق، حتى بعد أن تبنّى الأوروبيون سياسات متشددة أخيرا بشأن طلبات اللجوء إلى القارة.

وفي 20 مايو/أيار المقبل، سيصبح اللاجئ على متن قوارب المتوسط كأنه في وضع محتجز ومنقول ضدّ إرادته إلى مراكز لجوء في دولة ألبانيا، وفقا للاتفاقية التي وقّعتها روما مع تيرانا. وعملياً، بدأت الجرافات والمعدات المرسلة من إيطاليا في إنشاء ثلاثة مراكز لجوء إيطالية في ألبانيا. وذلك ما يُمهّد الطريق نحو نموذج لم يحققه أي طرف أوروبي آخر، خصوصا من يرغب بنقل اللاجئين إما إلى رواندا أو غيرها في القارة الأفريقية، كما حاولت بريطانيا والدنمارك على سبيل المثال.

وما سيحصل في الشهر المقبل هو انتقال معالجة طلبات اللجوء من دولة في الاتحاد الأوروبي إلى أخرى من خارجه. وتلك سابقة، حيث سيُحشر ركاب مراكب التهريب نحو معسكرات تُشبّهها منظمات حقوقية بأنها "مراكز اعتقال" وليست لدراسة طلبات لجوء.

استفادت إيطاليا من تمرير البرلمان الأوروبي، الأربعاء الماضي، اتفاق الهجرة في الاتحاد الأوروبي، الذي سمح بوضع ما يسمى بالمهاجرين غير النظاميين في مخيمات مغلقة على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي. فالمركز الإيطالي الأول سيكون جاهزا بحلول 20 مايو/أيار القادم في ميناء مدينة شنجين الساحلية في شمال غرب ألبانيا. وسيضم هذا المركز عيادة طبية مجهزة للعلاج النفسي، وعزل مرضى أعراض ما بعد الصدمة، للقول إن روما تأخذ بالاعتبار الوضع الصحي والنفسي للاجئين الذين يخوضون رحلة محفوفة بمخاطر الغرق في البحر الأبيض المتوسط، والذي ابتلع ما يقرب من 30 ألف شخص منذ 2014، وفقا لمنظمة الهجرة الدولية وتقارير الأمم المتحدة.

وستحتضن، لاحقاً، مدينة جادير، على بعد بضعة كيلومترات من المركز الأول، مركزي لجوء آخرين. ويتخصص أحدهما بالأشخاص الذين ستكون لديهم "حالات جارية" (ممن تدرس طلباتهم) بينما الآخر مخصص للمرفوضين ممن يُخطَّط لترحيلهم. وقد أرسلت روما، حتى قبيل حصولها على ما يشبه الضوء الأخضر الأوروبي، معدات الإنشاء نحو ألبانيا لتسريع إقامة المعسكرات.

ولن تكون تلك المعسكرات معقدة البناء، بل بسيطة بحيث يشبّهها منتقدوها، سواء في إيطاليا أو خارجها، بأنها أشبه بقاعات اعتقال جماعي. وستتسع المعسكرات لما مجموعه 3 آلاف شخص، وتسري عليها التشريعات الإيطالية وليس الألبانية، وسيوظف فيها فقط أشخاص إيطاليون، سواء في ما يتعلق بمعالجي الحالات أو الشرطة أو العاملين في المجال الصحي. وتهدف الحكومة الإيطالية إلى أن تكون قادرة على نقل 36 ألف مهاجر وطالب لجوء سنويا من أراضيها إلى ألبانيا.

وحتى الآن من العام الحالي 2024، وصل إلى إيطاليا نحو 15 ألفا من مهاجري القوارب. ووفقاً للأرقام الرسمية الإيطالية وأرقام منظمة الأمم المتحدة للاجئين، يأتي معظم هؤلاء من بنغلادش بنسبة نحو 27 في المائة ويليهم السوريون بنحو 15 في المائة بينما نسبة القادمين من مصر تبلغ حوالي 14 في المائة.

والأغلبية العظمى من إجمالي الواصلين عبر البحر الأبيض المتوسط من الرجال بنسبة 79 في المائة، بينما يشكل القاصرون والأطفال نسبة 17 في المائة، بحسب الأمم المتحدة. وبشكل عملي، فإن من تلتقطهم البحرية الإيطالية من الرجال هم وحدهم من سيجرى نقلهم إلى ألبانيا، من دون أن يسري ذلك على النساء والأطفال.

وفي المتوسط، يتوقع أن تأخذ فترة معالجة طلبات اللجوء نحو 90 يوما، بينما يحق للسلطات الإيطالية احتجاز المهاجرين واللاجئين نحو عام ونصف عام. وهؤلاء لن يسمح لهم بالخروج من معسكرات ألبانيا إطلاقا إلا بعد إنهاء معالجة قضاياهم، بحيث تحرس الشرطة الألبانية تلك المراكز من الخارج، لمنع خروج أي شخص.

وبرغم تعهد السلطات الإيطالية باحترام حقوق الإنسان في معسكراتها الخارجية، بما في ذلك حقهم في الحصول على مساعدة قانونية، إلا أن بعض المتخصصين في مجال القانون العام وحقوق الإنسان، مثل الباحثة نورا ماركارد من جامعة مونستر، ينتقدون في تصريحات للصحافة الأوروبية تصرف روما. ويعتبر هؤلاء أن الاتفاقية الإيطالية-الألبانية بمثابة "تجربة للذهاب إلى أبعد الحدود والإفلات من التبعات".

وأعربت عدة منظمات حقوقية وغير حكومية وساسة وخبراء عن القلق العميق من ألا تحمل التصرفات، منذ وضع اللاجئين الذين يلتقطهم خفر السواحل الإيطالي على متن سفن نحو ألبانيا، التزاما بالمعايير المتعلقة بتقييم فردي للأشخاص الذين سيتأثر الكثير منهم نفسيا للغاية، وخاصة في مجال فصل الأسر عن بعضها. وأشارت ماركارد إلى خشيتها من تطبيق روما الصور التي شوهدت عند الحدود بين المكسيك والولايات المتحدة"، معتبرة أن الاعتقال الجمعي من على متن القوارب في البحر الأبيض المتوسط يخالف أصلا القانون الدولي.

وتنتقد المنظمات الحقوقية خطوة روما، لأنها، بنقل اللاجئين بهذا الشكل إلى خارج أراضيها، ستخالف الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان واتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بالحقوق المدنية والسياسية، اللتين تحظران ما يسمى بالاعتقال التعسفي. ونموذج ألبانيا الإيطالي يُذكر بمعسكرات اليونان سيئة السمعة، التي أدت إلى حالات فوضى وحرائق راح ضحيتها مهاجرون ظنوا أنهم محميون بطلب اللجوء.

كما أنه ثمة من يؤمن بأن صرف روما مئات ملايين اليورو على الاتفاقية مع ألبانيا، التي ستسري خلال خمس سنوات قادمة (بنحو 600 مليون يورو)، تستهدف عمليا إيصال طالبي اللجوء إلى حالة يأس، وإرغامهم على قبول العودة "الطوعية" إلى بلادهم الأصلية، وخصوصا مع تزايد الاعتقاد بأن الاتجاه العام، ومدعوماً ضمنيا بميثاق الهجرة الأوروبي الأخير، بات يعتبر بعض البلدان "آمنة" لرفض لجوء مواطنيها إلى دول الاتحاد الأوروبي.

المساهمون