إضراب نسوي عابر للحدود رفضاً للجرائم ضد المرأة

إضراب نسوي عابر للحدود رفضاً للجرائم ضد المرأة

06 يوليو 2022
نساء في غزة يشاركنَ في الإضراب العام (مجدي فتحي/Getty)
+ الخط -

بعد تسجيل أكثر من جريمة هزّت المجتمع العربي في الفترة الماضية، تحديداً ما بين 24 و30 يونيو/حزيران الماضي، ولا سيّما تلك التي وقعت ضحيتها الطالبة نيرة أشرف في مصر وإيمان أرشيد في الأردن والمهندسة الفلسطينية لبنى منصور في الإمارات والمذيعة شيماء جمال في مصر وغيرهنّ ممّن قُتلنَ بدم بارد، بادرت الناشطة النسوية السورية ريم محمود إلى الدعوة للاحتجاج والإضراب اليوم الأربعاء في السادس من يوليو/تموز 2022، رفضاً لجرائم القتل التي تستهدف المرأة ولرفع الصوت عالياً في وجه الظلم.

كيف بدأت الدعوة؟

شكّلت هذه الجرائم دافعاً لإعلان إضراب نسائي عابر للأوطان، بداية من خلال تأسيس صفحة خاصة بالحدث على موقع فيسبوك بعنوان "إضراب نسائي عام عابر للحدود 06-07"، قبل أن يبدأ التفاعل من خلال دعم الجمعيات النسائية ودعوتها في بعض الدول إلى احتجاجات في الشارع.

وفي العالم الافتراضي، لاقت الدعوة ترحيباً واسعاً، مع تسجيل 22 ألف متابع اهتمامهم بها، ومع تعميم الوسوم الآتية: #تضامن_عابر_للحدود، #إضراب_نسائي_عام، #نساء_ضد_العنف، #أنا_مُضربة.

أمّا على الأرض، فأشارت وسائل التواصل الاجتماعي إلى وقفات مختلفة، من بينها وقفة احتجاجية في العاصمة الأردنية عمّان أمام مجلس النواب، وفي العراق على كورنيش مدينة السماوة، وفي تونس العاصمة بشارع الحبيب بورقيبة، وفي المغرب بمدينة أكادير، وكذلك في مدينة غزة في القطاع المحاصر.

أمّا في لبنان، فمن المتوقّع تنظيم وقفة احتجاجية أمام مجلس النواب اللبناني، ترفع النساء المشاركات فيها لافتات مطالبة بإقرار القوانين الخاصة بنبذ العنف ضد المرأة.

كذلك شاركت محافظة أدلب في سورية في الإضراب ضد قتل النساء، ونفّذت نساء عديدات وقفات احتجاجية رافضة لذلك.

 وكان لافتة في ألمانيا الاستجابة للدعوة إلى الإضراب، إذ نشرت نساء أمس الثلاثاء في الخامس من يونيو الجاري، قبل يوم واحد من التاريخ المحدّد، صور لنساء قُتلنَ في الفترة الماضية في دول عربية، وعبّرت المشاركات في التحرّك عن رفضهنّ قتل النساء أو تعنيفهنّ بأيّ شكل من الأشكال.

في السياق، تقول الناشطة اللبنانية علياء عواضة لـ"العربي الجديد"، إنّ "هذا الإضراب جاء رفضاً للسياسات المتّبعة والتشريعات التي تُمارس التمييز في المجتمع والتي أدّت إلى مقتل نساء عديدات، علماً أنّ عدد الضحايا تخطّى في أسبوع واحد ثماني نساء في أكثر من دولة عربية. تضيف عواضة أنّ "التحرّكات التي تأتي بها المؤسسات النسائية في العالم العربي تتنوّع"، شارحة أنّ "ثمّة من اعتمد الاحتجاج في الشارع كما هي الحال في تونس والمغرب والعراق، فيما دول أخرى مثل لبنان اعتمدت على الإضراب الافتراضي على وسائل التواصل الاجماعي. وبحسب عواضة، تهدف هذه التحرّكات إلى الضغط لمنع تعرّض النساء لمزيد من العنف".

كيف أشارك في الإضراب؟

لم تفرض الدعوة إلى الإضراب أيّ شكل محدّد للتعبير عن رفض المشاركين لعمليات قتل النساء، بحسب ما نُشر على وسائل التواصل الاجتماعي، ويمكن الانضمام إلى الإضراب إمّا في الوقفات الاحتجاجية في الشارع، وإمّا افتراضياً. وقد يكون دعم التحرّك من خلال الامتناع عن الذهاب إلى العمل مثلاً، أو الامتناع عن القيام بالأعمال المنزلية، أو إعداد تسجيل فيديو أو صورة وإرفاقها بالوسم الخاص بالحملة. وفي حال عدم تمكّن المرأة من القيام بأيٍّ من هذه الأمور، تستطيع عندها التضامن قلبياً.

وبحسب بيان صادر عن محمود التي دعت فيه إلى الإضراب العابر للحدود، تستطيع المؤسسات المهتمة المشاركة من طريق إعلان الإضراب والحشد عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وعبر تشكيل تحالفات مؤقتة محلية تهدف إلى تفعيل الإضراب والتنظيم للوقفات وسائر أدوات لفت النظر الممكنة. كذلك لفتت الناشطة في بيانها إلى أهمية ما يمكن أن يقوم به ناشطو وناشطات المجتمع المدني ومؤسساتهم/هنّ، للانضمام إلى الحشد والتنظيم وفق ما يرونه ممكناً. وقد نشرت نموذجاً تستطيع المؤسسات الراغبة في المشاركة التوقيع عليه.

دعم حكومي؟

لم تتبنَّ أيّ جهة حكومية أو سلطة سياسية في أيّ دولة عربية هذا الاحتجاج، ولم تقدّم أيّ دعم. وتقول عواضة: "على الرغم من أنّ جرائم قتل النساء تُعَدّ واحدة من أفظع الجرائم ضدّ الإنسانية، فإنّ التشريعات المجحفة بحقّ المرأة، سمحت بزيادة معدّل الجرائم في الدول العربية، ولذا من الطبيعي تسجيل غياب أيّ دعم مؤسساتي أو حكومي". وتوضح أنّ "هذا الإضراب نُظّم في غياب أيّ مواقف حكومية أو دعم حكومي أو غير حكومي. وقد جاءت الدعوة نتيجة فظاعة الجرائم التي ارتُكبت بحقّ النساء في الفترة الأخيرة".

وعند إعلان الإضراب في يونيو/ حزيران الماضي، راحت أكثر من جمعية نسائية عربية تعلن دعمها وتأييدها. على سبيل المثال، نشرت الحركة النسوية في الأردن على موقع تويتر بياناً أكّدت فيه دعمها للإضراب والدعوة إلى المشاركة الواسعة، إلى جانب سلسلة تغريدات لحشد أكبر عدد من المشاركين والمشاركات في الإضراب.

ردود فعل

وقد ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي بالدعوة إلى الإضراب، إذ أعلنت أكثر من ناشطة في مجال حقوق المرأة دعمها للإضراب. فنشرت الناشطة اللبنانية ناهيدا خليل دعوة إلى التضامن والإضراب من خلال تأكيدها أهمية مشاركة جميع النساء في الإضراب، داعية إلى القيام بذلك بأيّ شكل تراه المرأة مناسباً وعلى طريقتها ومن ضمن إمكاناتها، للتنديد بكلّ حالات العنف والقتل بحقّ النساء في كلّ المنطقة العربية، التي تأتي بطرق لا يمكن أن يتصوّرها عقل بشري نظراً إلى بشاعتها ووحشيتها.

وبحسب خليل، فإنّ إضراب اليوم دعوة لكلّ النساء والجماعات النسائية والنسوية والحقوقية والمدنية والسياسية للاستنفار والتضامن، من خلال الامتناع عن القيام بأعمالهنّ ومهامهنّ إذا أمكن ذلك، ومن خلال التعبير عن تضامنهنّ مع سواهنّ من النساء والفتيات في المنطقة العربية.

من جهتها شاركت الناشطة اللبنانية دجى داوود في الإضراب، من خلال تأكيد رفضها جرائم قتل النساء، ونشرها البيان الخاص بالحملة على مواقع التواصل الاجتماعي، ولا سيّما "فيسبوك" و"تويتر".

وفي تغريدة أخرى، قالت الناشطة السورية أرز أمل الأسمر: "قُتلت خمس نساء بوحشية في أقلّ من أسبوع في يونيو 2022، اثنتان منهنّ، نيرة وإيمان، كانتا طالبتَين جامعيتَين وقُتلتا في جامعتَيهما أمام الناس. والآن نحن، نساء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ننظّم إضراباً في 6 يوليو. انشر الكلمة!".

أمّا الصحافية رزان إبراهيم من موقع كينزن البريطاني الخاص بالبيانات والأبحاث لمتخصصي الثقة والسلامة، فكتبت في تغريدة على "تويتر": "كلّ التضامن مع النساء العربيات في إضراب 6 يوليو ضدّ موجة القتل والعنف غير المسبوقة التي انتشرت في المنطقة. أتمنّى أن أتمكّن من الانضمام إليكنّ جسدياً، ولكنّكنّ جميعاً في قلبي وروحي وعقلي".

بدورها، غرّدت الناشطة اللبنانية فرح دعيبس على "تويتر"، قائلة: "في ضوء العدد المتزايد من جرائم قتل النساء والتمييز المستمر والمتعمد والاستغلال والتهميش ضدّ النساء بكلّ تنوعهنّ، فإنّنا في فاس مينا نقف متضامنين مع إضراب النساء العام".

المساهمون