أبو راتب.. حكاية "سايس" عتيق في غزّة

غزة

علاء الحلو

avata
علاء الحلو
29 مارس 2021
غزة
+ الخط -

لا يملّ الفلسطيني محمد زيد من مدينة غزة، من تكرار عمله اليومي منذ أكثر من خمسين عاماً، مُمسكًا "فوطة غسل السيارات" بيده اليمنى، ووعاء الماء البلاستيكي بيده اليسرى، أملًا في توفير قوت أسرته.

وبخفة العشريني، يتنقل السبعيني بو راتب بين السيارات المتوقفة على جنبات "موقف فلسطين"، في مدينة غزة، لِصفها ومسحها، مقابل الحصول على "شواقل" بسيطة، تعينه على توفير احتياجات أسرته يوميًا.

حكاية أبو راتب، الذي وُلد عام النكبة الفلسطينية عام 1948، في بلدة سمسم ومن ثم هُجِّر مع أسرته إلى قطاع غزة ، مع مهنة السايس (غسل السيارات) بدأت منذ عام 1962، وقد تنقل خلالها بين عدد من المواقف في قطاع غزة، وخارجه.

أبو راتب (عبد الحكيم أبو رياش)
حكايته مع هذه المهنة بدأت منذ عام 1962 (عبد الحكيم أبو رياش)

واعتاد زيد مهنته التي يرى بأنها بسيطة، وغير مُعقدة، وفق تعبيره لـ "العربي الجديد"، إذ يعتبر أنه "مدير نفسه" يمكنه العمل في الوقت المُناسب بكُل حُرية، وذلك على الرغم من أنها باتت لا تعينه على توفير كل مستلزمات أسرته، ما يدفعه إلى الاستعانة "بقرشه الأبيض" الذي ادّخره في السابق، خوفًا من سوء الأحوال.

ويبدأ يوم الفلسطيني أبو راتب باكرًا، إذ يصل إلى الموقف الساعة السابعة صباحًا، فيما يبدأ تجهيز أدواته والعمل منذ السابعة والنصف حتى ساعات المساء، ويحصل مقابل مسح وتنظيف كل سيارة على القليل من الشواقل.

أبو راتب (عبد الحكيم أبو رياش)
يشتغل بخفة عشريني (عبد الحكيم أبو رياش)

ولا يزال يتذكر تسلسل الحياة، والأوضاع الصعبة التي عاشتها  أسرته اللاجئة، والتي دفعته إلى العمل في سن مبكرة، بعدة أعمال، إذ قطنوا في خيمة، ومن ثم في غرفة مصنوعة من الطين والبوص، ما اضطره إلى العمل في مزارع الأبقار، وفي جني ثمار الفواكه والحمضيات، إلى جانب نقل الطعام في سلال البوص.

أبو راتب (عبد الحكيم أبو رياش)
تنقل بين عدة مواقف داخل غزة وخارجها (عبد الحكيم أبو رياش)

واستقر أبو راتب على مهنة "السايس"، التي زاولها في أكثر من مكان، حيث انتقل عام 1965 إلى المملكة العربية السعودية، وعمل فيها سايساً لمدة عامين، قبل أن يعود للعمل في الداخل الفلسطيني المُحتل عام 1948، أمام السفارة الأميركية، ومن ثم انتقل للعمل في مواقف قطاع غزة المختلفة.

وعلى الرغم من وصف أبو راتب، لمهنته بأنها "داخلة مخه" أي أنه راضٍ عنها، إلا أنها لم تعد تُمكّنه من توفير مستلزماته اليومية، وعن ذلك يوضح: "في السابق كان العمل جيدًا، بسبب فتح المعابر، وخروج العُمال للعمل خارج قطاع غزة، إلا أن الحصار الإسرائيلي، وإغلاق المعابر أثر على مختلف نواحي الحياة، وعلى مختلف المِهن، بما فيها مهنته البسيطة".

أبو راتب (عبد الحكيم أبو رياش)
لم تعد تكفيه في تغطية احتياجاته اليومية (عبد الحكيم أبو رياش)
قضايا وناس
التحديثات الحية

ويتعرض خلال عمله اليومي، إلى جانب الإرهاق الذي يرافقه طيلة النهار، إلى المساومة الدائمة مع الزبائن، ما بات يدفعه إلى ترك الخيار لأصحاب العربات، لدفع ما يريدون، دون أن يقوم هو بنقاشهم، ويقول: "لم أعد قادرًا على المساومة، إذ يتطلب ذلك جهدًا إضافيًا".

أبو راتب (عبد الحكيم أبو رياش)
أجر زهيد وإرهاق (عبد الحكيم أبو رياش)

ويرى السايس زيد، أن المهنة التي قضى معها طفولته وشبابه، ستبقى مصدر رزقه، حتى وإن تأثرت بفعل الأوضاع الاقتصادية السائدة، حيث أصبحت رفيقته، التي اعتادها، والتي يقضى معها تفاصيل روتينه اليومي.

ذات صلة

الصورة
دبابة لجيش الاحتلال على حدود غزة 16 مايو 2024 (Getty)

سياسة

تتوقع المؤسسة الأمنية الإسرائيلية زيادة بنسبة 172% في عدد جنود الاحتلال الذي يعانون مشاكل نفسية بحلول عام 2030، وزيادة بنسبة 61% في عدد المعوقين في الجيش.
الصورة
خلّف القصف حفرة عميقة ابتلعت الخيام (العربي الجديد)

مجتمع

يكرر جيش الاحتلال الإسرائيلي أوامر الإخلاء في قطاع غزة، ويطالب الأهالي بالتوجه إلى ما يصنفها "مناطق آمنة"، ثم يقصف خيام النازحين، وأخرها في مواصي خانيونس.
الصورة
تظاهرة تضامنا مع الشعب الفلسطنيي في لندن (العربي الجديد)

سياسة

تظاهر قرابة مائتي ألف متظاهر في لندن ضد جرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني، ووصلت المظاهرة، التي جابت شوارع لندن، إلى السفارة الإسرائيلية
الصورة
يعتمد الغزيون على المساعدات للعيش (عمر القطان/ فرانس برس)

مجتمع

قرار الأمم المتحدة وقف عملياتها في قطاع غزة قد يكون أشبه بالكارثة في ظل اعتماد الغزيين على المساعدات الشحيحة أصلاً، ليشعر أهالي القطاع بمزيد من التخلي عنهم
المساهمون