"منطقة العطشى" في حلب

16 مارس 2022
يحملن ما تيسّر من المياه (إبراهيم يوسف/ فرانس برس)
+ الخط -

يعيش سكان عشرات القرى في ريف حلب الجنوبي الخاضع لسيطرة النظام السوري والمليشيات الإيرانية في حرمان من مياه الشرب منذ أكثر من ست سنوات، في وقت تواصل حكومة النظام إطلاق الوعود بتنفيذ دراسات ومشاريع لتوفير مياه لهذه "المنطقة العطشى". وتعاني معظم قرى وبلدات ريف حلب الجنوبي الشرقي من أزمة فقدان المياه، وتلك المخصصة للشرب تحديداً، فبعضها تفتقد أصلاً إلى شبكات لنقل المياه، في حين تعرضت شبكات في قرى أخرى لتدمير خلال المعارك بين النظام وتنظيم "داعش"، أو بين النظام وقوات المعارضة.

طلاب وشباب
التحديثات الحية

يقول علي المهدي، من أبناء المنطقة، لـ"العربي الجديد": "لا تحصل أكثر من 120 قرية وبلدة في ريفي حلب الجنوبي والجنوبي الشرقي على مياه شرب، وكذلك عشرات القرى في ريف حلب الجنوبي الغربي، ما يضطر السكان إلى شراء المياه من مناطق بعيدة ونقلها بالصهاريج. ومعظم قرى المنطقة التي توجد فيها آبار تكون مياهها مالحة وغير صالحة للشرب".

ويتحدث المهندس الزراعي فريد عبيد من ريف حلب الجنوبي، لـ"العربي الجديد"، عن أن "منطقة سبخة المطخ التي سيطر النظام عليها بعد معارك مع "داعش" عام 2017 تعتبر الأكثر عطشاً بسبب عدم وجود مصادر للمياه الجوفية، وعدم اهتمام حكومة النظام بسكانها. وعند تقديم شكاوى لا يتلقى السكان سوى الوعود الفارغة من دون أي تحرك جدي من حكومة النظام على الأرض". ويوضح أن "أهالي بعض هذه القرى يجلبون المياه بصهاريج من مناطق بعيدة تقع على نهر الفرات، أو قرى تحتوي على آبار ارتوازية خاصة، ما يزيد من كلفة نقلها. وقد دفع هذا الواقع سكاناً كُثراً إلى المغادرة، علماً أن معظمهم يعملون في الزراعة ورعاية الأغنام. وليس الحال أفضل في القرى التي تقع جنوب غربي حلب التي سيطر عليها النظام قبل نحو 3 سنوات، بعد معارك مع المعارضة و"هيئة تحرير الشام"، مثل قرى جزاريا وزمار وجب كأس والعيس وطلافح والعثمانية وتل باجر، إذ لا تتوفر مياه الشرب هناك بالكميات المطلوبة".

جلبت بشق النفس بعض المياه (جوزف عيد/ فرانس برس)
جلبت بشق النفس بعض المياه (جوزف عيد/ فرانس برس)

ويقول أحمد الذي يسكن في بلدة العيس لـ"العربي الجديد": "إذا توفرت بئر تواجه عملية سحب المياه مشاكل انقطاع المحروقات والكهرباء ما يجعلها مستحيلة، علماً أن المشكلة الكبرى في المنطقة ترتبط بعدم توفير حكومة النظام الخدمات، فتأمين المياه ليس صعباً إذا أرادت الحكومة ذلك، والمنطقة غنية بالمياه الجوفية، ويكفي حفر آبار فيها ومدّ شبكات للنقل".
يضيف: "يصل سعر خزان مياه بسعة 5 آلاف ليتر إلى 40 ألف ليرة سورية (11.42 دولاراً)، وقد يزيد إذا ارتفع سعر المحروقات، ويعادل ذلك الراتب الشهري لموظف في حكومة النظام".
ويشير أحمد إلى أن "النظام السوري يجد دائماً ذرائع جاهزة لتبرير انقطاع المياه ونقصها في ريف حلب الجنوبي، ويزعم أن  المخربين المنتمين إلى جماعات إرهابية هدموا منشآت لمياه الشرب أقامتها الشركة العامة للمياه في المنطقة، وسرقوا معدات مخصصة للآبار، بينها مولدات ومضخات. وتتواصل هذه الذرائع منذ أكثر من ثلاث سنوات، علماً أن المنطقة تخلو من المخربين والإرهابيين حالياً، فلماذا لم يصلح النظام طوال هذه الفترة ما خرّبه هؤلاء؟ أعتقد شخصياً أن الفساد المستشري في مؤسسات النظام يمنع إقامة مشاريع".

من جهتها، تفيد صحيفة "الجماهير" التابعة للنظام بأن "14 قرية ومزرعة وتجمعاً سكانياً تابعة لبلدية بلاس و17 قرية تابعة لبلدية حاضر تعاني من نقص شديد في مياه الشرب". وتنقل عن مسؤول في شركة المياه التابعة للنظام أن "المؤسسة حفرت عدة آبار، لكنها اكتشف حين حللت مياهها أنها غير صالحة للشرب، ما يعني أن لا فائدة من مدّ شبكات نقل لهذه الآبار".

المساهمون