في أواخر الشهر الهجري محرم من كل عام، وبعد أن يكتمل هلاله، يطوف الأطفال في أرياف محافظة تعز اليمنية، بمختلف أعمارهم، من منزل إلى آخر مرددين لفظة "المسائي"، وأهازيج وأناشيد فنية تذكر بالزمن الجميل وذكريات الأجداد، وعندما يطرق الأطفال على أبواب البيوت، "ويمسون"، يعطيهم سكانها بعض النقود أو الحلوى أو الحبوب، فمن أعطاهم مدحوه وأثنوا على كرمه، ومن لم يعطهم وصفوه بالبخيل، وأغلقوا باب منزله بالأحجار.
ومن كلمات الأناشيد والأهازيج المتوارثة التي يرددها الأطفال "يا مساء يا مساء الخير يا مساء. يا مساء وسعد الله بالمساء. يا مساء جئت أمسي عندكم. يا مساء كثر الله خيركم. يا مساء والله ما أشتي ريال. يا مساء تقسمه بين العيال".
ووثق "العربي الجديد"، بعض تفاصيل هذه الطقوس في أحد أرياف تعز، يقول التربوي اليمني، محمود القدسي: "المسائي عادة يمنية في أرياف تعز، يحييها الأطفال في أواخر شهر محرم من كل عام، وكنت في صغري أذهب مع رفاقي وجيراني للتنقل بين المنازل مرددين (المسائي)، وما زال الأطفال يحيون هذه الذكرى المتوارثة، والتي تعتبر أحد طقوس العام الهجري الجديد، ويجد الأطفال فيها فرحتهم".
ويضيف القدسي أن "هذه المناسبة من الأعراف التي اعتادت عليها الناس، إذ يخرج الشباب والأطفال مرددين الأهازيج على شكل مجموعات، فيدخلون الفرحة إلى كل بيوت القرية، والبعض متمسكون بهذه العادة الأصيلة رغم أن الحرب أثرت على كل شي في اليمن، إلا أن المسائي ما زالت أحد الطقوس المهمة الحاضرة".
ويقول الفتى محمد عبدالهادي، وهو أحد المشاركين في إحياء المناسبة، لـ"العربي الجديد"، إن الهدف من تنقلهم ليلا بين القرى مرددين الأهازيج الشعبية هو إحياء ذكرى الأجداد وليس جني المال أو الحصول على الحلوى والدقيق، ويضيف أنه ينتظر هذه المناسبة مع الكثير من أقرانه طوال السنة، وأنهم يستمرون في التنقل بين القرى لثلاث ليال، وهي فرصتهم الوحيدة التي لا يعارضها آباؤهم بعكس بقية ليالي السنة التي يمنعون فيها من الخروج.
ويضيف لـ"العربي الجديد": "بالنسبة للنقود التي نجنيها فإننا نوزعها فيما بيننا بالتساوي، أما الدقيق أو الحبوب فيتم الاتفاق على إعطائها لأحد فقراء القرية".