تركيا تنتظر "هيمارس" الأميركي لإطلاق عملية عسكرية شمالي سورية

26 ابريل 2016
تركيا مصممة على إنشاء منطقة آمنة شمال سورية (Getty)
+ الخط -
مع استمرار سقوط القذائف على مدينة كيليس التركية الحدودية مع سورية، دفع الجيش التركي بمزيد من التعزيزات إلى المدينة، وسط ضغوط داخلية، ومظاهرات شعبية، تطالب بالتحرك لوقف هذا القصف، الذي أوقع 17 قتيلا، وعشرات الجرحى، منذ بداية الشهر الجاري.

وقالت وسائل الإعلام التركية إن رتلًا من الدبابات والعربات العسكرية أرسلت من قيادة اللواء الخامس المدرع بولاية غازي عنتاب إلى مدينة كيليس، وسط إجراءات أمنية مشددة.

وقال نائب رئيس الوزراء والناطق باسم الحكومة التركية، معمان كورتولموش، إن "الحكومة قررت اتخاذ المزيد من التدابير الأمنية في ولاية كيليس، عقب تعرضها لاستهدافات متكررة مؤخرا من قبل تنظيم "داعش"، الذي قال إنه أطلق، منذ 18 كانون الثاني/يناير الماضي، 46 قذيفة صاروخية، على مناطق متفرقة في الولاية التي ترتبط بحدود مع سورية بطول 111 كيلومترا، سقط نتيجتها 17 شخصا، منهم 10 أتراك، والبقية سوريون، فضلا عن إصابة 61 آخرين.  

تصريحات كورتولموش جاءت عقب اجتماع عقدته الحكومة التركية لبحث سبل وقف القصف الذي تتعرض له مدينة كيليس من الأراضي السورية، برئاسة رئيس الحكومة، داود أوغلو، الذي قال إن تركيا ستتخذ إجراءات عسكرية إضافية لوقف هذه الهجمات.

وكان داود أوغلو قد زار بنفسه، قبل أيام، مدينة غازي عنتاب الحدودية، رفقة المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، وتعهد آنذاك باتخاذ "كل الإجراءات اللازمة" للحيلولة دون سقوط الصواريخ على كيليس، التي يعيش فيها نحو 110 آلاف لاجئ سوري، باتوا يتعرضون لمضايقات من جانب أهالي المدينة، الذين تظاهروا بشكل متكرر في الأسابيع الأخيرة، مطالبين بحماية مدينتهم من القصف، وإبعاد اللاجئين السوريين عنها، وقد بدأ العديد من السوريين بالفعل في مغادرة المدينة نحو مناطق تركية أخرى.

ورغم أن القوات التركية تقوم بالرد في كل مرة على مصدر النيران، وآخر ذلك كان إعلان الأركان العامة التركية، مساء الاثنين، بأن ثمانية عناصر من "تنظيم الدولة" قتلوا في قصف للجيش التركي لموقعهم داخل الأراضي السورية، إلا أن هذه الردود تبدو غير كافية، خاصة مع تواصل سقوط القذائف داخل الأراضي التركية من مناطق سيطرة "داعش" في سورية.

وفي سياق الإجراءات التي لجأت إليها تركيا للتعامل مع هذا الوضع، قال وزير الخارجية، مولود جاويش أوغلو، إن بلاده ستنشر على حدودها مع سورية صواريخ من طراز "هيمارس"، وذلك بالاتفاق مع الولايات المتحدة الأميركية، موضحا، في حوار تلفزيوني على قناة "هابير تورك"، أن هذه الصواريخ ستصل إلى تركيا في شهر مايو/أيار، وستغطي منطقة منبج في ريف حلب الشمالي، التي يسيطر عليها تنظيم الدولة.

ولدى سؤاله ما إذا كانت هذه الخطوة مقدمة لفرض منطقة آمنة، على الحدود السورية التركية، أجاب المسؤول التركي بالإيجاب قائلا: "الهدف الأساس لنا هو أن نطهر المنطقة الممتدة حتى منبج، والتي يبلغ طولها 98 كيلومترا، من عناصر تنظيم "داعش"، وعندما يتم تحقيق هذا الأمر تكون المنطقة الآمنة قد فرضت نفسها".

ورأى جاويش أن قادة العالم متفقون مع تركيا بشأن المنطقة الآمنة، بما في ذلك الرئيس الأميركي، باراك أوباما، الذي قال إنه لا يعارض فكرة المنطقة الآمنة، إضافة إلى ألمانيا التي" توافقنا الرأي في هذا الإطار"، معتبرا أنهم "باتوا يفهمون أن تركيا على حق في ما يخص المنطقة الآمنة، والموضوع السوري، ولكن لم يفهموا ذلك إلا مؤخرا، ويعود السبب في تأخرهم في الفهم إلى أنهم يقتربون من الموضوع بأحكام مسبقة".

وحول دور صواريخ "هيمارس" المرتقبة في العملية العسكرية التركية المتوقعة داخل الأراضي السورية، قال الوزير التركي إن المدى الذي تصل إليه المدافع التركية هو 40 كيلومترا، في ما يصل مدى صواريخ "هيمارس" إلى 90 كيلومترا، و"سيتم تقديم دعم جوي وبري عبر الحدود التركية للمعارضة السورية المعتدلة، وبواسطة هذه الصواريخ سنتمكن من ضرب مواقع "داعش" بدقة أكبر، بينما ستتقدم المعارضة المعتدلة عبر البر".

يذكر أنه يمكن لحاضنة الصواريخ "هيمارس" حمل 6 صواريخ أو صاروخ تكتيكي واحد برأس مضاد للدروع، أو رأس يحمل قنابل عنقودية، أو رأس انفجاري تقليدي.

وقال مسؤولون أتراك إن عناصر "داعش" يأتون إلى الحدود على متن دراجات نارية، ثم يطلقون الصواريخ على البلدة، وإن صواريخ هاوتزر التركية، التي تنتشر على الحدود، تجد صعوبة في إطلاق النار على أهداف متحركة.

وفي هذا الإطار، قال الصحفي التركي، اوكتاي يلماز، لـ"العربي الجديد"، إن تركيا قد تقدم بالفعل على دعم عملية عسكرية محدودة في الشمال السوري، لإبعاد تنظيم "داعش" عن حدودها، ومنع سقوط القذائف داخل أراضيها.

وذكر يلماز أن وحدات خاصة تركية محدودة قد تشارك في العملية، التي سيكون عمادها قوات المعارضة السورية المعتدلة، بينما تتولى تركيا إسنادها بالصواريخ والمدفعية والطيران، بالتنسيق مع قوات التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة.

وحول ما إذا كانت فكرة المنطقة الآمنة التي طالما نادت بها تركيا ما زالت حية وقابلة للتطبيق، رأى يلماز أن العالم مقتنع بالفكرة، لكن لا توجد إرادة سياسية لتنفيذها، مشيرا إلى أن المنطقة الآمنة تعني لدى تركيا أن تكون مطهرة من تنظيم "داعش" ومن قوات الحزب الديمقراطي الكردي، التي تشكل امتدادا لحزب العمال، المصنف إرهابيا في تركيا، وأن تكون مخصصة للنازحين السوريين والأغراض الإنسانية.

 وكانت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، قد قالت خلال مرافقتها لرئيس الحكومة التركية في زيارة للمخيمات السورية جنوبي تركيا، إنها تؤيد إقامة "مناطق آمنة" لإيواء اللاجئين في سورية.

 وشرحت ميركل مفهومها للمنطقة الآمنة بقولها: "يجب أن يكون لدينا مناطق يفرض فيها وقف إطلاق النار على نحو خاص، حيث يمكن ضمان مستوى معقول من الأمن للاجئين"، مضيفا أنها كانت تقصد أن المناطق الآمنة "يجب أن تتمخض عن محادثات السلام في جنيف"

غير أن الولايات المتحدة لا تزال غير متحمسة لهذه الفكرة، التي قال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إنه طرحها على نظيره الأميركي، باراك أوباما، خلال زيارته لواشنطن مطلع الشهر الجاري، وما زال أوباما يخشى أن تكون مقدمة لاستدراج تدخل عسكري أميركي واسع طالما سعى إلى تجنبه طيلة الحرب السورية.

وقال أوباما، في خطابه الأخيرة في مدينة هانوفر الألمانية، إنه "سيكون من الصعب للغاية تخيل نجاح ما يطلق عليها منطقة آمنة في سورية من دون التزام عسكري كبير". وشرح أن الأمر "لا يتعلق بإقامة منطقة آمنة في أراضٍ سورية باعتراض أيديولوجي من جهتي، لا علاقة للأمر بعدم رغبتي في تقديم المساعدة وحماية عدد كبير من الأشخاص، الأمر يتعلق بظروف عملية بشأن كيفية تحقيق ذلك".

واستطرد الرئيس الأميركي طارحا بعض الأسئلة بشأن هذه المنطقة، مثل البلد الذي يمكنه وضع عدد كبير من القوات البرية داخل سورية، في إشارة إلى أن هذا البلد لن يكون الولايات المتحدة.

وبدلا من ذلك، عرض وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، على موسكو تنظيم مراقبة على مدار الساعة للهدنة في سورية، أو ما سماه في حديث لصحيفة "نيويورك تايمز" مناطق نفوذ، يتقاسم خلالها الجانبان الأميركي والروسي المراقبة داخل سورية، بحيث يكون كل منهما مسؤولا عن مناطق محددة.

المساهمون