بروباغندا سعودية لإخفاء خسائر حفتر

بروباغندا سعودية لإخفاء خسائر حفتر

25 مايو 2020
توسع قوات الوفاق سيطرتها جنوبي طرابلس (حازم تركية/الأناضول)
+ الخط -


تدلّ المعطيات الميدانية في ليبيا، لا سيما جنوبي العاصمة طرابلس، مع توالي انسحاب المرتزقة الموالين للواء المتقاعد خليفة حفتر، على أن قوات حكومة الوفاق تتجه للسيطرة بشكل كامل على العاصمة ومحيطها، وسط تحذيرات من أن يكون انسحاب المرتزقة الروس من محيط طرابلس مقدمة لإخلاء الساحة إفساحاً في المجال أمام الدول الداعمة لحفتر لشن حملة قصف جوي على مناطق سيطرة قوات الوفاق، خصوصاً أن تدخّل الإمارات ومصر بشكل مباشر في الصراع لم يعد مخفياً. في ظل هذه الأجواء، كانت وسائل إعلام موالية لحفتر، لا سيما السعودية منها، تقود حملة بروباغندا واسعة للترويج أن مليشيات الأخير تحقق تقدّماً و"بدأت في استعادة السيطرة على عدد من المناطق"، مستندة فقط إلى كلام للمتحدث باسم جيش حفتر، أحمد المسماري، من دون أي مؤشرات ميدانية على ذلك. كما روّجت لزيارة وفد أميركي إلى بنغازي، وهو ما سارعت السفارة الأميركية في ليبيا إلى نفيه.

وفي التطورات الميدانية، أكدت قوات حكومة الوفاق، اليوم، أنه تم إجلاء مئات المرتزقة الروس الذين يقاتلون إلى جانب مليشيات حفتر من مدينة بني وليد الواقعة في جنوب شرق العاصمة. وقالت قوات الحكومة في بيان: "هبطت طائرة شحن عسكرية نوع أنتونوف 32 في مطار بني وليد" الواقع على بعد 170 كيلومتراً جنوب شرق العاصمة، وذلك "لاستئناف نقل مرتزقة فاغنر الذين فروا من محاور جنوب طرابلس إلى وجهة غير معلومة". علاوة على ذلك، قالت قوات الوفاق إنه وصلت، الأحد، إلى المدينة "سبع طائرات شحن عسكرية" محمّلة بـ"كميات من الذخائر والعتاد العسكري" و"نقلت مرتزقة فاغنر الفارّين". وقدّرت قوات حكومة الوفاق عدد المقاتلين الفارين من طرابلس والذين وصلوا إلى بني وليد بـ"حوالي 1500 إلى 1600 مرتزق". وتنفي روسيا باستمرار أي دور رسمي لها في وجود المرتزقة الروس. ولكن مطلع هذا الشهر، أكد تقرير لخبراء الأمم المتحدة وجود مرتزقة تابعين لشركة "فاغنر" الروسية في ليبيا.

وفي السياق، أعلنت قوات الوفاق، اليوم، تدمير آليتين مسلحتين وعدة مراصد تابعة لمليشيات حفتر، في محور الكازيرما، شمال مطار طرابلس الدولي القديم، جنوبي العاصمة. ويأتي هذا التطور عقب نجاح هذه القوات في السيطرة خلال الأيام القليلة الماضية على معسكرات استراتيجية جنوبي طرابلس، من أبرزها معسكرا حمزة واليرموك، إضافة إلى قاعدة "الوطية" الاستراتيجية.

مقابل ذلك، كانت وسائل الإعلام السعودية والإماراتية الداعمة لحفتر تقود حملة إعلامية واسعة لعدم الاعتراف بخسائر حليفها. واعتمدت هذه الوسائل على ادعاء المتحدث باسم مليشات حفتر، أحمد المسماري، أن القوات الجوية التابعة له "بدأت في استعادة السيادة الكاملة على عدد من مناطق البلاد"، من دون تقديم أي أدلة على ذلك، مضيفاً في مؤتمر صحافي، الأحد، أن "لا صحة للأنباء التي تحدثت عن انسحابات نفذها الجيش الليبي، لأن الأمر يتعلق بإعادة تموضع ضمن خطط عسكرية".
كما أطلقت فضائية "الحدث" التابعة لشبكة "العربية" السعودية شائعة عن توجه وفد أميركي إلى مدينة بنغازي (مقر حفتر)، لبحث مساعي الحل، وهو ما سارعت السفارة الأميركية في ليبيا لنفيه، أمس، قائلة عبر "تويتر": "لا يوجد وفد أميركي متوجّه إلى بنغازي. هذه الشائعة غير صحيحة".




وكانت السفارة الأميركية لدى ليبيا قد رحبت في بيان، السبت، بمساهمات حكومة فائز السراج "المهمة في دحر الإرهاب وتحقيق السلام". وجاء ذلك بينما كان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، قد حض في اتصال هاتفي مع السراج، قبل أيام، حكومة الوفاق على وقف إطلاق النار، منتقداً تدفق الأسلحة إلى ليبيا.

في موازاة ذلك، كشفت وكالة الأنباء الألمانية (د ب أ)، عما قالت إنه تقرير "سري" أعده خبراء في الأمم المتحدة كشف عن مهمة "خاصة" لقوات أجنبية في ليبيا لاعتراض إمدادات أسلحة تركية لحكومة الوفاق. وبحسب التقرير، تم التخطيط للعملية وتنفيذها في ثماني دول، وشاركت فيها مروحيات وقوارب عسكرية بهدف اعتراض سفن الإمداد التركية التي تنقل أسلحة إلى حكومة الوفاق. وبحسب التقرير المكوّن من نحو 80 صفحة، شارك في العملية التي خططت لها بشكل أساسي شركات أمنية في الإمارات، 20 شخصاً على الأقل من أستراليا وفرنسا ومالطا وجنوب أفريقيا وبريطانيا والولايات المتحدة، نُقلوا إلى ليبيا من الأردن بذريعة إجراء أبحاث علمية. وتم التخطيط للعملية السرية بشكل أساسي من قبل شركتي أمن مقرهما في الإمارات، وهما "لانكستر6" و"أوبوس كابيتال أسيت"، اللتين قامتا، بحسب خبراء الأمم المتحدة، بتهريب ست مروحيات من جنوب أفريقيا وقاربين عسكريين من مالطا إلى ليبيا في يونيو/ حزيران 2019. لكن التقرير أشار إلى توقف المهمة السرية فجأة لأسباب غير معروفة بعد أقل من أسبوع من وصول المروحيات والقوارب العسكرية إلى بنغازي. ولم تتوفر مؤشرات على تنفيذ أي هجمات بالفعل. ولم يستطع الخبراء في التقرير معرفة سبب الإخلاء. وبحسب التقرير، فقد تم التخطيط للعملية "أوبوس" في ثماني دول على الأقل، وهي الإمارات، الأردن، مالطا، ليبيا، أنغولا، بوتسوانا، جنوب أفريقيا، والولايات المتحدة. ولم تشر المعلومات الواردة في التقرير إلى علم حكومات تلك الدول بالعملية. وذكر التقرير أن شركات في مالطا، جزر العذراء البريطانية، والإمارات، اشتركت في العملية، كما أن شركة في جنوب أفريقيا عملت على تمويه هويات أفراد العملية والعقل المدبر.

سياسياً، أعلن 11 عضواً في برلمان طبرق، في بيان، رفض انقلاب حفتر، مؤكدين دعم مبادرة رئيس البرلمان عقيلة صالح للتوصل إلى حل سياسي نهائي للأزمة. وأضاف البيان أن مبادرة صالح "تحمل حلولاً جذرية للأزمة الليبية، تتمثل في تشكيل السلطة التنفيذية على أساس الأقاليم الثلاثة التاريخية (طرابلس، برقة، فزان)، وتتضمن أيضاً آلية الاختيار واتخاذ القرار وتوزيعاً عادلاً للثروة بين الأقاليم، وتعيين لجنة جديدة من الخبراء لوضع دستور توافقي بعيد عن المغالبة". وأعلن صالح، نهاية إبريل/ نيسان الماضي، عن مقترح للتوصل إلى حل سياسي للأزمة، تتمثل أبرز بنوده في إعادة تشكيل مجلس رئاسي من 3 أعضاء بدل 9، بحيث يختار كل إقليم ممثله في المجلس بالتوافق أو الانتخاب، وتحت إشراف أممي.

في موازاة ذلك، كشف نائب رئيس مجلس السيادة السوداني محمد حمدان دقلو (حميدتي)، مساء الأحد، أن حفتر رفض مبادرة للصلح مع حكومة الوفاق. وفي لقاء تلفزيوني، قال حميدتي إن "العلاقة بين السودان وليبيا ممتدة ومتجذرة، لذلك قدتُ مبادرة للصلح بين حكومة الوفاق وقوات خليفة حفتر"، مضيفاً أن "الحكومة وافقت على مبادرة الصلح لكن حفتر الذي تواصلتُ معه عبر وسطاء رفض المبادرة".