وعلى الرغم من قدوم العيد بالتوازي مع تراجع كبير في الدخل بشكل عام بسبب الشلل الاقتصادي الذي خلّفه وباء كورونا في العالم، إلا أن السوريين استقبلوا العيد هذا العام والبلد على حافة مجاعة بسبب انهيار اقتصادي أدى إلى تدهور سعر الليرة إلى نحو ثلث سعرها منذ شهر، لأسباب لا علاقة لها بكورونا. وترافق هذا الانهيار مع ارتفاع جنوني بالأسعار حرم الشريحة الأكبر من السوريين من القدرة على شراء الحد الأدنى من الاحتياجات الأساسية من الطعام واللباس. فسورية في كل مناطقها لم يُسجل فيها إصابات تذكر بفيروس كورونا، كما أن إجراءات الوقاية من الفيروس لا تطبّق في كل المناطق، فهي تطبق بشكل جزئي في كل مناطق سيطرة النظام ومناطق سيطرة "قوات سورية الديمقراطية"، فيما لا تطبق أي إجراءات في مناطق سيطرة المعارضة شمال غربي البلاد، إلا أن أجواء العيد تغيب عن تلك المناطق ليس بسبب خطط التباعد الاجتماعي والحجر المنزلي وإنما بسبب عدم القدرة على تأمين أي من احتياجات العيد.
ففي محافظة إدلب التي يعيش نحو ثلث سكانها في مخيمات، تتلقى الحد الأدنى من دعم المنظمات، فيما يعيش ثلث آخر من سكانها في بيوت مؤقتة يجتمع في البيت الواحد عدد من العائلات يعيشون حالة قلق وترقب لما ستؤول إليه التوافقات التركية الروسية التي يتوقف عليها قرار عودتهم إلى بيوتهم التي هجّرهم منها النظام بمساعدة روسيا خلال حملته الأخيرة على ريف إدلب الجنوبي بداية العام الحالي.
في سورية لن يلبس الأطفال ثياباً جديدة، لا بسبب تداعيات كورونا، وإنما بسبب عدم قدرة آبائهم على شراء تلك الملابس، كما لن تتمكن الأمهات من صناعة حلويات العيد بسبب عدم القدرة على شراء المواد الأولية لصناعتها، فالعيد الذي توحّدت طقوسه في كل دول العالم بسبب كورونا هو مختلف في سورية بسبب نظام أسوأ من كل الفيروسات، دمر البلد ووضعها على حافة المجاعة.