اتهامات بالجملة للرئيس العراقي... ومطالبات بإقالته

23 مارس 2020
تحريك ملفات ضد الرئيس سيدخل البلاد بأزمة(فيليبو مونتيفورتي/فرانس برس)
+ الخط -
تباينت المواقف البرلمانية في العراق تجاه خطوات مهمة اتخذها رئيس الجمهورية برهم صالح أخيراً، من بينها قيامه بتكليف عدنان الزرفي بتشكيل الحكومة الجديدة، وسبق ذلك إصداره مرسوماً جمهورياً أعاد بموجبه أحد أعضاء المحكمة الاتحادية المحالين للتقاعد إلى العمل مجدداً. وبدأ بعض النواب بتحريك إجراءات قضائية، وبالقيام بخطوات سياسية للحدّ من تحركات الرئيس، وهو ما اعتُبر في نظر نواب آخرين تعقيداً للأزمة السياسية الحالية، ومحاولة للتفرد من جهات معينة بالمشهد السياسي العام في البلاد.
والسبت الماضي، دعا عضو البرلمان عن تحالف "الفتح" كريم عليوي كلّ النواب إلى جمع تواقيع برلمانية من أجل إقالة رئيس الجمهورية، بسبب تكليفه للزرفي بتشكيل الحكومة، قائلاً في بيان: "أطالب إخوتي وزملائي أعضاء البرلمان بمساندتي في جمع التواقيع والتصويت على إقالة رئيس الجمهورية، الذي خرق الدستور أكثر من مرة بدوافع غير معلومة". وتابع: "لا نستطيع أن نتهمه بالتآمر أو غيره، لكن رئيس الجمهورية هدّد السلم الأهلي من خلال ترشيحه لشخصية عليها ملفات فساد كبيرة وجدلية، ولا تصلح لأن تكون محل ثقة الشارع العراقي، ومنافية للمواصفات التي طرحتها المرجعية".
كما قدّم عضو مجلس النواب يوسف الكلابي، اليوم الاثنين، شكوى ضد رئيس الجمهورية، اتهمه فيها بمخالفة الدستور عند إعادة تعيين القاضي محمد رجب الكبيسي عضوا في المحكمة الاتحادية، على الرغم من إحالة الأخير إلى التقاعد، موضحاً أن هذا الأمر ليس من صلاحيات رئيس الجمهورية.
في المقابل، يرى نواب آخرون وسياسيون أن تحريك ملفات ضد رئيس الجمهورية، والمطالبة بإقالته، قد يدخل البلاد في أزمة جديدة.
وقال عضو البرلمان عامر الفايز، لـ"العربي الجديد"، إن الدعوة لإقالة رئيس الجمهورية قد تزيد الطين بلة، مؤكداً أن البلاد تمرّ حالياً بأزمات سياسية وصحية واقتصادية عدة، وأن هذه الدعوات ستضيف أزمة سياسية جديدة قوية.
وأشار إلى أن الدعوة لإقالة رئيس الجمهورية أمر غير صحيح، لأنها ستؤزم الأوضاع أكثر، ولا داعي لهذا الاجراء، مضيفاً: "لو افترضنا أن رئيس الجمهورية أخطأ في التكليف، يمكن أن يُرفض هذا التكليف، يمكن أن يُحاسب الرئيس أو يستجوب، لكن موضوع الإقالة غير ممكن والمطالبة بذلك هي ردود فعل عاطفية".
وبحسب المادة 61 من الدستور العراقي، فإن للبرلمان حق مساءلة رئيس الجمهورية بناءً على طلب مسبب، بالأغلبية المطلقة لعدد أعضاء مجلس النواب. كما وضع الدستور شروطاً على إعفاء الرئيس من منصبه، من بينها موافقة الأغلبية المطلقة لأعضاء البرلمان، بعد إدانته (رئيس الجمهورية) من المحكمة الاتحادية بواحدة من الحالات الآتية وهي: الحنث في اليمين الدستورية، وانتهاك الدستور، والخيانة العظمى.
وقال عضو البرلمان السابق ماجد شنكالي إن اقالة رئيس الجمهورية تتطلب وجود شروط هي الخيانة العظمى أو الحنث باليمين، وهذه الاشياء لم تحدث، موضحاً لـ "العربي الجديد" أن الاقالة تتطلب موافقة 219 نائباً، أي ثلثي أعضاء البرلمان.
ونصح شنكالي تحالف "الفتح" بالعمل على إفشال الزرفي برلمانياً إذا كان لديهم تحفظ على رئيس الوزراء المكلف، مبيناً أن التهديد بإقالة رئيس الجمهورية أمر غير مجدٍ.
من جهته، قال رئيس كتلة "صادقون" (الجناح السياسي لمليشيا عصائب أهل الحق) في البرلمان عدنان فيحان، إن كتلته لا يمكن أن تقبل بالتجاوز على حقوق الأغلبية، مضيفاً في تغريدة عبر موقع "تويتر": "منذ عام 2005، ومناطق الوسط والجنوب تستهدف بالمفخخات، وتهدَّد مقدساتها، ويستشهد أبناؤها في المناطق السنية والكردية من أجل العراق ووحدة مجتمعه وأرضه". وتابع: "من أجل التصحيح، لا من أجل التفريط، حق الأغلبية لا يمكن التهاون به ولا السكوت عمن يتجاوز عليه".


وكان الأمين العام لمليشيا "عصائب أهل الحق" قيس الخزعلي قد هاجم في وقت سابق رئيس الجمهورية واتهمه بمخالفة الدستور، وتعريض السلم الأهلي للخطر، بسبب تكليفه للزرفي بتشكيل الحكومة الجديدة.

وفي السياق، اعتبر المحلل السياسي نسيم عبد الله محاولات توسيع الأزمة، من خلال استدراج رئيس الجمهورية لخانة المساءلة، هدفها ضغط سياسي بما يتعلق بأزمة تشكيل الحكومة، ودفعه إلى التراجع أو تقديم تنازلات للكتل السياسية الرافضة لخطوة تكليف الزرفي أو تقييد تحركاته بالمستقبل"، مبيناً أن القوى السياسية غير مهيأة لمزيد من الأزمات، والشارع يراقب بجدية تطورات هذه الأزمة، مشدداً على أن "أي تحرك ضد رئيس الجمهورية سيعقد الأزمة بشكل أكبر".
وبحسب مراقبين، فإن الرئيس العراقي تمكن، خلال النصف الأول من ولايته، من بناء شبكة علاقات داخلية وخارجية حاول الاستفادة منها في اتخاذ قرارات وُصفت بالجريئة، لا سيما في ما يتعلق بملف ترشيح رئيس الوزراء، وموقفه المتوازن من رغبة المليشيات وقوى مقربة من إيران بإخراج القوات الأميركية من العراق.
المساهمون