ماي تجري محادثات أزمة لإنقاذ "بريكست"... وبروكسل تطلب الوضوح

ماي تجري محادثات أزمة لإنقاذ "بريكست"... وبروكسل تطلب مقترحات جوهرية وواضحة

19 مارس 2019
اضطرت ماي إلى الإقرار بوجوب تأجيل بريكست(فرانس برس)
+ الخط -
عقدت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، اليوم الثلاثاء، محادثات أزمة مع وزرائها بعد أن هدد رئيس البرلمان جون بيركو بعرقلة خطة الانسحاب من الاتحاد الأوروبي قبل عشرة أيام فقط من الموعد المقرر للانسحاب، ما يقوض استراتيجية تيريزا ماي.

 ولا تزال ماي تأمل في أن تتمكن من تمرير الخطة التي توصلت إليها مع الاتحاد الأوروبي في البرلمان قبل موعد الانسحاب في 29 آذار/مارس رغم رفض النواب لها مرتين.

ولكن، وفي قرار دراماتيكي أثار غضب الحكومة وتحذيرات من أزمة دستورية، أعلن بيركو الإثنين أنه لا يمكن التصويت على الاتفاق في شكله الحالي مرة ثالثة. وبعد أسابيع من المأزق والفوضى السياسية في البرلمان، اضطرت ماي إلى الإقرار بوجوب تأجيل "بريكست"، وسط مخاوف من صدمة اقتصادية في حال أنهت بريطانيا عضويتها المستمرة منذ 46 عاما في الاتحاد الأوروبي دون اتفاق.

ولكنها كانت تأمل في الطلب من قادة الاتحاد الأوروبي تأجيل بريكست لفترة قصيرة عندما تلتقيهم في قمة بروكسل الخميس، محذرة من أن عدم التوصل إلى اتفقا سيؤدي إلى تأجيل طويل لـ"بريكست".

إلا أن القوى الكبرى في الاتحاد طالبت لندن اليوم بإبلاغها بوضوح ما الذي تريده من "بريكست"، محذرة من أنها لا ترغب في التوقيع على خطط غامضة لتأجيل انسحاب بريطانيا من الاتحاد.

 وصرح وزير الشؤون الأوروبية في ألمانيا مايكل روث أثناء وصوله لإجراء محادثات في بروكسل "لقد أرهقتنا هذه المفاوضات جدا، وأتوقع مقترحات واضحة ودقيقة من الحكومة البريطانية حول الأسباب التي تجعل من هذا التأجيل ضروريا".

وأضاف "ليست لدي أية رغبة في إجراء مناقشات ومفاوضات غير جوهرية بشأن بريكست. الرجاء من أصدقائنا الأعزاء في لندن تقديم (مقترحات جوهرية). الوقت يمضي بسرعة".

 وكان زعماء الاتحاد الأوروبي يأملون في أن تأتي ماي إلى القمة الخميس وهي تحمل خطة للمصادقة على اتفاق الانسحاب قبل موعده المقرر. وصرح روث "حان الوقت لوضع نهاية للعب .. لا نريد معاقبة المملكة المتحدة، ولكننا سمعنا انتقادات في لندن بأن الاتحاد الأوروبي ليس مرنا. أعتقد أن هذا كلام فارغ. لقد قمنا بخطوات كبيرة من أجل بريطانيا". وأضاف "يجب أن يتحمل كل طرف مسؤولياته".

من جهتها، أكدت وزيرة الشؤون الأوروبية الفرنسية ناتالي لوازو أنها لن توافق على طلب التأجيل بشكل تلقائي. وقالت "نريد شيئا جديدا لأن ذلك طلب بتمديد البقاء في نفس المأزق الذي نحن فيه الآن، كيف نخرج من هذا المأزق؟ .. هذا سؤال للسلطات البريطانية". وأكدت أن على بريطانيا "تقديم مبادرة واضحة، وسبب مقنع تدعمه أغلبية".

 بدوره، دعا المتحدث باسم المفوضية الأوروبية مارغاريتيس شيناس ماي وحكومتها إلى "اتخاذ قرار بشأن الخطوات المقبلة وبعد ذلك إبلاغنا بسرعة". وأشار أحد مساعدي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى أن قبول طلب التأجيل "ليس مؤكدا أو تلقائيا".


"مدمّر بريكست"

إلى ذلك، دانت الصحف المؤيدة لـ"بريكست" في بريطانيا بيركو ووصفته بأنه "مدمّر بريكست"، فيما تشير التقارير إلى أن ماي قد تطلب تأجيل الخروج لمدة 12 شهرا.

وصرح وزير بريكست ستيف باركلي لهيئة "بي بي سي" "الواقع هو أن أفضل طريقة لتنفيذ بريكست هي دعم اتفاق رئيسة الوزراء". وأفاد أن الوزراء سيناقشون قرار بيركو في اجتماعهم الاسبوعي الثلاثاء.

وأضاف قرار بيركو مزيدا من التعقيد لعملية بريكست المعقدة أساسا والتي كشفت عن انقسامات عميقة في البرلمان البريطاني.

وأشار العديد من النواب إلى أن قرار بيركو يعني أن على ماي أن تعود إلى طاولة المفاوضات في هذه المرحلة المتأخرة. إلا أن باركلي أكد "هذا هو الاتفاق المطروح من الاتحاد الأوروبي الذي بقي ثابتا على رأيه بشأنه".

 وقال "إما أن ندعم اتفاق رئيسة الوزراء وننتهي من بريكست، أو نخاطر بخروج أكثر ليونة أو عدم الخروج مطلقا".

 واستند قرار بيركو إلى معاهدة "قوية جدا وقديمة تعود إلى 2 نيسان/أبريل 1604".

"أزمة دستورية كبيرة"

في غضون ذلك، أشار خبراء دستوريون إلى أنه إذا وافق الاتحاد الأوروبي على تمديد "بريكست"، فإن ذلك قد يشكل تغييرا كافيا للتصويت على الاتفاق بعد القمة الأسبوع المقبل.

وفي حال دعم غالبية النواب لاتفاق ماي، فقد يتمكنون من تمرير قرار يجبر بيركو على السماح بتصويت جديد.

واقترح المحامي العام روبرت باكلاند، النائب المحافظ الذي يوجه نصائح قانونية للحكومة، بأن يتم إنهاء الدورة البرلمانية بشكل مبكر وبدء أخرى بعدها مباشرة. وقال إن بيركو أدخل بريطانيا في "أزمة دستورية كبيرة".

وبعد أسبوع حافل في البرلمان البريطاني عبر فيه النواب عن تصوراتهم لـ"بريكست" وخطوطهم الحمراء بشأن الاتفاق المقبول بالنسبة إليهم، لكنهم لم يجمعوا على خطوة تقود البلاد إلى الأمام.

وبعد ثلاث جلسات تصويت حافلة، رفض المشرعون البريطانيون اتفاق رئيسة الوزراء لبريكست للمرة الثانية، وأعربوا عن رفضهم التام للخروج من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق. وانتهى بهم المطاف إلى إقرار تأجيل موعد بريكست لمدة ثلاثة أشهر على الأقل.

(فرانس برس، العربي الجديد)