لاحقاً، وفي انتخابات 2012، وفي إطار استمرار التحايل التاريخي، طرح النظام آلية الإشراف القضائي على الاستحقاق. لكن القضاء، الذي كان تحت هيمنة السلطة السياسية وعاجزاً عن تحرير نفسه، كان قاصراً أيضاً عن أن يحرر العملية الانتخابية من قبضة النظام وتلاعبه بها. وفي انتخابات 2017 انتقل النظام إلى مرحلة جديدة، عبر إقرار لجنة مستقلة للإشراف على مراقبة الانتخابات، مشفوعة بالصفة الدستورية، أسندت رئاستها إلى شخصية إسلامية، بهدف إلباسها رداء الفضيلة.
وعشية الانتخابات الرئاسية المقبلة، وحيث السياق السياسي يجعل النظام معنياً بالدرجة الأولى بإجراء الانتخابات في موعدها بدون النظر إلى نتائجها، يقترح النظام جيلاً جديداً من التحايل الانتخابي، دُفع إليه اضطراراً بفعل الحراك الشعبي، إذ عمد إلى إيجاد هيئة عليا للانتخابات، واستصدر لها قانوناً عضوياً في ظرف خمسة أيام، نقلت بموجبه إليها كل صلاحيات تنظيم الانتخابات التي كانت بيد وزارة الداخلية. وإذا كانت الموضوعية لا تسعف بإصدار حكم على أداء هذه الهيئة الآن، فإن ثمة مثل جزائري يقول إن "العام يبان من خريفو" (خراج السنة يعرف مع بداية فصل الخريف). كما أن الطريقة المريبة في تعيين أعضاء هيئة الانتخابات مركزياً، وهيمنة السلطة على تعيين أعوان الهيئة محلياً، لا تدع مجالاً للشك في أنها أصغر بكثير من أن تحبط تلاعُب النظام، ولن تحيط بعلم الانتخابات إلا قليلاً. في المحصلة، لم يكن الأمر في الجزائر يتعلق بتغيير القوانين الناظمة للانتخابات أو استحداث هيئات رقابية، لأنها لم تكن في النهاية سوى مجرد تطوير لمنظومة التزوير، بناءً على تطور المشهد السياسي، بدليل أن الانتخابات في الجزائر لم تكن أبداً قيمة مضافة في الديمقراطية الجزائرية البائسة. والأمر يتعلق بغياب إرادة سياسية لدى النظام الذي تأسس على عقل الغنيمة، ونية جدية للاعتراف بالسيادة الشعبية.