فخاخ الضامن الروسي

23 سبتمبر 2018
فخاخ سياسية وعسكرية روسية في سورية (Getty)
+ الخط -
رغم دخول روسيا الحرب في سورية كطرف، وبهدف واضح ومعلن هو إنقاذ نظام بشار الأسد حين شارف على السقوط وإعادة تأهيله دولياً بحيث يكون الطرف الرئيسي في الحل السياسي في سورية، ورغم قيامها بارتكاب أفظع المجازر بحق المدنيين السوريين فضلاً عن موقفها الصريح الذي ينظر لكل من يعارض بشار الأسد على أنه إرهابي، إلا أنها بدأت، بالتوازي مع هذا الدور (الحليف والمناصر) للنظام، أداء دور الوسيط والضامن والحيادي بين المعارضة والنظام. ويحدث ذلك سواء على مستوى المصالحات التي رعتها أو فرضتها داخل سورية تحت هذا الاسم أو من خلال العملية السياسية ومسار أستانة ودخولها كضامن لمناطق خفض التصعيد في سورية.

إلا أنّ الروس لم يلتزموا بأي من التعهدات أو الاتفاقات التي وقعوها سواء مع الأشخاص أو مع الدول التي تعهدوا بدور الضامن فيها، فرغم وجودهم كضامن لمناطق خفض التصعيد الأربع في سورية قاموا بقيادة حملات عسكرية ضد ثلاث مناطق من المناطق الأربع ومكنوا حليفهم النظام من السيطرة عليها. كما أن الروس حشدوا تمهيداً لاقتحام المنطقة الرابعة أي إدلب، ورغم الإصرار التركي الذي أوصل إلى اتفاق يقضي بمنع قيام عملية عسكرية فيها، إلا أن الروس لايزالون يحاولون الانقلاب على هذا الاتفاق من خلال العودة لنغمة الكيميائي وامتلاك التنظيمات الراديكالية له.

وفي مناطق خفض التصعيد الأخرى التي كانوا ضامنين لها، عاد الروس ليأخذوا دور الضامن تجاه المدنيين الذين فضلوا البقاء في مناطقهم. وكانت الضمانة عبارة عن تعهدات بإشراف روسيا على تلك المناطق ومنع النظام من التنكيل بالأهالي وقيامه بحملات اعتقال وأعمال ترهيب انتقامية تجاههم. كما أوجدت روسيا حلاً لمقاتلي المعارضة والمتخلفين عن الخدمة العسكرية يمنع عنهم ملاحقة النظام وهو الانضمام للفيلق الخامس الذي تقوم مهمته ظاهريًا على تجنيد الشباب من سكان مناطق المصالحات وأن يخدموا ضمن مناطقهم وأن يدافعوا عنها ضد تهديدات داعش بشرط عدم نقلهم خارج حدود محافظاتهم، إلا أن موسكو لم تلتزم حتى بهذا التعهد فنقضت كل تعهداتها وأرسلت عناصر الفيلق الخامس، وهم مقاتلون سابقون في فصائل المعارضة، لمقاتلة فصائل المعارضة الحاليين.

ينخدع في كل مرة السوريون بالضمانة الروسية على أنها ضمانة دولة عظمى ثم يكتشفون مجدداً أنها ضمانات بمفهوم عصابات المافيا التي تستخدم دور الوسيط كفخ لتحقيق أهدافها.

دلالات
المساهمون