"عزرائيل" وإصلاحيو إيران

04 يونيو 2018
إقامة كروبي الجبرية تعطّله عن الإشراف على الحزب(فرانس برس)
+ الخط -

 

مهدي كروبي، المرشّح للانتخابات الرئاسية في إيران عام 2009، والقابع تحت الإقامة الجبرية بسبب الاحتجاجات التي أعقبت نتائجها، إلى جانب المرشح الإصلاحي الآخر مير حسين موسوي وزوجته زهرا رهنورد، كان حديث الساعة في أروقة حزب "اعتماد ملي" الإصلاحي الإيراني خلال الأيام القليلة الماضية، والذي يشغل كروبي منصب أمينه العام منذ تأسيسه في العام 2005.

قبل عشرة أيام تقريباً، نجح أعضاء الحزب بعقد مؤتمرهم الثاني بعد تعليق طال لعشر سنوات، والذي انتهى بعراك وشجار اختلف الحديث حول أسبابه. البعض قال إن مجموعة ضغط تريد الإبقاء على كروبي أميناً عاماً، رفضت إجراء انتخابات لجنة الشورى المركزية في الحزب، رغم أن كروبي ملأ الاستمارة الخاصة بترشيح الأعضاء من مقر إقامته الجبرية، ورغم أن القائم بأعماله ووكيل الحزب، رسول منتجب نيا، رفض ما يطلبه هؤلاء كذلك. فيما قال آخرون إنه يوجد في الحزب مجموعتان، الأولى تقف لصف كروبي ومنتجب نيا، والثانية إلى جانب النائب الإصلاحي الياس حضرتي، والتي تريد حذفهما من المشهد والتقرّب أكثر من أحزاب وتكتلات وتوجهات إصلاحية ثانية، فبدأ الشجار حين كان منتجب نيا ومؤيدوه يحاولون تغيير أفراد الهيئة الرئاسية التي يقع على عاتقها تطبيق الميثاق الحزبي وإجراء اقتراع الشورى المركزية.

أيام قليلة مرّت والاحتمالات تعدّدت، وتقدّم كروبي بعدها باستقالته من الأمانة العامة للحزب، وطلب من أعضاء "اعتماد ملي" الموافقة عليها، وهو ما حصل أكثر من مرة سابقاً كونه يقبع تحت الإقامة الجبرية، فرفضها الحزب كالعادة، كما رفض استقالة منتجب نيا.

لكن ما خلف كل ذلك؟ الاختلاف داخل "اعتماد ملي" يرتبط بطبيعة العلاقة مع بقية التوجهات الإصلاحية في إيران من قبيل اللجنة العليا للتنسيق بين الإصلاحيين، فالشورى المركزية تريد هذه العلاقة لكن منتجب نيا يرفضها، وهذا ما يبدو واضحاً على السطح. أمّا ما أبعد من ذلك، فقد يكون مرتبطاً بعدم رضا بعض أفراد هذا التشكيل الإصلاحي عن أداء الرئيس حسن روحاني، وعن الوضع الذي وصل له الإصلاحيون المتفرقون منذ أحداث 2009، رغم أنهم عادوا للمشهد تدريجياً بعد اتحادهم مع المعتدلين. لكن يبدو أن الإصلاحيين بدأوا بالتجهيز للتقدّم للاستحقاقات الانتخابية المقبلة، التشريعية ومن بعدها الرئاسية، علّ أحزابهم تنجو من الموت والسبات السريري.

أمّا سبب استقالة كروبي، فيرتبط بأنه يحاول الإبقاء على حزبه الذي يحمل اسمه، حياً، وقد يكون تراجعه كفيلاً بتوحيد صفوف أفراده. كما أنّ إقامته الجبرية تعطّله أحياناً عن الإشراف على الحزب كما يجب. وكان كروبي قد كتب رسالة لأعضاء الشورى المركزية في حزبه قائلاً فيها، إن "(عزرائيل) هو العامل الذي يتحكّم بقرار الإقامة الجبرية"، مشيراً بذلك إلى العديد من الأمور. وكان قبلها قد كتب رسالة للمرشد علي خامنئي أبدى فيها وجهة نظره من الاحتجاجات التي خرجت في مناطق عدة من إيران في ديسمبر/كانون الأول الفائت، ومنذ ما قبل ذلك بأشهر، والحديث يدور اليوم عن اتصالات باتت قريبة من إلغاء الإقامة الجبرية عن الرجل الذي خرج من أسواره مرات عدة لتلقي العلاج.

 

دلالات
المساهمون