زعماء ولكن لا يتعلمون

19 فبراير 2018
من الانتخابات الرئاسية في 2014 (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -
كم ستكون طويلة هذه الأشهر التي تفصلنا عن بداية شهر مايو/أيار المقبل، موعد الانتخابات البلدية في تونس، وكم هي أطول تلك التي تفصلنا عن نهايات العام المقبل، موعد الانتخابات الرئاسية والتشريعية. ستكون أياماً كالأعوام وستُحبس الأنفاس حتى تنتهي في سلام وتتجنب تونس الأسوأ، أي الانحراف بتجربتها إلى المجهول، وسيقبل التونسيون بأي شيء وبأية نتائج، إلا بالعنف وسقوط ما بقي من شعاع الحرية العربية الممكنة.
وسيقبل التونسيون، لأنهم أصحاب الاختيار، أما الخشية فألا يقبل السادة الزعماء بما ستبوح به صناديق الاقتراع، إذا تم الوصول أصلاً لصندوق الاقتراع. سحب الجميع سيوفهم وبدأ غبار أرض المعركة يتطاير إيذاناً بحملات انتخابية ساخنة جداً، والمهم ألا تكون حارقة تحرق الجميع وتنهي الأحلام، وهناك من يُؤْمِن فعلا بـ"إما أنا أو الطوفان من بعدي"، وهي نظرية تعكس نقصاً وقصوراً سياسياً واضحاً وكأن هذه المواعيد الانتخابية ستكون الأخيرة في تونس. وهناك من يتصور فعلاً أن نتائجها ستكون أبدية ولذلك فهو يضع كل بيضه في سلة واحدة ويلقي بكل قواه في المزاد، ويتسلح من الداخل والخارج بما أوتي من ملفات وربما ذخائر من نوع خاص يطلقها في المواجهات المقبلة.
وبدأ التونسيون يتابعون صدى هذه الحرب المشتعلة بين الأحزاب والشخصيات، الكل يجلد الكل والضرب تحت الحزام كما يقال في انتظار الآتي وسيكون ألعن بالتأكيد، وانطلقت جردة الحسابات تخرج من أدراج المكاتب لتلقى على مسامع الناس في الإذاعات والتلفزيونات والمقاهي.
لكن ألا يفكر بعضهم بأن هناك حياة أخرى بعد الانتخابات وبأن الشعب الذي يتابع كل هذا باق وسيصدر حكمه على الكذب والبهتان والوعود الزائفة والاتهامات الباطلة والتكالب على المواقع والكراسي، ولماذا يستنقص الزعماء شعوبهم ولماذا يتعاملون معهم بدونيّة وعلى أساس أنهم لا يعرفون ولا يفهمون ولا يدركون، وخصوصاً لا يتذكرون؟ مشكلة هؤلاء الزعماء الافتراضيين أنهم أقل حكمة من شعوبهم وأقصر بصيرة منهم، ولطالما قال التاريخ ذلك وذكر وكرّر ولكنهم لا يعقلون.

المساهمون