الدور الروسي في القضاء على الثورة

27 اغسطس 2017
تبنّت روسيا "معارضين" مناهضين للثورة السورية(فايز نور الدين/فرانس برس)
+ الخط -
استطاعت روسيا، منذ بداية تدخلها في القضية السورية، ليس فقط أن تمنع سقوط النظام وإنما تمكنت من حرف مسار العملية السياسية وإجبار المجتمع الدولي على الميل لتبني رؤيتها للحل، القائمة على وأد الثورة السورية وإعادة هيكلة النظام القائم بعد تطعيمه بشخصيات معارضة تقبل بالرؤية الروسية، وبما يتوافق مع مصالح موسكو في سورية، مع الأخذ بعين الاعتبار مصالح الدول المتدخلة بالشأن السوري. وقد اتبعت روسيا مجموعة من التكتيكات تمكنت من خلالها من تعويم النظام أمام المجتمع الدولي كبديل وحيد ضمن الحل السياسي المقبل بعد أن أضعفت المعارضة إلى الحد الذي لم تعد فيه حتى الدول التي تدعمها قادرة على اتخاذ مواقف تساعدها على الصمود.

على المستوى العسكري، استخدمت روسيا القوة المفرطة ضد المعارضة المسلحة التي تتبنى أهداف الثورة، أي فصائل الجيش الحر، وتجاهلت التنظيمات الإرهابية، بل وسهلت لتلك التنظيمات سبل الإجهاز على فصائل الجيش الحر. كما مكّنت النظام من السيطرة على مناطق واسعة كان خسرها أمام المعارضة، ومكّنته من حصار مناطق أخرى من أجل إكسابه نقاطاً تفاوضية في المفاوضات السياسية، قبل أن تطرح نفسها وسيطاً وضامناً للتفاوض ولكن على الطريقة الروسية حيث بدأت تضغط على المعارضة بتهديدها بقصف حواضنها الشعبية في حال لم تقدم التنازلات المطلوبة.
سياسياً اتبعت روسيا تكتيكاً غاية في الخطورة، يعتمد على تحويل المفاوضات من التفاوض بين المعارضة والنظام، إلى تفاوض بين مكونات المعارضة نفسها، وذلك من خلال التعامل مع المعارضة السياسية كمجموعة معارضات، وخلق عدد من المنصات التي لا تتبنى في معظمها ثوابت الثورة، ويتبنى بعضها الرؤية الروسية للحل، وفرضها كجهات معارضة مثلها مثل الجهة التمثيلية للمعارضة، وليصبح الشرط الأساسي لقبول قوى المعارضة والثورة في المفاوضات، هو التوحد مع تلك المنصات، وتشكيل وفد موحد برؤى مختلفة للحل.
كذلك تمكن الروس من التفاهم مع معظم الدول المتدخلة بالشأن السوري، بدءاً من التفاهم مع الأميركيين وصولاً للتفاهم مع تركيا وإيران والسعودية ومصر وحتى إسرائيل، وتمكنوا، من تغيير المزاج الدولي المطالب برحيل الأسد إلى وضع دولي جديد تحولت فيه الدول التي كانت بالأمس لا تتخلى عن مطلب رحيل الأسد إلى رسل للروس تطالب المعارضة بإعادة هيكلة نفسها بما يتوافق مع الوضع الدولي الجديد.

دلالات
المساهمون