رفض لمشروع "زجر الاعتداءات على الأمنيين" بتونس: يهدّد الديمقراطية

رفض واسع لمشروع قانون "زجر الاعتداءات على الأمنيين" بتونس: يهدّد الديمقراطية

19 يوليو 2017
إجماع على رفض مشروع القانون (العربي الجديد)
+ الخط -
ندّد نشطاء سياسيون ومنظمات حقوقية ودولية، اليوم الأربعاء، بمشروع قانون زجر الاعتداءات على الأمنيين والذي انطلقت مناقشته ضمن لجنة التشريع العام في مجلس نواب الشعب، مؤكدين أنه يهدف إلى خرق الدستور وضرب الانتقال الديمقراطي وإعادة الدكتاتورية ودولة البوليس في تونس، مطالبين بسحبه وعدم التصويت على فصوله التي وصفوها بالخطيرة.

وجاءت هذه الدعوات خلال لقاء إعلامي بالعاصمة تونس، حضره ممثلون عن الجمعية التونسية للقانون الدستوري المقارن والدولي، ومنظمتي العفو الدولية و"هيومن رايتس واتش"، ومكونات من المجتمع المدني ومنظمات دولية حقوقية على غرار الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ونقابة الصحفيين التونسيين.

وأكدت مديرة مكتب منظمة "هيومن رايتس ووتش" بتونس، أمنة قلال، لـ"العربي الجديد" أنّ قانون زجر الاعتداءات على الأمنيين هو قانون خطير ويتضمن عديد الفصول التي تكرس عودة الدكتاتورية من جديد والإفلات من العقاب، مبينة أنّ هذا القانون سيؤدي إلى ضرب الحريات خاصة أنه يجرم الحريات ويعتبرها إفشاء أسرار تتعلق بالأمن العام.

وقالت إن دكتاتورية الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي لم تتجرأ على طرح قانون من هذا النوع يكرس غياب العدالة، معتبرة أن قانون زجر الاعتداءات على الأمنيين لا يخدم الأمنيين ولا يساهم في حمايتهم.

وأضافت أن الحماية لا تكون بمثل هذا القانون بل من خلال منحهم تجهيزات تحميهم في صورة حصول حوادث أثناء العمل، ومن خلال التغطية الاجتماعية والتعويضات، معتبرة أنه كان من الأنسب تغيير عنوان القانون ليصبح بدل زجر الاعتداءات على الأمنيين، "قانون قمع التونسيين".

وأفاد الناشط السياسي، مصطفى بن شعبان، أن هذا القانون من أخطر القوانين التي وضعت بعد الثورة في تونس، معتبرا أنه يشرع للإفلات من العقاب وأن مخترقي القوانين والظالمين يريدون من خلال هذا القانون حماية أنفسهم وهو ما لا يستقيم في دولة تعيش انتقالا ديمقراطيا.
وأضاف انه يجب سحب هذا القانون لأن فصوله مخالفة للدستور ولمبادئ الديمقراطية وتعديله غير منطقي.

في المقابل، قال الناشط الحقوقي والسجين السياسي السابق، زهير مخلوف، إنّ الفصول القانونية داخل هذا المشروع تتناقض مع نفسها، مبينا أن الفصل 13 يشير إلى أن من يقوم بالاعتداء على عربة شرطة يحاكم بالسجن مدى الحياة في حين أن الفصل 14 يدعو لسجن من يقوم بالاعتداء على مركز أمن وسرقة تجهيزاته من 5 إلى 10 أعوام، وبالتالي فإن هناك تناقضا حتى في الفصول والعقوبات غير منطقية.

وتابع أن القانون فصوله من أولها إلى آخرها غير متماهية، مؤكدا أن مشروع القانون يضرب حرية التظاهر والتنظم والتعبير وكل الحقوق التي ناضل من أجلها التونسيون والتي لا يمكن التراجع عنها.

وأوضح لـ"العربي الجديد" أنهم ليسوا ضد مطالب الأمنيين في تأمين حياتهم وحماية أنفسهم مما يقع ضدهم من ممارسات واعتداءات والتعويض في حالات العجز، ولكن هذا الحق لا يعني الاعتداء على حقوق الإنسان وعلى القوانين الجزائية والدستورية والمواثيق الدولية. كما أشار إلى أنه لو يتم تنقيح الفصول 6 و10 و12 و15 والتي تمس مباشرة الحريات الأساسية ربما يمكن ساعتها إيجاد توافق قانوني وحقوقي مع مطالب الأمنيين ولكن مشروع القانون بصيغته الحالية مرفوض.

من جهتها، أكدت رئيسة منظمة بوصلة، شيماء بوهلال، لـ"العربي الجديد" أنّ القانون يشرع لدولة البوليس ويقمع جميع الحريات وهو تخويف من الاحتجاجات ويمكن تأويل أي احتجاج على أنه مس بالقوات الحاملة للسلاح، معتبرة أنّ الحماية لا تترجم في قوانين بل في تجهيزات وفي قوانين أخرى كقانون المالية من خلال ضخ اعتمادات إضافية وليس في قانون زجر الاعتداءات على الأمنيين.

وأضافت انّ الخطير في هذا القانون هو حجم العقوبات التي تتجاوز المعقول إذ تم الحديث عن 5 و10 أعوام سجن وعن سجن مؤبد وهو ما يعني تمهيدا لعودة دولة البوليس، مؤكدة أن القوانين التي تحمي الأمنيين موجودة في المجلة الجزائية وفي قانون مكافحة الإرهاب ولا تتطلب إحداث قانون جديد.

من جهته، قال نائب ممثل المفوضية السامية لحقوق الإنسان بتونس، مازن شقورة، لـ"العربي الجديد" إنهم طالبوا سابقا ومنذ طرح القانون في العام 2015 أي أثناء حكومة الحبيب الصيد، بسحب مشروع القانون، مبينا أنه تم تقديم مطلب للرئاسات الثلاث آنذاك، وأن المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة زار تونس وطالب أيضا بسحب القانون، وأنه تلقى تعهدا من أعلى مستوى في السلطة بالتراجع عن المشروع ولكنهم فوجئوا بإعادة طرحه ومناقشته بمجلس نواب الشعب.

وأكد شقورة أن هذا القانون يؤسس للإفلات من العقاب حيث لا يجوز وفقا له مساءلة القوات الحاملة للسلاح حتى لو استعملوا القوة المفرطة والقتل وهو ما يضرب الشفافية ومبدأ الأمن الجمهوري.

وبيّن أن هذا القانون يميز حتى بين الموظفين أنفسهم أي بين أمني حامل للسلاح محمي بالقانون وموظف غير حامل للسلاح ولا يتمتع بنفس الحماية، معتبرا أنّه لا يجوز إفراد القوات الحاملة للسلاح بقانون بل يمكن الاكتفاء بمدونة سلوك خاصة بهم.

وحذر رئيس النقابة الوطنية للصحفيين، ناجي البغوري، من خطورة مشروع القانون المتعلق بزجر الاعتداء على القوات الحاملة للسلاح، مبينا أن هناك عدة اتصالات بالكتل البرلمانية بمجلس نواب الشعب لإبراز مدى خطورة هذا المشروع وللمطالبة بإرجاء النظر فيه الى حين سحبه وإلغائه.

وأكد أن المشروع برمته غير دستوري ومن شأنه ان يهدد الحريات، معتبرا أن عددا من المبادرات التشريعية التي قدمت في الفترة الأخيرة من الحكومة تضرب الحريات.

وقال عضو المكتب التنفيذي لجمعية المحامين الشبان، البشير القتيتي، لـ"العربي الجديد" إن أسباب رفض هذا القانون تعود إلى عدم ملاءمته مع أحكام الدستور، وخاصة أمام طابعه الزجري، مبينا أن عديد الأجيال ناضلت في تونس للوصول الى ما وصلت إليه، واليوم تعيش تونس صدمة في ظل طرح مشروع قانون مماثل.

وبين أن قانون زجر الاعتداءات على الأمنيين يهدف إلى ضرب الديمقراطية وإنشاء دولة داخل الدولة وإعطاء حصانة مطلقة لأعوان الأمن والقوات الحاملة للسلاح، مبينا أنه يجب سحب هذا القانون وليس مراجعته.

المساهمون