روسيا ونظام الأسد ينتقمان بالنابالم...واصطفاف خلف واشنطن في توسكانا

روسيا ونظام الأسد ينتقمان بالنابالم...واصطفاف خلف واشنطن في توسكانا

08 ابريل 2017
تظاهرة في لندن أمس ضد النظام السوري (شو بايكر/Getty)
+ الخط -
لا يُتوقع أن يطرأ تطور جذري في سورية إلى حين انعقاد اللقاءات الوزارية التي ينتظر أن تتمحور حول سورية أساساً، أكان في توسكانا الإيطالية يومي الاثنين والثلاثاء بين رؤساء دبلوماسية دول مجموعة السبع، تمهيداً لقمة الدول السبع المقررة نهاية مايو/أيار المقبل، أو بين وزيري خارجية أميركا وروسيا، ريكس تليرسون وسيرغي لافروف الأسبوع المقبل في موسكو. في انتظار هذه المواعيد، ظلت الضربة العسكرية الأميركية اليتيمة لقاعدة الشعيرات الجوية في ريف حمص، فجر الجمعة، محور كل المواقف والإجراءات العسكرية السورية، وسط انقسام تتضح معالمه بين معسكري روسيا وأميركا العائدة إلى المشهد السوري.
ولم يكن إلغاء زيارة وزير الخارجية البريطانية، بوريس جونسون، التي كانت مقررة إلى موسكو يوم الاثنين، سوى عينة عن المشهد الدولي الجديد الذي يتسم بالعودة الأميركية إلى الساحة، على وقع ما يشبه انتقام النظام السوري وراعيه الروسي من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، من خلال مواصلة قتل السوريين، بالنابالم وبإعادة قصف خان شيخون نفسها، التي كان ضربها بالغاز السام يوم الثلاثاء من قبل النظام السوري، وربما روسيا، بحسب الإعلان الأميركي يوم الجمعة، سبباً رسمياً لقصف الشعيرات.

وأقلعت صباح السبت أول طائرة حربية روسية تابعة للنظام السوري من صنف "سوخوي 22" من مطار الشعيرات المستهدف بـ59 صاروخ "توماهوك" أميركي. رسالة تحدٍّ واضحة استكملت بقصف خان شيخون في غارة أدت إلى قتل امرأة على الأقل. وفي السياق، جدّدت طائرات النظام وروسيا، غاراتها على أرياف إدلب وحماة، بالأسلحة المحرّمة دولياً وسط أنباء عن خسائر بشرية في صفوف المدنيين. وقالت مصادر محلية لـ "العربي الجديد": "إن طائرات حربية يُعتقد أنها روسية استهدفت السبت بلدتي بسامس ومعرة حرمة في ريف إدلب الجنوبي بغارات تحتوي على سلاح النابالم الحارق المحرّم دولياً". وأضافت المصادر أن الغارة على بسامس أصابت مدرسة من دون أن تُحدث أي إصابات في صفوف الطلاب كون يوم السبت عطلة، وسط أنباء عن إصابات في بلدة حرمة. واستهدفت طائرات النظام الحربية بلدة حيش بغارات تحتوي على سلاح الفوسفور، ما أدّى لخروج المركز الصحي بمدينة حيش عن الخدمة حسبما أشار ناشطون. وذكر ناشطون لـ "العربي الجديد" أنّ طائرات النظام الحربية شنّت غارة جوية بالنابالم أيضاً، على قرية كفر زيتا بريف حماة الشمالي من دون ورود أنباء عن إصابات. وكان محافظ حمص التابعة للنظام السوري، طلال البرازي، قد توقّع يوم الجمعة أن تتم العودة لاستخدام مطار الشعيرات في الهجمات الجوية على الأراضي السورية خلال أيام. وتناقلت صفحات وشبكات أخبار موالية للنظام، صورة لرئيس أركان مطار الشعيرات التابع للنظام، العميد الركن شريف صالح بطائرته su22 في المطار، من دون أن يتم التحقق من تاريخ هذه الصورة التي تشكل تحدياً جديداً من قبل المعسكر الروسي لواشنطن.

وفي انتظار نتائج تحقيقات وزارة الدفاع الأميركية باحتمال تورط روسيا بجريمة القصف الكيماوي لخان شيخون، تواصل الولايات المتحدة الضغط السياسي على روسيا، وهو ما ترجمته المندوبة الأميركية في الأمم المتحدة، نيكي هالي، بقولها إن الولايات المتحدة اتخذت إجراء محسوبا بدقة كان "مبررا تماما" عندما قصفت قاعدة الشعيرات. وقالت هالي "دمر جيشنا المطار الذي انطلق منه الهجوم الكيماوي... كان لدينا مبررات كاملة لفعل ذلك. وصمة العار الأخلاقية لنظام الأسد لا يمكن أن تظل دون رد. لم يكن بالإمكان الرد على جرائمه ضد الإنسانية بكلام أجوف. لقد آن الأوان لكي نقول كفى".


ونقلت وكالة الأنباء السعودية الرسمية السبت نبأ اتصال ترامب بالعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، الذي "هنأ" الرئيس الأميركي على "هذا القرار (القصف) الشجاع الذي يصب في مصلحة المنطقة والعالم" بحسب "واس". قصف اعتبرته أنقرة، على لسان وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو، غير كاف ويحتاج إلى المزيد من الخطوات للتوصل إلى الحل السياسي، بينما كان موضوع إنشاء مناطق آمنة من نظام الأسد محور حديث كل من نائب الرئيس الأميركي، مايك بينس ورئيس الوزراء التركي، بن علي يلدرم، الذي جدد دعم أنقرة لواشنطن في أي تحرك ضد الأسد.

في غضون ذلك، بدا إلغاء جونسون زيارته إلى موسكو، التي كانت مقررة الاثنين، بسبب "التطورات في سورية التي غيرت الوضع جذرياً"، تصعيداً إضافياً ضد روسيا. وحرص جونسون على إظهار اصطفاف لندن إلى جانب واشنطن بقوله، في بيان، إن "أولويتي الآن هي أن أتابع الاتصال مع الولايات المتحدة ودول أخرى قبل اجتماع مجموعة السبع في 10 و11 إبريل/ نيسان بهدف تنظيم الدعم الدولي المنسق لوقف ميداني لإطلاق النار وتكثيف العملية السياسية". وقال جونسون: "تحدثت بالتفصيل عن هذه المشاريع مع وزير الخارجية (الأميركية ريكس) تيلرسون. سيتوجه هو إلى موسكو كما هو مقرر وبعد لقاء مجموعة السبع يمكنه أن يمرر هذه الرسالة الواضحة والمنسقة إلى الروس". وتابع "نأسف لدفاع روسيا المستمر عن نظام الأسد، حتى بعد الهجوم بالأسلحة الكيميائية على المدنيين الأبرياء". واعتبرت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا إلغاء الزيارة قرارا "عبثيا" معربة عن الأسف لقلة "الثبات والتناغم في السياسة الخارجية" للدول الغربية. وأضافت المسؤولة الروسية "يخيّل لي أن زملاءنا الغربيين يعيشون في واقع خاص بهم حيث يحاولون في البداية وضع مشاريع جماعية ثم يعدلونها لاحقاً من تلقاء نفسهم متذرعين بأسباب عبثية من ابتكارهم".

ونقلت صحيفة "ذا تيلغراف" البريطانية، عن وزارة الخارجية، أن الإلغاء يأتي عقب تشاور جونسون مع تيلرسون، مساء الجمعة، حول كيفية التعامل مع تطورات الأزمة مع روسيا حول سورية. ويبدو لافتاً توقيت اجتماع وزراء مجموعة الدول السبع قبل توجه تيلرسون إلى موسكو. وتتألف المجموعة من الولايات المتحدة وكندا واليابان وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا، وهي جميعها أعربت عن تأييدها للتحرك العسكري الأميركي ضد النظام السوري، وللتصعيد في وجه روسيا. في غضون ذلك، لم يخرج إعلان رسمي عن اجتماع مندوبي دول مجموعة الاتصال حول سورية، التي تتخذ من جنيف مقراً لها، والتي اجتمعت بناءً على دعوة روسية السبت برئاسة المبعوث الدولي إلى سورية، ستيفان دي ميستورا، الذي لم يعلق بعد على الضربات العسكرية الأميركية على قاعدة الشعيرات.

المساهمون