مساعٍ أوروبية لحوار بين الحكومة العراقية و"معارضة الداخل"

04 مارس 2017
يدعم الاتحاد الأوروبي المناطق المحررة من "داعش"(أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -



بعد سلسلة مؤتمرات ولقاءات جمعت أطرافاً دولية بالمعارضة العراقية في الخارج، وصل إلى بغداد الخميس الماضي وفد أوروبي لفتح قنوات حوار بين الحكومة العراقية وما اصطلح على تسميته "معارضة الداخل". وأكد سياسيون عراقيون أن الحوار سيركز على النخبة العراقية المغيبة منذ عام 2003، فيما قال برلمانيون إن الأطراف المهمشة لن تتردد بتشكيل لوبيات رأي عام محلي ودولي للحصول على حقوقها.
وكشف مصدر سياسي عراقي مطلع لـ"العربي الجديد" عن إجراء وفد يضم أعضاء وممثلين عن منظمات أوروبية معنية بالسلام سلسلة لقاءات مع مسؤولين حكوميين عراقيين في بغداد، لافتاً إلى أن الهدف الأساسي للزيارة هو فتح قنوات حوار مع المعارضة السياسية داخل العراق التي تعرضت للإقصاء منذ عام 2003. وأضاف أنه "في الوقت ذاته أجرى الوفد الأوروبي لقاءات أخرى مع شخصيات سياسية وأكاديمية، وضباط سابقين وجهات مستقلة كانت حتى وقت قريب رافضة للعملية السياسية العراقية الحالية التي نشأت في ظل الاحتلال الأميركي"، مؤكداً أن الأطراف المجتمعة كانت حريصة على سرية اجتماعاتها خشية استهدافها من قبل الأحزاب السياسية الموجودة في السلطة.
وأشار المصدر إلى أن الأوروبيين أبلغوا الأطراف المعارضة التي التقوها في بغداد بأنها يجب أن تكون ركيزة أساسية في العمل السياسي خلال المرحلة المقبلة، بسبب دورها المحوري الذي تعزز في ظل وجودها داخل العراق، لافتاً إلى التحضير لمؤتمر موسع يعقد في بغداد، تحضره شخصيات سياسية بارزة بضمانات أوروبية.
هذه الخطوة قد يُكتب لها النجاح إذا استمرت تحت الرعاية الدولية، بحسب عضو "اتحاد القوى" محمد عبدالله، الذي أكد لـ"العربي الجديد" وجود عدد كبير من المعارضين للعملية السياسية داخل العراق، "لكنهم لا يعبّرون عن توجهاتهم خشية تعرضهم للانتقام الحكومي"، مشدداً على ضرورة حصول المجتمعين على ضمانات أوروبية ودولية للحيلولة دون استهداف بعض الرموز كما كان يحصل في عهد رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي.


يشار إلى أن المالكي كان يستخدم أسلوب الإقصاء وإلقاء التهم على خصومه، وأبرز ضحاياه كان نائب الرئيس العراقي السابق طارق الهاشمي الذي وجّه له اتهامات نهاية عام 2011، ووزير المالية الأسبق رافع العيساوي الذي اتُهم بدعم الجماعات الإرهابية أواخر عام 2013. كما أرسل المالكي في سبتمبر/أيلول 2013 قوة خاصة إلى محافظة الأنبار (غرب العراق) لاعتقال النائب السابق أحمد العلواني بسبب انتقاده التدخّل الإيراني في العراق.
وأكد رئيس كتلة "متحدون" في البرلمان العراقي، ظافر العاني، أن الجيش العراقي تعرض لضغوط سياسية خلال فترة المالكي، موضحاً خلال مقابلة متلفزة أن اختيار قياداته كان يتم على أساس الولاء وليس الكفاءة. وأشار العاني إلى أن مكوّناً كبيراً من الشعب العراقي ما يزال يدفع ثمن أخطاء المرحلة الماضية، لافتاً إلى أن "السنّة يمثلون طرفاً كبيراً مهمشاً في العملية السياسية". وأضاف: "لن نتردد في يوم من الأيام بتشكيل لوبيات رأي عام دولي أو داخلي لمساعدتنا في النهوض بحقوق المهمشين"، معتبراً أن الدولة العراقية أصبحت عاجزة عن تأمين شروط المواطنة لجماهير المحافظات الغربية أو الدفاع عنهم وتأمين مصالحهم.
ويبذل الاتحاد الأوروبي جهوداً مكثفة لتقديم الدعم لسكان المناطق المحررة من سيطرة تنظيم "الدولة الاسلامية" (داعش). وقالت وزارة التخطيط العراقية إن العراق والاتحاد الأوروبي وقّعا اتفاقية مالية لتمويل عمليات إعادة الاستقرار في المناطق المحررة من "داعش" بمنحة أوروبية تبلغ نحو عشرة مليارات يورو، لمحاربة التطرف وإشاعة ثقافة الاعتدال.
وأفادت الوزارة في بيان أن الاتفاقية وقّعها عن الجانب العراقي وزير التخطيط سلمان الجميلي، وعن الاتحاد الأوروبي، رئيس قسم التعاون في الشرق الاوسط وآسيا الوسطى في الاتحاد جوف فول كوخمان، بحضور سفير الاتحاد الأوروبي في بغداد باتريك سيمونيه. وأكد كوخمان أن توقيع الاتفاقية يهدف إلى نبذ العنف الطائفي، كون هذا الأمر شيئا مهما في المنطقة، مشدداً على ضرورة الحيلولة من دون استغلال الناس في هذا المجال.
ودعا إلى جمع أفراد المجتمع مع بعضهم البعض للعمل ضد العنف الطائفي، مشيراً إلى وجود جهات يمكن أن تؤدي هذا الدور، كالحكومة، والمؤسسات الدينية، والمجتمعات. وأضاف أن "الاتحاد الأوروبي سعيد بتوقيع هذه الاتفاقية مع العراق، لكن هذه الاتفاقية تُعدّ جزءاً صغيراً من مهمتنا في العراق، إذ علينا النظر معاً إلى المستقبل".
ورأى استاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد حسان العيداني، أن رسالة الأوروبيين سواء من خلال الوفود أو الاتفاقيات واضحة، مؤكداً لـ"العربي الجديد" أن مرحلة ما بعد تنظيم "داعش" قد تشهد مفاجآت كثيرة. وأشار إلى أن تركيز الوفود الأوروبية على لقاء شخصيات معارضة للعملية السياسية، وتأكيدها ضرورة دعم المناطق المحررة، يعني أن الرأي العام الدولي بدأ يعي حجم المشكلات السياسية التي تعاني منها الكثير من المكوّنات العراقية، لافتاً إلى "وجود محاولات للحد من التمدد الإيراني في العراق، لا سيما بعد زيارة وزير الخارجية السعودي عادل الجبير إلى العراق". ورجّح العيداني أن تسير عملية إنضاج نخبة سياسية جديدة تكون نواتها من المعارضة بوتيرة متسارعة تمهيداً لإشراكها في الانتخابات البرلمانية المقبلة المقرر إجراؤها في الربع الأول من العام 2018.

دلالات
المساهمون