صناعة الكراهية في سورية

13 اغسطس 2016
النظام وقوى أجنبية تقوم بهذه الصناعة (جوزيف عيد/فرانس برس)
+ الخط -
منذ بداية الثورة السورية، عمل النظام على بث خطاب كراهية بغيض بين السوريين، من خلال وسائل إعلامه المباشرة التي بدأت تطلق أحكاماً على كل السوريين الذين يعارضون النظام، ونعتتهم بالإرهابيين لمجرد وجودهم ضمن المناطق التي تسيطر عليها المعارضة. كما قامت الجهات الأمنية التابعة للنظام بجرائم قتل وتمثيل وتعذيب بحق مواطنين سوريين بناءً على انتمائهم المناطقي أو الطائفي أو العرقي، وقامت بتصوير تلك الجرائم على شكل مقاطع فيديو، وباعتها لقنوات عربية وغربية كفيديوهات مسربة. كما قامت عبر وسائل إعلامها غير الرسمية، "الجيش الالكتروني السوري"، الذي ينشط عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بنشر تلك الفيديوهات بهدف نشر الكراهية بين مكوّنات الشعب السوري، وحث الطرف المعارض للنظام على القيام بردود فعل مماثلة تكرس الطائفية والمناطقية وتمهّد لحرب أهلية بالبلد.
إلا أن من استجاب وقام برد فعل على تلك الأفعال التي قام بها النظام، هي التنظيمات الجهادية السلفية، خصوصاً تنظيمي "داعش" و"النصرة"، وبشكل خاص المكوّن الأجنبي في هذين التنظيمين، اللذين قاما بعمليات مماثلة من القتل والتمثيل بالجثث على أساس ديني وطائفي، وحاولا تجييش الشارع السوري وبث الكراهية بين مكوّنات المجتمع السوري، من خلال نشر أغانٍ طائفية تدعو لذبح الشيعة والعلويين وإقصاء كل الآخر السوري الذي لا يواليهما.

في المقابل، استخدمت الولايات المتحدة الأميركية أداتها في شمال سورية، "وحدات حماية الشعب" الكردية الانفصالية، ومكّنتها من السيطرة على مناطق معظم سكانها من العرب والتي كان آخرها مدينة منبج، تحت اسم محاربة الإرهاب وطرد تنظيم "داعش" منها، مقابل السكوت عن تهجير تلك القوات لآلاف السكان العرب من قراهم بحجج يأتي الانتماء لـ"داعش" في مقدمتها. هذا الأمر خلق كراهية من نوع آخر بين المكوّن السوري الكردي وباقي المكوّنات السورية الأخرى، وتوريط الأكراد السوريين كأحد أطراف الحرب الأهلية التي يتم السعي لتفعيلها.

بالنظر للأطراف التي تقوم بصناعة الكراهية بين السوريين، نجد أن من يقوم بهذه الصناعة هو النظام وقوى أجنبية تأتي في مقدمتها الولايات المتحدة، فيما تُستخدم "وحدات حماية الشعب" الكردية كأداة تنفيذية، وهي ذاتها القوى التي تآمرت على الشعب السوري وثورته وتسعى لتحويل الثورة لحرب أهلية.