شرعنة الإرهاب في حلب

01 مايو 2016
محرقة حلب بتواطؤ دولي (إبراهيم أبو ليث/ الأناضول)
+ الخط -

لا تُذكّرنا المحرقة التي تنفذها طائرات الحقد الأسدية بحق مدينة حلب، بشيء يمكن المقارنة به أو القياس عليه، لأنها الأفظع والأكثر حقداً من كل الجرائم التي حصلت بحق الإنسانية، ولأنها حصلت بتواطؤ دولي لم يشهد له مثيل، فما بشّر به رئيس وزراء الأسد، وائل الحلقي، من عملية مشتركة مع الروس في مدينة حلب، يُترجم الآن في المدينة، على شكل حرب إبادة جماعية تقتل البشر وتدمر المباني والمنشآت الحيوية وتدمر الآثار التاريخية لأقدم مدينة مأهولة في التاريخ.
الأمر الذي لا يقبله عقل في هذه المحرقة هو الاستراتيجية المتبعة من قبل الروس والنظام في تنفيذها، والتي اعتمدت على البدء بضرب مراكز الخدمة الإنسانية التي من شأنها التخفيف من المخاطر على المواطنين المدنيين في المدينة. فكان أول الأهداف مراكز الدفاع المدني والمستشفيات، وبدأت من مستشفى للأطفال والتوليد، فتمكّنت من قتل طواقم للدفاع المدني وعدد من الأطباء، وقضت على بعض الاختصاصات الطبية بشكل كامل في حلب بقتلها آخر طبيب أطفال فيها. كما قتلت المرضى في المستشفيات من نساء وأطفال، لتتجه بعدها إلى تدمير البيوت على رؤوس ساكنيها، وكأن الهدف ليس التمهيد لدخول المدينة دون مقاومة، وإنما لدخولها أرضاً محروقة دون سكان.
جرت كل هذه الفظائع في حلب في الوقت الذي يتفرّج فيه المجتمع الدولي عليها وهي تحترق دون أدنى موقف، يدين ما يجري، فيما صدر تصريح مخجل عن رئيس أكبر دولة في العالم، باراك أوباما، يطلب فيه من روسيا أن تستخدم نفوذها على النظام وترجوه أن يخفف من العنف قليلاً في حلب، علماً أن مهمة كل من الولايات المتحدة وروسيا التي حددتاها لنفسيهما هي مراقبة هدنة ما سمي بوقف الأعمال العدائية في سورية وردع من يخرقها.
وفي الوقت الذي تحترق فيه حلب، اتفق الأميركيون والروس على فرض هدنة في دمشق واللاذقية، كي يُمكّنا النظام من تركيز جهوده في تدمير حلب. فيما جاء الرد الروسي على طلب الأميركيين، على لسان نائب وزير خارجيتها، بأن روسيا لا ترى ضرورة للطلب من النظام إيقاف عملياته في حلب، الأمر الذي يظهر شرعنة دولية لإرهاب أسوأ ألف مرة من إرهاب "داعش".
المساهمون